صنفت الحكومة التونسية، الزراعة ضمن القطاعات ذات الأولوية في مخطط التنمية القادم، معوّلة على الإصلاحات التي تعتزم القيام بها لدعم الناتج المحلي الإجمالي للدولة عبر الرقعة الخضراء.
وأعلنت الحكومة، أخيرا، ضمن حزمة القرارات التي اتخذتها لفائدة الشباب العاطل عن العمل، عن تمكين طالبي الشغل من مقاسم زراعية من الأراضي الاشتراكية المملوكة للدولة.
والأراضي الاشتراكية، هي تلك التي تملكها الدولة منذ تأميمها في سبعينيات القرن الماضي، وهي أراض تابعة للدولة، ولكن ليس لها وثائق قانونية الإثبات، كونها كانت مملوكة لأشخاص قبل التأميم.
ويقدر الرصيد العقاري للأراضي الاشتراكية المملوكة للدولة في تونس بنحو ستة ملايين هكتار منها نحو مليوني هكتار صالحة للزراعة، غير أن الوضعية العقارية المتشعبة لهذه الأراضي جعلت استغلالها في الدورة الاقتصادية شبه مستحيل في غياب سندات قانونية حول ملكية هذه الأراضي.
وترفض المصارف تمويل المشاريع الزراعية المقامة على الأراضي الاشتراكية، لغياب سندات قانونية يمكن استعمالها كوثائق لرهن العقارات مقابل القروض التمويلية.
وتسعى الحكومة إلى تغيير الإطار القانوني لهذه الأراضي، لتسهيل استغلالها في المشاريع الزراعية التي تنوي إطلاقها لصالح الشباب في المحافظات الأقل تنمية.
وأكد رئيس اتحاد الفلاحين، عبد المجيد الزار، تأييده لمقترح الحكومة بتحويل الأراضي الدولية إلى شركات تعاونية لفائدة أصحاب الشهادات العليا العاطلين من أجل خلق فرص شغل.
واعتبر الزار، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن الحلول التي تبحث عنها الحكومة في المجال الزراعي إيجابية، لافتا إلى أن الفلاحة التونسية تشكو من تشتت الأراضي وضعف القدرة التمويلية للمزارعين، وهو ما أدى إلى إضعاف القدرة الإنتاجية للقطاع عموما، مقترحا البحث عن صيغة لبعث شركات أو تعاونيات زراعية وتمكين أصحاب الشهادات العليا من الاستثمار فيها. وقال إن حجم خسائر الفلاحين ارتفع إلى نحو 450 مليون دينار (225 مليون دولار).
اقرأ أيضاً: مخاوف من ارتفاع أسعار محاصيل تونس
وشرعت الحكومة منذ يونيو/حزيران الماضي في تنظيم استشارات في كل المحافظات لبحث سبل رفع القيود على رصيد ضخم من الأراضي العقارية التي بقيت خارج الدورة الاقتصادية لصعوبة التصرف بها بسبب وضعيتها القانونية المعقدة.
وتواجه الأراضي الاشتراكية العديد من العراقيل سواء عند تصفيتها أو التصرف فيها في جميع مراحل الإسناد، ومنها عدم معرفة المجالس الجهوية لصلاحياتها القانونية في كيفية التصرف في هذه الأراضي، إضافة إلى استحالة الحصول على رسوم ملكية لهذه العقارات تخوّل لمستغليها التعامل مع المؤسسات المصرفية للحصول على قروض ومنح فلاحية.
ويعتبر القاضي العقاري ورئيس مركز تونس للقانون العقاري والتعمير، منير الفرشيشي، أن إعلان الحكومة رفع الحظر عن الأراضي الزراعية الاشتراكية وتسوية وضعيتها القانونية أمر إيجابي من أجل دفع التنمية في هذه المحافظات الداخلية.
وقال الفرشيشي، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن الوضعية العقارية المستعصية للأراضي الاشتراكية غالبا ما تكون سببا في تعطل مئات المشاريع وخسارتها وهروب المستثمرين إلى مناطق أخرى أو إلى دول مجاورة منافسة لتونس.
في المقابل، حذر رئيس المنتدى القضائي للقانون والعدالة والأمن عمر السيفاوي في تصريحات إعلامية من خطورة ما سيترتب على قرار رفع الصبغة الاشتراكية عن الأراضي الدولية وتحويلها إلى أراض خاصة.
وأوضح السيفاوي أن هذا القرار سيؤدي حتما إلى حرب أهلية ومصادمات في محافظة القصرين وسيجعل القوي وصاحب النفوذ في الجهة أكثر نفوذا وسيطرة، بخاصة أنه سيحاول فرض سيطرته على تلك الأراضي ولن تحقق العدالة الاجتماعية المراد تحقيقها.
وكشفت بيانات المصرف المركزي، أول من أمس الخميس، عن أن الاقتصاد التونسي شهد خلال سنة 2015 تراجعا في مختلف الأنشطة، باستثناء القطاع الفلاحي، وهو ما يعكس وجود صعوبات هيكلية وجبت معالجتها بالتسريع في نسق تنفيذ الإصلاحات الكبرى الضرورية.
وشدد المصرف المركزي على ضرورة تضافر جهود جميع الأطراف الفاعلة لتكريس مناخ ملائم للاستثمار ودفع التنمية وبالتالي تحسين مختلف المؤشرات الاقتصادية والمالية.
ومن المنتظر أن يسجل نشاط الفلاحة والصيد البحري وفق البيانات ذاتها تباطؤا خلال موسم 2015-2016 بالتوازي مع تراجع إنتاج وتصدير زيت الزيتون بعد الإنتاج القياسي المسجل في الموسم السابق.
اقرأ أيضاً:
الأمطار تبدد مخاوف المزارعين في تونس
خطة تونسية لكبح ارتفاع أسعار السلع