تطرح صور الإعلانات الكبيرة في العاصمة العراقية بغداد، التي تُعرف بمنتجات سعودية مختلفة، تساؤلات حول مدى إمكانية أن يكون الضيف الجديد للسوق العراقية قادراً على منافسة المنتجات التركية والإيرانية والصينية، التي تحكم قبضتها على السوق منذ نحو 14 عاماً بلا منازع، رغم الحضور المصري والأردني والكويتي في هذا البلد.
ووقعت السعودية والعراق اتفاقاً مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، ينص على استئناف التجارة والتبادل الشامل للسلع عبر منفذ عرعر الحدودي بين البلدين بشكل مباشر والسماح للشركات السعودية المصنعة بافتتاح فروع لها في بغداد.
وانتهى معرض بغداد الدولي، الذي شاركت به 60 شركة سعودية مختلفة، مطلع هذا الشهر، بتوقيع عقود واتفاقيات مع العراقيين بمبالغ تصل إلى ملياري يال سعودي (533.3 مليون دولار)، وفقاً لمصادر سعودية تجارية، من بينها شركات الحديد والصلب والإسمنت والفوسفات والأجهزة الكهربائية والصناعات الغذائية مثل المراعي والربيع فضلاً عن شركات ملابس وسجاد وغيرها إضافة الى شركات تجميع سيارات وإلكترونيات وشركات إنشاء.
وقبل ذلك التاريخ كانت البضائع السعودية، تصل العراق على نحو محدود عبر الكويت من خلال تجار عراقيين وكويتيين يتم شراؤها من السوق الكويتية أصلاً لتوريدها إلى العراق وغالبيتها منتجات غذائية.
ومن المقرر وفقاً للاتفاق أن يتم استئناف التجارة عبر منفذ عرر مطلع ديسمبر/كانون الأول المقبل بعد تأجيله ثلاث مرات بسبب تهالك الطرق والبنى التحتية للمعبر الذي دامت فترة إغلاقه لأكثر من 27 عاماً، قبل أن يتم إعادة فتحه في أغسطس/ آب الماضي.
ويرى مسؤولون عراقيون وخبراء اقتصاد، أن "البضائع السعودية ستدخل يتيمة"، فهي عوضاً عن كونها متأخرة بالسوق العراقية فإنها غير معروفة ولا يمكن لتجار الجملة أن يقامروا بتغيير وجهاتهم التجارية بسرعة، فضلاً عن أنها مرتفعة الثمن مقارنة بالبضائع الأخرى التي وجدت طريقة لتقاسم نفوذها بالعراق، والتنافس في الأسعار واحتكار كبار التجار ووكالات التصدير لها، وهو ما سيجعل الشركات السعودية أمام خيار وحيد يتمثل في خفض الأسعار إلى حد الخسارة لإيصال منتجاتها للأرصفة ورفوف المحال التجارية.
ويقول مستشار رئيس غرفة التجارة العراقية طالب المعموري لـ"العربي الجديد" إن "البضائع السعودية جيدة مقارنة بالصينية والإيرانية، لكن السوق العراقية لا تتحمل بضائع مرتفعة الأسعار، بسبب دخل المواطن وتعوده على منافذ وبضائع معروفة سلفاً لديه".
ويضيف المعموري :" الثقل السياسي للدول المصدرة للعراق حالياً يلعب أيضاً دوراً في حماية بضائع هذه الدول والحفاظ على استمرار رواجها، وبشكل عام نرحب بدخول السلع السعودية السوق العراقية لكن على شركاتها ألا تتوقع الكثير.
سلع كمالية
ويقول مسؤول عراقي مقرب من رئيس الوزراء، حيدر العبادي، إن "البضائع السعودية لن تكون منافساً بقدر ما ستكون بضائع كمالية زائدة، فكل ما ستفكر الشركات السعودية بإدخاله للعراق موجود سلفاً، لذا سيبقى موضوع السعر عاملاً حاسماً".
ويضيف المسؤول في حديث لـ "العربي الجديد": "يمكن شراء لتر من الحليب التركي بقيمة 500 دينار (نحو نصف دولار) بجودة عالية، بينما منتجات المراعي السعودية بقيمة دولار، وهذا هو تفكير المواطن بالدرجة الأولى وبالتالي هو تفكير التاجر".
ويشير إلى وجود رغبة حكومية لمساعدة البضائع والمنتجات السعودية ضمن الاتفاق الموقع بين البلدين " إلا أنه على الشركات السعودية التضحية كثيراً والتحلي بالصبر".
وتشير بيانات صادرة عن مجلس المصدرين التركي، في وقت سابق من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، إلى أن حجم الصادرات التركية للعراق، خلال الأشهر العشرة الأولى من 2017، بلغ أكثر من 6 مليارات دولار.
وبلغت الصادرات الإيرانية للعراق 4.7 مليارات دولار خلال 7 أشهر تمتد من مارس/ آذار وحتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بحسب مساعد وزير الصناعة والتجارة الإيراني، مجبتى خسرو تاج، في تصريحات صحافية قبل أيام. ويبدأ العام المالي في إيران في 21 مارس/ آذار.
وتتركز السلع الإيرانية بالمواد الإنشائية والغذائية والألبان واللحوم والسيارات والأخشاب والحديد والأجهزة الكهربائية والسجاد والقماش وسلع أخرى.
وبحسب السفير الصيني ببغداد، تشن وي تشينغ، في تصريحات صحافية أخيراً، فإن صادرات الصين إلى العراق بلغت نحو 20 مليار دولار في خمس سنوات مضت.
وتأتي الكويت بقيمة 56 مليون دينار كويتي (145.6 مليون دولار) خلال الربع الأول من هذا العام فقط، بحسب تقارير رسمية كويتية ثم مصر بقيمة تبلغ نحو 90 مليون دولار هذا العام.
توزيع طائفي للمنتجات
ويرى مراقبون أن الانفتاح السعودي السياسي والاقتصادي على العراق جانب من مشروع أميركي تنفذه دول عربية بالمنطقة يقضي بانفتاح الدول العربية على العراق ومنافستها إيران داخل الساحة العراقية.
واعتبر الخبير بالشأن العراقي، أحمد عبد السلام، في حديث لـ "العربي الجديد" أنه "من المتوقع أن يكون انتشار البضائع السعودية بحسب الخارطة الطائفية بالعراق".
ويضيف عبد السلام : "من غير المرجح أن تنافس السعودية ببضائعها في مناطق جنوب العراق، مهما عدت سنوات على ذلك فهناك الاحتكار لإيران فقط مدعوم بسلطة دينية وسياسية، بينما من المتوقع أن يكون غرب وشمال العراق فضلاً عن بغداد فرصة لأن تجد فيه السلع السعودية مكاناً، لكن ليس على المدى القريب".
ويتابع: "هناك فرق يصل إلى 30% في الأسعار بين البضائع السعودية ونظيرتها التركية والإيرانية، وهو ما يمثل مشكلة يجب أن تحلها السعودية قبل التفكير بالدخول بثقلها في العراق".
وبخلاف النفوذ الاقتصادي الذي تطمح السعودية إليه، لا تخلو خطوة فتح المعابر مع العراق من منفعة للشركات السعودية التي باتت تئن من تداعيات الحصار الذي تفرضه المملكة بجانب الإمارات والبحرين ومصر على قطر منذ الخامس من يونيو/حزيران. وفي ظل المنافسة الشرسة مع السلع التركية والإيرانية والصينية في العراق باتت الشركات السعودية التي تبحث عن منافذ جديدة في مأزق كبير.
وبلغت الصادرات السعودية للعراق، خلال العام الماضي 2016، نحو 900 مليون دولار، وفق محمد الحسني المسؤول في دائرة المنافذ الحدودية العراقية بوزارة التجارة في أغسطس/ آب الماضي، مشيراً إلى أن هذه الصادرات جاءت عبر الكويت وأغلبها منتجات غذائية.
اقــرأ أيضاً
ووقعت السعودية والعراق اتفاقاً مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، ينص على استئناف التجارة والتبادل الشامل للسلع عبر منفذ عرعر الحدودي بين البلدين بشكل مباشر والسماح للشركات السعودية المصنعة بافتتاح فروع لها في بغداد.
وانتهى معرض بغداد الدولي، الذي شاركت به 60 شركة سعودية مختلفة، مطلع هذا الشهر، بتوقيع عقود واتفاقيات مع العراقيين بمبالغ تصل إلى ملياري يال سعودي (533.3 مليون دولار)، وفقاً لمصادر سعودية تجارية، من بينها شركات الحديد والصلب والإسمنت والفوسفات والأجهزة الكهربائية والصناعات الغذائية مثل المراعي والربيع فضلاً عن شركات ملابس وسجاد وغيرها إضافة الى شركات تجميع سيارات وإلكترونيات وشركات إنشاء.
وقبل ذلك التاريخ كانت البضائع السعودية، تصل العراق على نحو محدود عبر الكويت من خلال تجار عراقيين وكويتيين يتم شراؤها من السوق الكويتية أصلاً لتوريدها إلى العراق وغالبيتها منتجات غذائية.
ومن المقرر وفقاً للاتفاق أن يتم استئناف التجارة عبر منفذ عرر مطلع ديسمبر/كانون الأول المقبل بعد تأجيله ثلاث مرات بسبب تهالك الطرق والبنى التحتية للمعبر الذي دامت فترة إغلاقه لأكثر من 27 عاماً، قبل أن يتم إعادة فتحه في أغسطس/ آب الماضي.
ويرى مسؤولون عراقيون وخبراء اقتصاد، أن "البضائع السعودية ستدخل يتيمة"، فهي عوضاً عن كونها متأخرة بالسوق العراقية فإنها غير معروفة ولا يمكن لتجار الجملة أن يقامروا بتغيير وجهاتهم التجارية بسرعة، فضلاً عن أنها مرتفعة الثمن مقارنة بالبضائع الأخرى التي وجدت طريقة لتقاسم نفوذها بالعراق، والتنافس في الأسعار واحتكار كبار التجار ووكالات التصدير لها، وهو ما سيجعل الشركات السعودية أمام خيار وحيد يتمثل في خفض الأسعار إلى حد الخسارة لإيصال منتجاتها للأرصفة ورفوف المحال التجارية.
ويقول مستشار رئيس غرفة التجارة العراقية طالب المعموري لـ"العربي الجديد" إن "البضائع السعودية جيدة مقارنة بالصينية والإيرانية، لكن السوق العراقية لا تتحمل بضائع مرتفعة الأسعار، بسبب دخل المواطن وتعوده على منافذ وبضائع معروفة سلفاً لديه".
ويضيف المعموري :" الثقل السياسي للدول المصدرة للعراق حالياً يلعب أيضاً دوراً في حماية بضائع هذه الدول والحفاظ على استمرار رواجها، وبشكل عام نرحب بدخول السلع السعودية السوق العراقية لكن على شركاتها ألا تتوقع الكثير.
سلع كمالية
ويقول مسؤول عراقي مقرب من رئيس الوزراء، حيدر العبادي، إن "البضائع السعودية لن تكون منافساً بقدر ما ستكون بضائع كمالية زائدة، فكل ما ستفكر الشركات السعودية بإدخاله للعراق موجود سلفاً، لذا سيبقى موضوع السعر عاملاً حاسماً".
ويضيف المسؤول في حديث لـ "العربي الجديد": "يمكن شراء لتر من الحليب التركي بقيمة 500 دينار (نحو نصف دولار) بجودة عالية، بينما منتجات المراعي السعودية بقيمة دولار، وهذا هو تفكير المواطن بالدرجة الأولى وبالتالي هو تفكير التاجر".
ويشير إلى وجود رغبة حكومية لمساعدة البضائع والمنتجات السعودية ضمن الاتفاق الموقع بين البلدين " إلا أنه على الشركات السعودية التضحية كثيراً والتحلي بالصبر".
وتشير بيانات صادرة عن مجلس المصدرين التركي، في وقت سابق من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، إلى أن حجم الصادرات التركية للعراق، خلال الأشهر العشرة الأولى من 2017، بلغ أكثر من 6 مليارات دولار.
وبلغت الصادرات الإيرانية للعراق 4.7 مليارات دولار خلال 7 أشهر تمتد من مارس/ آذار وحتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بحسب مساعد وزير الصناعة والتجارة الإيراني، مجبتى خسرو تاج، في تصريحات صحافية قبل أيام. ويبدأ العام المالي في إيران في 21 مارس/ آذار.
وتتركز السلع الإيرانية بالمواد الإنشائية والغذائية والألبان واللحوم والسيارات والأخشاب والحديد والأجهزة الكهربائية والسجاد والقماش وسلع أخرى.
وبحسب السفير الصيني ببغداد، تشن وي تشينغ، في تصريحات صحافية أخيراً، فإن صادرات الصين إلى العراق بلغت نحو 20 مليار دولار في خمس سنوات مضت.
وتأتي الكويت بقيمة 56 مليون دينار كويتي (145.6 مليون دولار) خلال الربع الأول من هذا العام فقط، بحسب تقارير رسمية كويتية ثم مصر بقيمة تبلغ نحو 90 مليون دولار هذا العام.
توزيع طائفي للمنتجات
ويرى مراقبون أن الانفتاح السعودي السياسي والاقتصادي على العراق جانب من مشروع أميركي تنفذه دول عربية بالمنطقة يقضي بانفتاح الدول العربية على العراق ومنافستها إيران داخل الساحة العراقية.
واعتبر الخبير بالشأن العراقي، أحمد عبد السلام، في حديث لـ "العربي الجديد" أنه "من المتوقع أن يكون انتشار البضائع السعودية بحسب الخارطة الطائفية بالعراق".
ويضيف عبد السلام : "من غير المرجح أن تنافس السعودية ببضائعها في مناطق جنوب العراق، مهما عدت سنوات على ذلك فهناك الاحتكار لإيران فقط مدعوم بسلطة دينية وسياسية، بينما من المتوقع أن يكون غرب وشمال العراق فضلاً عن بغداد فرصة لأن تجد فيه السلع السعودية مكاناً، لكن ليس على المدى القريب".
ويتابع: "هناك فرق يصل إلى 30% في الأسعار بين البضائع السعودية ونظيرتها التركية والإيرانية، وهو ما يمثل مشكلة يجب أن تحلها السعودية قبل التفكير بالدخول بثقلها في العراق".
وبخلاف النفوذ الاقتصادي الذي تطمح السعودية إليه، لا تخلو خطوة فتح المعابر مع العراق من منفعة للشركات السعودية التي باتت تئن من تداعيات الحصار الذي تفرضه المملكة بجانب الإمارات والبحرين ومصر على قطر منذ الخامس من يونيو/حزيران. وفي ظل المنافسة الشرسة مع السلع التركية والإيرانية والصينية في العراق باتت الشركات السعودية التي تبحث عن منافذ جديدة في مأزق كبير.
وبلغت الصادرات السعودية للعراق، خلال العام الماضي 2016، نحو 900 مليون دولار، وفق محمد الحسني المسؤول في دائرة المنافذ الحدودية العراقية بوزارة التجارة في أغسطس/ آب الماضي، مشيراً إلى أن هذه الصادرات جاءت عبر الكويت وأغلبها منتجات غذائية.