أكد خبراء اقتصاد لـ"العربي الجديد"، أن الكويت تواجه صعوبات بالغة في ما يتعلق ببرنامج الخصخصة الذي أقرته الحكومة. وأشاروا إلى أن الخصخصة تحتاج إلى تفعيل الإدارة الاقتصادية وتوفير الظروف المناسبة لتطبيقها.
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي، عبدالوهاب الوزان، إن قرار خصخصة أكبر 3 جهات حكومية في البلاد سيواجه 4 عقبات وهي: البيروقراطية الحكومية ودورة الخصخصة المعقدة وترهل وقصور بعض القوانين وعدم الاستقرار الاقتصادي بسبب تهاوي أسعار النفط.
وأضاف الخبير الاقتصادي، لـ"العربي الجديد"، أن غياب خطة حقيقة قابلة للتنفيذ سيساهم في تعطيل تنفيذ مشروع خصخصة المشاريع الحكومية.
وشدّد الوزان، على ضرورة تخصيص جهة حكومية تكون متابعة لتذليل هذه العوائق وإنهائها في فترة زمنية معينة.
وتراجعت الدولة بضغط من مجلس النواب عن المضي قدماً في خطة خصخصة الخطوط الكويتية التي تمنى بخسائر سنوية كبيرة، وذلك تحت ضغط شعبي ونيابي ضمن عدة قرارات مهمة لإصلاح الاقتصاد والتأقلم مع هبوط أسعار النفط.
وكانت الخطة تقضي بطرح 40% من أسهم الخطوط الكويتية للاكتتاب العام وبيع 35% لمستثمر للأجل الطويل، بينما تحتفظ الحكومة بنسبة 25% وذلك وفقاً للقانون الذي أقره البرلمان في عام 2008.
وقال وزير المالية الكويتي، أنس الصالح، أول من أمس، إن الحكومة تدرس حالياً خصخصة مطار الكويت والهاتف الأرضي والبريد، مبيناً أن 40% من أي مرفق سيتم خصخصته سيطرح للاكتتاب العام للمواطنين.
وأقر مجلس الوزراء الكويتي برنامج إصلاح حكومي في 14 مارس/آذار الماضي أطلق عليه (وثيقة الإصلاح الحكومية) وجاءت من 6 محاور، منها تفعيل مشاركة المواطنين في تملك المشروعات التي تتم خصخصتها بحصة تصل إلى 40% وإصلاح سوق العمل ونظام الخدمة المدنية بهدف تطبيق العدالة بين العاملين والتخلص من التفاوت بين رواتب المهنة الواحدة ويحسن الأداء الوظيفي ويرفع كفاءة القطاع العام من خلال ربط الأجر بالإنتاجية. وكلف المجلس وزير المالية بالإشراف على تنفيذ تلك الإصلاحات المستحقة.
وأضاف أن عملية الإصلاح الاقتصادي ضرورية لصون مستقبل البلاد، مشيراً إلى أن الحكومة تعاونت وتشاورت مع جميع الأطراف المعنية في كل خطوة من عملية الإصلاح وستواصل ذلك لضمان تطبيقها على النحو الصحيح. وأكد الوزير أن مستقبل الكويت سيكون زاهراً شريطة الاستمرار في تنفيذ ملف الإصلاح.
ويرى الخبير الاقتصادي، محمد الهاجري، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن هناك عدم كفاءة في الإدارة السياسية والاقتصادية لدى الدولة، مما يجعل من الصعب تمرير بعض السياسات الاقتصادية التي تعتبرها الحكومة إصلاحات اقتصادية حيث تعطل هذه الخطط عندما تصطدم بأول معارضة.
وقدم نواب كويتيون قبل حل مجلس الأمة الكويتي استجواباً ضد وزير المالية وزير النفط بالوكالة أنس الصالح، يدور حول ثلاثة محاور تتعلق بشكل أساسي ببرنامج الإصلاح الاقتصادي. وتتهم صحيفة الاستجواب الوزير "بسوء الإدارة والعشوائية إضراراً بمصالح المواطنين متمثلة في الزيادة غير المدروسة أو المبررة لأسعار الوقود، والتفريط في حماية مصادر النفط وضياع ثروات البلاد. وافتقاد المصداقية في التعاون مع أعضاء مجلس الأمة".
من جهته، قال الخبير الاقتصادي مهند الحمر، لـ"العربي الجديد"، إن الوزير لم يكن مقنعاً في حديثه عن الوثيقة الاقتصادية "وحاول التدليس على الشعب في موضوع العجز لأن الكويت تملك أصولاً استثمارية ضخمة تستطيع بأرباحها سد أي عجز محتمل مع أنه قد لا يوجد عجز حال القيام بترشيد إنفاق المؤسسات الحكومية وعلى رأسها راتب الوزير نفسه وليس عن طريق فرض الضرائب وزيادة أسعار الوقود وخصخصة المشاريع الحكومية بالكامل وتحويلها للقطاع الخاص".
وأضاف أن أحد محاور وثيقة الإصلاح الاقتصادي الستة هي مساهمة القطاع الخاص في الإصلاح الاقتصادي، هي بيع كافة الشركات المملوكة للدولة وعلى رأسها وزارة الكهرباء والماء وأربع شركات نفطية وهذا أمر مذكور في الوثيقة الاقتصادية التي حاول الوزير تسويقها على الشعب، لكنه لم يذكر ذلك خوفاً من ردود الفعل.
وقال المحلل في سوق الكويت للأوراق المالية، عايض العتيبي، لـ"العربي الجديد"، إن الشيطان يكمن في التفاصيل، فالوثيقة في بنودها العريضة يراد بها تطوير الاقتصاد والقضاء على العجز، ولكن في تفاصيلها الصغيرة يتوضح أن الأمر لا يعدو عن كونه افتعال عجز في الميزانية لغاية معينة، وهي بيع المؤسسات الحكومية لصالح كيانات تجارية كبيرة.
وأضاف أن "أكبر دليل على أن الوثيقة لا تهتم بأسعار النفط أن بداية صياغتها كان في العام 2013 باعتراف الوزير نفسه أي قبل الأزمة النفطية، فلماذا كانت تصاغ آنذاك برغم وجود الفوائض وارتفاع سعر النفط؟"