كشف الجهاز المركزي للإحصاء في السودان أن معدل التضخم السنوي في البلاد ارتفع إلى 30.47% في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مقارنة بـ29.49% في نوفمبر/ تشرين الثاني، نتيجة ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة بعد خفض الدعم الحكومي.
ويواصل معدل التضخم ارتفاعه منذ إبريل/نيسان من العام الماضي، بواقع 12.85% نتيجة انفلات أسعار جميع السلع الاستهلاكية الضرورية والخدمات.
وارتفعت تبعاً لذلك أسعار مواد البناء والدقيق واللحوم نتيجة للإجراءات الاقتصادية الأخيرة التي اتخذتها وزارة المال والقاضية برفع الدعم عن المحروقات، ما أثر بصورة كبيرة على مجمل الأنشطة في الأسواق.
وعزا خبراء اقتصاد ارتفاع التضخم إلى زيادة تكاليف الاستيراد وتدهور سعر الصرف، فضلاً عن الظروف الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد داخلياً.
وبحسب الخبير الاقتصادي ميرغني أبن عوف، فإن ارتفاع الأسعار خلف ضعفا كبيرا في القدرة الشرائية للبلاد، الأمر الذي أدى الى ارتفاع العرض مقابل محدودية الطلب.
ووفق الخبراء، فإن ارتفاع معدل التضخم وتدني المردود الاقتصادي، سببه تأثر السودان بانفصال الجنوب في العام 2011، وفقدان ثلاثة أرباع إنتاج البلاد من النفط، الذي كان يعد المصدر الرئيس للعملة الصعبة الضرورية لدعم الجنيه السوداني وتمويل واردات مثل الأغذية وغيرها.
ورأى الخبير الاقتصادي عبد الوهاب بوب، أن انفصال جنوب السودان في العام 2011، وخروج النفط أحدث فجوة في حجم الصادرات، ما خلق أزمة التضخم.
واعتبر بوب أن الارتفاع المتواصل في معدل التضخم أمر متوقع بسبب السياسات الاقتصادية العامة للدولة، وانخفاض معدلات الإنتاج الحقيقي لقطاعي الزراعة والصناعة.
وبحسب بوب، فإن الحكومة غير قادرة على اتخاذ إجراءات إصلاحية حقيقية، على اعتبار أن الاقتصاد القومي لم يخرج حتى الآن من "المرض الهولندي"، وهو الاعتماد على مصدر واحد للصادرات.
إلا أن المحلل المالي فياض حمزة، أرجع ارتفاع التضخم إلى السياسات الضريبية والجمركية وطباعة العملة وضعف المرتبات وضيق التوظيف بسبب قلة الاستثمارات.
ودعا فياض إلى تفعيل العملية الإنتاجية، ومراقبة الإنتاج، باعتبار أن نمو الاقتصاد يأتي من خلال الإنتاج، خاصة في ظل المرحلة المقبلة التي بدأت تتدفق من خلالها بعض القروض والمنح والودائع.