كان قرار ملك المغرب، محمد السادس، بإلغاء تأشيرة دخول الصينيين إلى المملكة مفاجئا للجميع، فقد أنعش الآمال بأن يساهم في تدفق سياح ذلك العملاق الآسيوي على المملكة.
كان ذلك أهم خبر أثار انتباه المراقبين في المغرب، خلال الزيارة التي يقوم بها العاهل المغربي للصين، وهو خبر أعقبه أول من أمس الخميس توقيع اتفاقية شراكة بين المكتب الوطني المغربي للسياحة وجمعية منظمي السفر الصينيين، ما يعني أن ذلك البلد الأسيوي سيصبح في قلب سياسة المغرب، الرامية إلى تنويع الأسواق السياحية، وعدم الاكتفاء بالأسواق التقليدية.
ويقول مسؤولون في المغرب، إن تحقيق الخطة التي ترمي إلى استقطاب نحو 20 مليون سائح بحلول 2020، مقارنة مع نحو عشرة ملايين سائح في العام الماضي 2015، يقتضي البحث عن أسواق مصدرة جديدة، لا سيما السوق الفرنسية التقليدية التي تمثل نسبة 35% من السياح الوافدين إلى المغرب.
وأكد المدير العام للمكتب الوطني المغربي للسياحة، عبد الرفيع زويتن، مساء أول من أمس، أن الاتفاقية التي وقعت مع جمعية منظمي السفر الصينيين، ستعود بالنفع الكبير على السياحة الوطنية، التي ستستفيد، أيضا من إلغاء التأشيرة لفائدة المواطنين الصينيين.
ولاحظ فوزي الزمراني، الرئيس السابق لفيدرالية وكالات الأسفار بالمغرب، في تحليل نشره في مدونته الخاصة، أن السياح الصينيين الراغبين في زيارة المغرب، يجدون أنفسهم في غياب رحلات مباشرة، مجبرين على العبور عبر دبي أو إسطنبول أو باريس، بما يرافق طول تلك الرحلة من تعب وصعوبات.
ويأتي إعفاء الصينيين من التأشيرة كي يعالج مشكلة كانت تعاني منها شركات السياحة السفر، فقد أوضح الزمراني، أن طلب الحصول على التأشيرة في بعض الأحيان يصل إلى ثلاثة أسابيع بالنسبة لفوج سياحي يتكون من 100 شخص، هذا ما يدفع في بعض الأحيان إلى إلغاء الرحلات السياحية نحو المملكة.
وذهب زويتن بعد توقيع الاتفاقية مع منظمي الرحلات السياحية الصينيين، إلى أن الجهود المقبلة ستركز على تسيير رحلات مباشرة بين البلدين من أجل تعزيز دينامية التدفق السياحي انطلاقا من الصين.
ويعتبر فاعلون في قطاع السياحة أنه يفترض في المغرب حل مشكل النقل الجوي، عبر رحلات مباشرة في اتجاه الصين، علما أن المغرب عمل على معالجة مشكلة طول المسافة عبر شراكة بين الخطوط الملكية المغربية والخطوط القطرية.
وكان وزير السياحة، لحسن حداد في نهاية العام الماضي، عن نية المغرب، في جذب 100 ألف سائح صيني بحلول العام 2020، غير أن من المراقبين مَن اعتبر أنه بعد إلغاء التأشيرة، يفترض المراهنة على أعداد أكبر من السياح الصينيين.
ويعول المغرب على جذب الطبقة الوسطى الصينية التي تتطلع للسفر واستكشاف عوالم جديدة، علما أن أولئك السياح، لا يسافرون بشكل فردي، بل في إطار مجموعات، ما يقتضي تقديم عرض يراعي هذه الخاصية.
ويتطلع المغرب إلى جذب السياح الصينيين الذين يتجهون إلى فرنسا وإسبانيا، عبر إقناع الشركات السياحية في هذين البلدين من أجل تنظيم رحلات لأولئك السياح نحو المغرب.
ويعتبر السوق الصيني أول مصدر للسياح في العالم، حيث زار العالم في عام 2014 مثلا أكثر من 100 مليون سائح صيني، أنفقوا 163 مليار دولار، حيث يبذل السائح الصيني من أجل السفر أكثر مما يصرفه السائح الأوروبي.
ولم يتعدّ عدد السياح الصينيين الذين زاروا المغرب في العام الماضي 10 آلاف سائح، وذلك بسبب غياب سياسة للترويج والرحلات المباشرة، وعدم توفير تسهيلات للحصول على التأشيرة، وعدم إعداد مرشدين يتكلمون اللغة الصينية، كما يوضح ذلك، فوزي الزمراني.
ويتطلع المغرب إلى تنويع الأسواق السياحية، عبر التوجه أكثر نحو أسواق تركيا والصين والهند والحضور أكثر في السوق الإسكندنافية، وعدم الارتهان فقط للأسواق التقليدية، خاصة أن السوق الفرنسية تمثل 35% من السياح الوافدين إلى المغرب.
وتمثل السياحة ما بين 6 و7% في الناتج الإجمالي المحلي بالمغرب، الذي يتطلع إلى جذب 20 مليون سائح سنويا خلال الخمسة أعوام المقبلة، وهو هدف يخشى أن يتأثر بحالة عدم الاستقرار التي تعرفها المنطقة العربية.
وينتظر أن ينشئ المكتب الوطني للسياحة، مكاتب جديدة له على الصعيد الدولي، ويعول أكثر على فتح مكتب في تركيا التي تصدر 13 مليون سائح نحو العالم سنوياً.
كما يراهن المكتب الوطني المغربي للسياحة، في اتجاه آخر، على جذب سياح من البلدان الصاعدة مثل روسيا وبولونيا والبلدان الإسكندنافية.