وكانت الحكومة اللبنانية قد أقرت الموازنة العامة في البلاد مساء الثلاثاء، لتنهي 11 عاما بدون موازنة عامة.
وينص مشروع الموازنة على تعديلات أبرزها خفض نفقات بعض الوزارات، وإعادة النظر بالإيرادات الضريبية، بعد التظاهرات الحاشدة في بيروت احتجاجاً على زيادة الضرائب.
لكن مشروع الموازنة، الذي أرسل للبرلمان، تضمن إيرادات بنحو 16800 مليار ليرة (11.1 مليار دولار)، أي نحو 20.4% من الناتج المحلي، ونفقات 23500 مليار ليرة (15.5 مليار دولار)، ما يحتم عجزاً قيمته 6700 مليار ليرة (4.4 مليارات دولار)، تشكل 9.5% من الناتج المحلي، بينما النمو المتوقع لا يتجاوز 2.6%، والتضخم عند 1.8%.
ومن أبرز بنود النفقات، الرواتب والأجور بمقدار 8700 مليار ليرة (5.75 مليارات دولار)، وخدمة الدين العام بمقدار 7100 مليار ليرة (4.69 مليارات دولار)، وتحويلات مؤسسة كهرباء لبنان بمقدار 2100 مليار ليرة (1.4 مليار دولار)، لتستحوذ هذه البنود على نحو 72.6% من إجمالي الإنفاق، بينما لم تتجاوز النفقات الاستثمارية 2.6% من الناتج المحلي.
وفيما يتعلق بالإيرادات، تتوزع بنسبة 79.5% للإيرادات الضريبية و20.5% للإيرادات غير الضريبية؛ في حين تقدر الإيرادات الضريبية بـ 13400 مليار ليرة (8.86 مليارات دولار)، أي 16.3% من الناتج المحلي.
وكشفت الموازنة عن زيادة نحو 1000 مليار ليرة (661.6 مليون دولار) على الضرائب العادية على أرباح المصارف التي وفرتها لها الهندسة المالية التي أجراها "مصرف لبنان" أخيراً، والتي بلغت نحو 5.6 مليارات دولار.
وتضمن رفع الضرائب على مركزية التخمين العقاري، واعتماد الموازنات المدققة للشركات من باب الإصلاح الضريبي ومكافحة التهرب، إضافة إلى تفعيل مداخيل الجمارك وتحسينها، وفرض رقابة مسبقة على إنفاق الصناديق من الهبات والقروض، ووضع سقف للاستدانة محصور بسد العجز المقدر في الموازنة دون سواه، وإحالة قانون قطع الحساب متضمناً السنوات السابقة على مجلس النواب.
وقال خبراء اقتصاد، في أحاديث مع "الأناضول"، أن إقرار الموازنة سيؤمن الانضباط المالي الغائب منذ سنوات طويلة، ارتفع خلالها الدين العام بشكل مبالغ، مشيرين إلى أنها ستسهم أيضا في تنفيذ سلسلة إصلاحات باتت ضرورية وهامة، بما يعزز ثقة المستثمرين في الاقتصاد.
وأكد الخبير الاقتصادي، غازي وزني، أن أبرز إيجابيات إقرار الموازنة أنها تؤمن الانضباط المالي الغائب منذ سنوات طويلة، وربط إقرارها بتنفيذ سلسلة إصلاحات باتت أكثر من ملحة.
وأضاف وزني أن "موازنة عام 2017 ليست إصلاحية أو تقشفية أو إنمائية، بل هي الخطوة الأولى والأساسية للتحضير لموازنة 2018 التي نأمل أن تكون إصلاحية وإنمائية".
أما الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، فقال إن إقرار الموازنة يأتي بعد سنوات طويلة ارتفع خلالها الدين العام إلى أكثر من 75 مليار دولار.
وأضاف عجاقة، أن "إقرار الموازنة أمر إيجابي جداً للاقتصاد، إذ يعزز ثقة المُستثمر، كما يُقفل الباب أمام مكامن الهدر والفساد الذي أنتجه الصرف باعتمادات من خارج الموازنة خلال السنوات الماضية.
يذكر أن الدين العام اللبناني ارتفع 36 مليار دولار خلال 11 عاماً من عدم إقرار الموازنة. إذ سجل الدين العام 38.5 مليار دولار في العام 2005 وفق النشرة الاقتصادية لبنك الاعتماد اللبناني، وتقرير وزارة الاقتصاد، ليرتفع إلى 74.54 مليار دولار في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، بحسب جمعيّة المصارف. كذلك، ارتفعت نسبة الفساد إلى مستويات قياسية، وطفت الصفقات الحزبية على سطح الخلافات في السلطة، وآخرها صفقات النفايات.
وبحسب مؤشر مدركات الفساد، تصل تكلفة الفساد في لبنان إلى 10 مليارات دولار.
(الأناضول، العربي الجديد)