كشف مشروع الموازنة المصرية الجديدة، المقدم من حكومة شريف إسماعيل، عن عدم تخصيص الاعتمادات المالية للقانون، المتعلقة بتطوير البنية التحتية للمستشفيات العامة.
وكان إسماعيل قد أكد في مارس/ آذار الماضي أن "مشروع القانون سيكون قابلاً للتنفيذ قبل نهاية العام الجاري، وتشمل مرحلته الأولى 5 محافظات من مجموع 27 محافظة".
وأعلنت الحكومة عن انتهائها من مشروع القانون، مطلع أبريل/ نيسان الماضي، وإرساله إلى مجلس الدولة (المختص بمراجعة التشريعات)، تمهيداً لعرضه على البرلمان، والذي سيفض دور انعقاده الجاري نهاية يونيو/ حزيران، ويستبعد عدد غير قليل من أعضائه إرسال الحكومة للقانون في وقت قريب، لانعدام البنية الأساسية للمستشفيات الحكومية والخاصة على حد سواء.
وهاجم أعضاء لجنة الصحة بمجلس النواب، ممثلي وزارات المالية والتخطيط والصحة، مساء الأربعاء، لتضارب حديثهم عن اعتمادات قطاع الصحة، والتي جاءت أقل من نصف النسبة الدستورية المُحددة بـ 3% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما تسعى الحكومة للتحايل على الدستور، بإدراج مخصصات الصرف الصحي ومياه الشرب للصحة.
وقال رئيس اللجنة، عضو ائتلاف الغالبية، محمد العماري، إن الحكومة خالفت اتفاقاً مشروطاً مع النواب، بشأن إدراج مبلغ يقترب من 10 مليارات جنيه لتجهيز البنية التحتية لمستشفيات التأمين الصحي، والوحدات العلاجية في المحافظات، بالموازنة الجديدة، تزامناً مع خروج القانون للنور، وهو ما فوجئت اللجنة بتجاهله من قبل وزارة المالية.
وأوصت اللجنة في ختام اجتماعها "بزيادة مخصصات العلاج على نفقة الدولة، لترتفع من 4 إلى 8 مليارات جنيه، مع مراجعة الأكواد العلاجية، لتتواءم مع تحرير سعر صرف الجنيه، وما حدث من تضاعف في أسعار المستلزمات والأدوية، وتشكيل لجنة لفض التشابكات بين الهيئات الاقتصادية، والحكومة ممثلة في وزارة المالية".
كذلك أوصت بمضاعفة مخصصات دعم الألبان والأدوية، واعتمادات الصيانة في الباب الثاني، وزيادة الاستثمار في الباب السادس من 6 مليارات إلى 7 مليارات جنيه، وتخصيص 500 مليون جنيه لدعم الأمراض النادرة، واحتساب النسبة الدستورية للصحة من الناتج الإجمالي للعام المالي الجديد، المُقدر بـ 4 تريليونات، و106 مليارات جنيه، وليس بناءً على ناتج العام الجاري (3.2 تريليونات جنيه).
وكان عدد من الجهات والشخصيات العامة المصرية قد أعلنت رفضها لقانون التأمين الصحي الشامل، والذي قالوا عنه في بيان مشترك سابق، إنه "يفتح الباب أمام خصخصة الخدمة الصحية، وضياع أصول المنشآت الصحية، والتي بُنيت بأموال الشعب عبر سنوات، في ظل عدم التزام الدولة برفع كفاءة المنشآت الحكومية، قبل الشروع في تطبيق النظام الجديد".
وتساءلت لجنة الدفاع عن الحق في الصحة (مبادرة مجتمع مدني)، عن "مصير المستشفيات التي ستنخفض فيها معايير الجودة، بعد ضمّها إلى هيئة الرعاية الصحية، والتي تؤول إليها كافة المستشفيات المملوكة للدولة؟ ومصير العاملين بها؟، وهل ستُطرح للبيع أمام القطاع الخاص، بحجة أن الدولة غير قادرة على ضخ الأموال اللازمة للتطوير والتشغيل؟!".
وأرسلت نقابة أطباء مصر مذكرة قانونية إلى مجلس الدولة، في 15 مايو/ أيار الجاري، تحتوي على خمسة طعون دستورية على مشروع القانون، المقدم من الحكومة، من بينها إلزام المشترك – حتى من غير القادرين والأطفال بلا مأوى – بدفع مساهمات، كشرط لتلقي العلاج عند الحاجة، وغياب الخطوط العلاجية الاسترشادية المُلزمة لطبيب نظام "طب الأسرة".
مخالفة دستورية
على صعيد الموازنة أيضاً، أعلن رئيس لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان المصري، حسين عيسى، أن اللجنة تسعى إلى الوصول لصورة توافقية حول بنود الموازنة الجديدة للعام (2017 /2018)، بعيداً عن الاستحقاقات الدستورية، المتعلقة بتخصيص نسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي لقطاعات الصحة، والتعليم، والتعليم العالي، والبحث العلمي، بحجة صعوبة الالتزام بها.
وقال عيسى، في اجتماع اللجنة، مساء الأربعاء: "لو أخذنا بالاستحقاق الدستوري لمخصصات وزارة التربية والتعليم، على سبيل المثال، سنحتاج إلى تخصيص ربع إيرادات الموازنة، وهو ما يؤثر بالسلب على بقية البنود"، مشيراً إلى مواجهة الموازنة مشكلات حقيقية، على رأسها: فوائد القروض، والإنفاق على الدعم والأجور، والتي تلتهم ما يقرب من 75% من الموازنة.
وتابع البرلماني المُعين من الرئيس عبد الفتاح السيسي: "هذه الموازنة مفصلية، كونها جاءت بعد تطبيق برنامج إصلاح اقتصادي تأخر لثلاثين عاماً، وهناك بعض اللغط الدائر حول الاستحقاقات الدستورية، وهو ما لا يجب الوقوف عنده كثيراً، لأن موازنة العام القادم ستحتوي مخصصات مالية ضخمة للحماية الاجتماعية، في المقابل".
ورفض وكيل لجنة الصحة بالبرلمان، أيمن أبو العلا، حديث الأخير، قائلاً إن "موازنة الصحة في العام الجديد أضحوكة كبرى، فضم اعتمادات الصرف الصحي لموازنة وزارة الصحة من أجل الوفاء بالاستحقاقات الدستورية أمر يُثير السخرية، ومرفوض"، مُعرباً عن اندهاشه من تحميل مخصصات الصحة 25 مليار جنيه من فوائد الديون.
وأضاف أبو العلا أن مجلس الوزراء يدعي أن موازنة الصحة 105 مليارات جنيه، في حين أن الواقع الفعلي لمخصصاتها لا يتجاوز 45 ملياراً، منها 30 مليار جنيه لبند الرواتب والأجور، متهماً الحكومة بالالتفاف والمناورة من أجل الوصول إلى النسبة المستحقة في الدستور، إلا أنها "لم تنجح في تظبيط الموضوع بشكل مقبول".
(الدولار = 18.15 جنيهاً تقريباً)