وجه البنك الدولي، أخيراً، مذكرة إلى الحكومة التونسية تضمنت جملة من الملاحظات حول المنظومة الاجتماعية التي تنتهجها الدولة، معتبراً أن إصلاح هذه المنظومة يجب أن يسبق جميع الإصلاحات المفروضة على الاقتصاد التونسي.
وفي هذا السياق، حذرت منظمات مجتمع مدني وأحزاب من تطبيق شروط المؤسسة الدولية للحصول على قروض، بشكل موجع على التونسيين، بحيث يتوقع حدوث ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات، ما يفاقم الأزمات المعيشية للمواطنين، إلا أنهم وجهوا انتقادات حادة لمنظومة الدعم بصيغتها الحالية التي تكرس مبدأ عدم المساواة.
وأكد البنك الدولي، في مذكرته، أن تونس تحتاج إلى تعزيز الحماية الاجتماعية للفئات الهشة والفقيرة، منتقداً استفادة الفئات الميسورة من الدعم الحكومي، مما أدى إلى تفاقم الفجوة بين المواطنين والتوتر الاجتماعي.
وتنتاب الشارع التونسي مخاوف عديدة من أن يؤدي إلغاء الدعم إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الأساسيّة، فيما ترفض أحزاب سياسية ممثلة في البرلمان (اليسار العمالي) أية إصلاحات في اتجاه رفع الدعم، معتبرة أن حماية الطبقات الضعيفة خط أحمر لا يمكن تجاوزه.
ويعتبر نائب البرلمان، جيلاني الهمامي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن الإفراط في الاقتراض الخارجي جعل البلاد رهينة لإملاءات البنك الدولي وغيره من مؤسسات القرض العالمي، لافتاً إلى أن تونس فقدت سيادة القرار الوطني، وفق تعبيره.
اقــرأ أيضاً
وأضاف الهمامي، أن رفع الدعم يعني "الإجهاز" على الطبقات الضعيفة والنزول بالطبقة الوسطى إلى خط الفقر، مؤكداً أن أي تغيير في السياسة الاجتماعية للبلاد يجب أن يكون مدروس العواقب ويحظى بإجماع كافة الأطراف الحزبية ومنظمات المجتمع المدني.
في المقابل، تشدد منظمة الدفاع عن المستهلك على ضرورة أن تشمل قاعدة البيانات الخاصة بالفئات المستهدفة الشرائح الاجتماعية الوسطى، التي لم تعد قادرة على مجابهة مؤشرات التضخم وارتفاع الأسعار بفعل انهيار طاقتها الشرائية. هذا فضلا، بطبيعة الحال، عن الفئات المعوزة التي تمثل 235 ألف عائلة تحت عتبة الفقر، فضلا عن 400 ألف عامل لا يتجاوز دخلهم الشهري 400 دينار، أي ما يعادل 200 دولار.
كما تمسك المنظمة باحتساب الشريحة التي يتراوح راتبها الشهري بين 700 و1000 دينار ضمن الأسر المستهدفة، أي ما بين 350 و500 دولار، مؤكدة أن هذه الشريحة باتت مستهدفة بالفقر.
وتشير النتائج التي أفرزها المسح الوطني حول استهلاك الأسر وإنفاقها إلى أن الطابع الشمولي لدعم المواد الغذائية يحد من نجاعة هذه الأداة باعتبارها آلية لمكافحة الفقر، حيث أن الفقراء الذين يمثلون قرابة 15.5% من مجموع السكان في تونس، لا يستفيدون إلا من 12% فقط من جملة المخصصات المرصودة للدعم.
وأكد مكتب الاستشارات للبنك الدولي، في تقرير سابق، أن تونس مقدمة على إصلاح منظومة الدعم الذي يتطلب حماية الأسر ضعيفة الحال من الآثار، التي قد تترتب على هذه الخطوة.
وأوضح البنك الدولي أن الإصلاحات ستكون موجعة وتتطلب إعداد التدابير الاجتماعية المخففة، التي من شأنھا حماية الفئات الفقيرة والھشة، مع اعتماد مساعدات وتحويلات موجھة لبعض القطاعات وإعفاءات ضريبية وأسعار تفاضلية للطاقة، ودعم تشغيل العملة ذات الوضعيات الصعبة.
ويقوم النموذج الحالي الذي تعتمده تونس منذ الاستقلال على الدعم الموجه للمواد الغذائية والمحروقات بصورة غير محددة للفئات المستحقة، مما جعل نسبة مهمة من الدعم الحكومي تذهب إلى ميسوري الحال، من دون أن تتحقق للطبقات الضعيفة أية استفادة.
وانطلقت الحكومة تحت ضغط دوائر القرار المالي العالمي منذ 2013 في إعداد قاعدة بيانات حول الأسر المستحقة للدعم، مع دراسة الآليات التي سيتم عبرها تعويض المستحقين في مرحلة ما بعد رفع الدعم، فيما يعتبر أغلب المراقبين للوضع الاقتصادي أن العملية التعويضية المتمثلة في التحويلات المالية ھي الخيار الأفضل من ناحية النجاعة على مستوى الإدارة والشفافية، وتعتمد الحكومة على نظام التحويلات المعروف بالبرنامج الوطني لإعانة العائلات الفقيرة.
ومن زاوية أخرى، يصف الخبير الاقتصادي، محمد الجراية، لـ"العربي الجديد"، برنامج الدعم الذي سيقدمه البنك الدولي لتونس على امتداد السنوات الخمس المقبلة بالمهم جداً، مشيراً إلى أن هذه القروض ستكون مشروطة بالإصلاحات الاقتصادية العاجلة، وبتوجيه الاعتمادات نحو المشاريع الاستثمارية، وهذا هو الأهم، وفق تعبيره.
وتحتاج تونس، هذا العام، إلى تمويل خارجي حجمه ثلاثة مليارات دينار، أي نحو 1.5 مليار دولار، وفق تصريحات سابقة لوزير المالية، سليم شاكر.
وأعلن البنك الدولي، نهاية العام الماضي، أنه سيقدم قروضاً مالية لتونس بنحو مليار دولار سنوياً، في الأعوام الخمسة المقبلة.
اقــرأ أيضاً
وأكد البنك الدولي، في مذكرته، أن تونس تحتاج إلى تعزيز الحماية الاجتماعية للفئات الهشة والفقيرة، منتقداً استفادة الفئات الميسورة من الدعم الحكومي، مما أدى إلى تفاقم الفجوة بين المواطنين والتوتر الاجتماعي.
وتنتاب الشارع التونسي مخاوف عديدة من أن يؤدي إلغاء الدعم إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الأساسيّة، فيما ترفض أحزاب سياسية ممثلة في البرلمان (اليسار العمالي) أية إصلاحات في اتجاه رفع الدعم، معتبرة أن حماية الطبقات الضعيفة خط أحمر لا يمكن تجاوزه.
ويعتبر نائب البرلمان، جيلاني الهمامي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن الإفراط في الاقتراض الخارجي جعل البلاد رهينة لإملاءات البنك الدولي وغيره من مؤسسات القرض العالمي، لافتاً إلى أن تونس فقدت سيادة القرار الوطني، وفق تعبيره.
وأضاف الهمامي، أن رفع الدعم يعني "الإجهاز" على الطبقات الضعيفة والنزول بالطبقة الوسطى إلى خط الفقر، مؤكداً أن أي تغيير في السياسة الاجتماعية للبلاد يجب أن يكون مدروس العواقب ويحظى بإجماع كافة الأطراف الحزبية ومنظمات المجتمع المدني.
في المقابل، تشدد منظمة الدفاع عن المستهلك على ضرورة أن تشمل قاعدة البيانات الخاصة بالفئات المستهدفة الشرائح الاجتماعية الوسطى، التي لم تعد قادرة على مجابهة مؤشرات التضخم وارتفاع الأسعار بفعل انهيار طاقتها الشرائية. هذا فضلا، بطبيعة الحال، عن الفئات المعوزة التي تمثل 235 ألف عائلة تحت عتبة الفقر، فضلا عن 400 ألف عامل لا يتجاوز دخلهم الشهري 400 دينار، أي ما يعادل 200 دولار.
كما تمسك المنظمة باحتساب الشريحة التي يتراوح راتبها الشهري بين 700 و1000 دينار ضمن الأسر المستهدفة، أي ما بين 350 و500 دولار، مؤكدة أن هذه الشريحة باتت مستهدفة بالفقر.
وتشير النتائج التي أفرزها المسح الوطني حول استهلاك الأسر وإنفاقها إلى أن الطابع الشمولي لدعم المواد الغذائية يحد من نجاعة هذه الأداة باعتبارها آلية لمكافحة الفقر، حيث أن الفقراء الذين يمثلون قرابة 15.5% من مجموع السكان في تونس، لا يستفيدون إلا من 12% فقط من جملة المخصصات المرصودة للدعم.
وأكد مكتب الاستشارات للبنك الدولي، في تقرير سابق، أن تونس مقدمة على إصلاح منظومة الدعم الذي يتطلب حماية الأسر ضعيفة الحال من الآثار، التي قد تترتب على هذه الخطوة.
وأوضح البنك الدولي أن الإصلاحات ستكون موجعة وتتطلب إعداد التدابير الاجتماعية المخففة، التي من شأنھا حماية الفئات الفقيرة والھشة، مع اعتماد مساعدات وتحويلات موجھة لبعض القطاعات وإعفاءات ضريبية وأسعار تفاضلية للطاقة، ودعم تشغيل العملة ذات الوضعيات الصعبة.
ويقوم النموذج الحالي الذي تعتمده تونس منذ الاستقلال على الدعم الموجه للمواد الغذائية والمحروقات بصورة غير محددة للفئات المستحقة، مما جعل نسبة مهمة من الدعم الحكومي تذهب إلى ميسوري الحال، من دون أن تتحقق للطبقات الضعيفة أية استفادة.
وانطلقت الحكومة تحت ضغط دوائر القرار المالي العالمي منذ 2013 في إعداد قاعدة بيانات حول الأسر المستحقة للدعم، مع دراسة الآليات التي سيتم عبرها تعويض المستحقين في مرحلة ما بعد رفع الدعم، فيما يعتبر أغلب المراقبين للوضع الاقتصادي أن العملية التعويضية المتمثلة في التحويلات المالية ھي الخيار الأفضل من ناحية النجاعة على مستوى الإدارة والشفافية، وتعتمد الحكومة على نظام التحويلات المعروف بالبرنامج الوطني لإعانة العائلات الفقيرة.
ومن زاوية أخرى، يصف الخبير الاقتصادي، محمد الجراية، لـ"العربي الجديد"، برنامج الدعم الذي سيقدمه البنك الدولي لتونس على امتداد السنوات الخمس المقبلة بالمهم جداً، مشيراً إلى أن هذه القروض ستكون مشروطة بالإصلاحات الاقتصادية العاجلة، وبتوجيه الاعتمادات نحو المشاريع الاستثمارية، وهذا هو الأهم، وفق تعبيره.
وتحتاج تونس، هذا العام، إلى تمويل خارجي حجمه ثلاثة مليارات دينار، أي نحو 1.5 مليار دولار، وفق تصريحات سابقة لوزير المالية، سليم شاكر.
وأعلن البنك الدولي، نهاية العام الماضي، أنه سيقدم قروضاً مالية لتونس بنحو مليار دولار سنوياً، في الأعوام الخمسة المقبلة.