حمل تقرير التوقعات الاقتصادية في أفريقيا، الصادر أمس الإثنين، العديد من التوصيات فيما يخص اقتصادات دول شمال أفريقيا، خاصة مصر، تونس، الجزائر، والمغرب. ولفت التقرير إلى أن الحكومات تحاول القيام بجملة من الإصلاحات المالية والاقتصادية، للنهوض باقتصاداتها. واعتبر التقرير، الصادر بالشراكة بين البنك الأفريقي للتنمية وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن النمو في هذه الدول يشهد تحسناً، إلا أن التقرير حذّر من ارتفاع نسب التضخم في هذه الدول.
وبحسب التقرير، فإن عام 2017 يحمل "تفاؤلا حذرا" للاقتصاد المصري، فيما أشار إلى أن تونس لم تستطع تحقيق نمو كبير عام 2016، غير أن عدة مؤشرات تفتح باب نتائج إيجابية بالبلاد خلال هذا العام.
كما أشار التقرير إلى أن انخفاض أسعار البترول أثّر بشكل جلي على الاقتصاد الجزائري، خاصة مع استمرار ضعف التصنيع في البلاد، ممّا سبّب تراجعا للناتج المحلي الإجمالي ورَفع نسبة التضخم، بينما حمل التقرير معطيات أكثر إيجابية عن الاقتصاد المغربي والسياسات العمومية.
مصر: تفاؤل حذر
وقال التقرير إنه في حالة استمرار إصلاح السياسات الاقتصادية والبنيوية في مصر، كما حددت ذلك خارطة الطريق، سيتسارع النمو الاقتصادي، خاصة مع عودة الثقة لدى المستثمرين وتطور إنتاج مجال الغاز وعودة النشاط السياحي، رغم المشاكل الداخلية والارتباك الاقتصادي العالمي الحاصل.
وأبرز التقرير أن احتياطي العملة الصعبة تحسّن منذ اتخاذ البنك المركزي المصري قرار تحرير قيمة العملة نهاية 2016. غير أنه مع ذلك، يبقى من الصعب محاربة العجز في الموازنة والميزان التجاري خلال هذا العام، رغم بذل جهود في هذا الصدد تعتمد على قانون مالية العام الماضي. ووضع مشروع قانون للاستثمار وارتفاع العائدات من الضرائب.
وتوقع التقرير نمو الناتج المحلي الإجمالي بمصر إلى 4.6 بالمائة بدل 3.9 المسجلة عام 2016، إلّا أن نسبة التضخم سترتفع هذا العام. وتابع التقرير أن الاقتصاد المصري يبقى متنوعا إجمالا، إلّا أنه ورغم وجود تصنيع قوي، فالمستثمرين لم يستطيعوا خلق تغيير حقيقي في خلق مناصب العمل، كما أن النمو الاقتصادي بالبلاد يعتمد كذلك على ضرورة توسيع الولوج إلى الموارد الطبيعية والرأسمال وتوفير التكنولوجيات الحديثة واليد العاملة المؤهلة.
وتعاني البلاد من موجه تضخم كبيرة، أدت إلى تآكل القيمة الشرائية للنقود، وانخفاض القوة الشرائية للمواطنين، وقفزات في الأسعار، خاصة في ظل نقص السيولة بالأسواق.
وتوسعت الحكومة المصرية في إصدار السندات والأذون على الخزانة، لتصل إلى 2.922 تريليون جنيه (162 مليار دولار) في نهاية 2016، مقابل 1.893 تريليون جنيه (105 مليارات دولار) في نهاية 2015، حسب بيانات البنك المركزي المصري.
وفي نهاية 2016، أي بعد حوالي 30 شهراً على حكم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ارتفع الدين العام المحلي إلى نحو 3.052 تريليونات جنيه (169.5 مليار دولار)، ما يعادل 94.1% من الناتج المحلي الإجمالي.
تونس: هشاشة اقتصادية
وفيما يخصّ تونس، أشار التقرير إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي لم يتجاوز واحد بالمائة المسجلة عام 2016، عندما تأثرت تونس بالمشاكل الأمنية وهشاشة المناخ الاجتماعي، زيادة على تأثر الميزانية العامة بارتفاع النفقات العمومية الناتجة أساسا عن التركيز على خلق الوظائف العمومية، ومعاناة البلاد من تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتأخر الواضح في تطبيق الإصلاحات الاستراتيجية المعلن عنها، زيادة على استمرار ارتفاع نسبة البطالة (15.6 بالمائة) التي تمس أكثر الشباب المتعلّم.
وتوقع التقرير تحسّن نمو الناتج هذا العام بـ1.9 بالمائة، بفضل تسارع الاستثمار المرتبط بالمشاريع الكبرى المعلن عنها في مخطط التنمية الاستراتيجية، وتسريع تنفيذ الإصلاحات، خاصة تلك المتعلقة بالوظيفة العمومية بدعم من شركاء دوليين، والاستثمارات الأجنبية الكبيرة المعلن عنها مؤخرا.
إلّا أنه ورغم ذلك، فمن المتوقع أن ترتفع نسبة التضخم هذا العام لتصل 4.1 بالمائة.
الجزائر: تنويع الاقتصاد ضروري
فيما يتعلق باقتصاد الجزائر، فقد أشار التقرير إلى أن انخفاض أسعار البترول أثّر بشكل جلي على الاقتصاد الجزائري، خاصة مع استمرار ضعف التصنيع في البلاد، ممّا سبّب تراجعا للناتج المحلي الإجمالي، مشيراً إلى انخفاض الناتج المحلي من 3.8 بالمائة خلال عام 2015 إلى 3.5 بالمائة عام 2016، لافتاً إلى أن التصنيع في البلاد، خارج مجالات البترول والغاز، لا يمثل سوى خمسة بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو رقم جد منخفض عمّا سُجل في نهاية عقد الثمانينيات، فضلا عن انخفاض الاحتياطي المحلّي من العملة الصعبة بعشرين بالمائة.
نفس الأرقام السلبية ظهرت فيما يتعلّق بنسبة التضخم التي بلغت 6.4 بالمائة عام 2016 عوض 4.8 بالمائة في العام السابق، ممّا أدى إلى ارتفاع أسعار المواد المصنعة بـ9.9 بالمائة والخدمات بـ7.4 بالمائة، كما أن المالية العمومية شهدت تراجع موارد صندوق ضبط الإيرادات بـ60 في المائة، فضلا عن استمرار العجز التجاري الذي بلغ 11 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
من جهة أخرى، أشاد التقرير بتراجع العجز في الميزانية العامة بين العامين من 15 بالمائة إلى 13 بالمائة، وكذا تراجع العجز في الميزان التجاري الخارجي بثلاثة بالمائة بين العامين (14 بالمائة عام 2016).
المغرب: تطوير السياسات الاقتصادية
وفي المغرب الذي شهد نموا اقتصاديا جد محدود توقف عند 1.5 بالمائة عام 2016، توقع التقرير ارتفاع هذا النمو إلى 3.7 بالمائة عام 2017، متحدثا عن أن السياسات العمومية بدأت تعطي ثمارها في البلاد، ومن ذلك تنويع مصادر نمو الزراعة وتطوير الصناعة في مجال السيارات، وتطوير مناخ الأعمال حسب تقارير دوينغ بيزنيز، والتطوير المستمر للبنى التحتية، وجذب المستثمرين بفضل استقرار البلاد.
وتوقع التقرير أن يبلغ العجز في ميزانية البلاد هذا العام ثلاثة بالمائة، مشيرًا إلى مبادرتين تخصّان السياسات العمومية خلال 2016، أولاهما تنظيم مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 22) في مراكش، وما رافق ذلك من عمل بيئي محلي كتشييد مجمع استغلال الطاقة الشمسية "نور" وعملية منع تداول الأكياس البلاستيكية، والثانية تقوية البلاد لعلاقاتها مع البلدان الإفريقية، عبر عودة المغرب للاتحاد الأفريقي وتوقيع عدة اتفاقيات اقتصادية مع بعض بلدان القارة.
غير أنه مع ذلك، توقع التقرير ارتفاع نسبة التضخم بشكل طفيف لتبلغ هذا العام 2.1 بالمائة، فضلا عن بعض العراقيل التي تعترض نمو المقاولات الصغرى والمتوسطة في البلاد، منها التعليم وبعض جوانب المناخ التنظيمي كالنظام الضريبي والقضائي والعقاري، زيادة على استمرار حضور المجال الاقتصادي غير المهيكل، مع تسجيل توقعات إيجابية في هذا السياق، خاصة مع تطوير وضع المقاول الذاتي وتمديد الاستفادة من التغطية الصحية.
اقــرأ أيضاً
(العربي الجديد)
كما أشار التقرير إلى أن انخفاض أسعار البترول أثّر بشكل جلي على الاقتصاد الجزائري، خاصة مع استمرار ضعف التصنيع في البلاد، ممّا سبّب تراجعا للناتج المحلي الإجمالي ورَفع نسبة التضخم، بينما حمل التقرير معطيات أكثر إيجابية عن الاقتصاد المغربي والسياسات العمومية.
مصر: تفاؤل حذر
وقال التقرير إنه في حالة استمرار إصلاح السياسات الاقتصادية والبنيوية في مصر، كما حددت ذلك خارطة الطريق، سيتسارع النمو الاقتصادي، خاصة مع عودة الثقة لدى المستثمرين وتطور إنتاج مجال الغاز وعودة النشاط السياحي، رغم المشاكل الداخلية والارتباك الاقتصادي العالمي الحاصل.
وأبرز التقرير أن احتياطي العملة الصعبة تحسّن منذ اتخاذ البنك المركزي المصري قرار تحرير قيمة العملة نهاية 2016. غير أنه مع ذلك، يبقى من الصعب محاربة العجز في الموازنة والميزان التجاري خلال هذا العام، رغم بذل جهود في هذا الصدد تعتمد على قانون مالية العام الماضي. ووضع مشروع قانون للاستثمار وارتفاع العائدات من الضرائب.
وتوقع التقرير نمو الناتج المحلي الإجمالي بمصر إلى 4.6 بالمائة بدل 3.9 المسجلة عام 2016، إلّا أن نسبة التضخم سترتفع هذا العام. وتابع التقرير أن الاقتصاد المصري يبقى متنوعا إجمالا، إلّا أنه ورغم وجود تصنيع قوي، فالمستثمرين لم يستطيعوا خلق تغيير حقيقي في خلق مناصب العمل، كما أن النمو الاقتصادي بالبلاد يعتمد كذلك على ضرورة توسيع الولوج إلى الموارد الطبيعية والرأسمال وتوفير التكنولوجيات الحديثة واليد العاملة المؤهلة.
وتعاني البلاد من موجه تضخم كبيرة، أدت إلى تآكل القيمة الشرائية للنقود، وانخفاض القوة الشرائية للمواطنين، وقفزات في الأسعار، خاصة في ظل نقص السيولة بالأسواق.
وتوسعت الحكومة المصرية في إصدار السندات والأذون على الخزانة، لتصل إلى 2.922 تريليون جنيه (162 مليار دولار) في نهاية 2016، مقابل 1.893 تريليون جنيه (105 مليارات دولار) في نهاية 2015، حسب بيانات البنك المركزي المصري.
وفي نهاية 2016، أي بعد حوالي 30 شهراً على حكم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ارتفع الدين العام المحلي إلى نحو 3.052 تريليونات جنيه (169.5 مليار دولار)، ما يعادل 94.1% من الناتج المحلي الإجمالي.
تونس: هشاشة اقتصادية
وفيما يخصّ تونس، أشار التقرير إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي لم يتجاوز واحد بالمائة المسجلة عام 2016، عندما تأثرت تونس بالمشاكل الأمنية وهشاشة المناخ الاجتماعي، زيادة على تأثر الميزانية العامة بارتفاع النفقات العمومية الناتجة أساسا عن التركيز على خلق الوظائف العمومية، ومعاناة البلاد من تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتأخر الواضح في تطبيق الإصلاحات الاستراتيجية المعلن عنها، زيادة على استمرار ارتفاع نسبة البطالة (15.6 بالمائة) التي تمس أكثر الشباب المتعلّم.
وتوقع التقرير تحسّن نمو الناتج هذا العام بـ1.9 بالمائة، بفضل تسارع الاستثمار المرتبط بالمشاريع الكبرى المعلن عنها في مخطط التنمية الاستراتيجية، وتسريع تنفيذ الإصلاحات، خاصة تلك المتعلقة بالوظيفة العمومية بدعم من شركاء دوليين، والاستثمارات الأجنبية الكبيرة المعلن عنها مؤخرا.
إلّا أنه ورغم ذلك، فمن المتوقع أن ترتفع نسبة التضخم هذا العام لتصل 4.1 بالمائة.
الجزائر: تنويع الاقتصاد ضروري
فيما يتعلق باقتصاد الجزائر، فقد أشار التقرير إلى أن انخفاض أسعار البترول أثّر بشكل جلي على الاقتصاد الجزائري، خاصة مع استمرار ضعف التصنيع في البلاد، ممّا سبّب تراجعا للناتج المحلي الإجمالي، مشيراً إلى انخفاض الناتج المحلي من 3.8 بالمائة خلال عام 2015 إلى 3.5 بالمائة عام 2016، لافتاً إلى أن التصنيع في البلاد، خارج مجالات البترول والغاز، لا يمثل سوى خمسة بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو رقم جد منخفض عمّا سُجل في نهاية عقد الثمانينيات، فضلا عن انخفاض الاحتياطي المحلّي من العملة الصعبة بعشرين بالمائة.
نفس الأرقام السلبية ظهرت فيما يتعلّق بنسبة التضخم التي بلغت 6.4 بالمائة عام 2016 عوض 4.8 بالمائة في العام السابق، ممّا أدى إلى ارتفاع أسعار المواد المصنعة بـ9.9 بالمائة والخدمات بـ7.4 بالمائة، كما أن المالية العمومية شهدت تراجع موارد صندوق ضبط الإيرادات بـ60 في المائة، فضلا عن استمرار العجز التجاري الذي بلغ 11 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
من جهة أخرى، أشاد التقرير بتراجع العجز في الميزانية العامة بين العامين من 15 بالمائة إلى 13 بالمائة، وكذا تراجع العجز في الميزان التجاري الخارجي بثلاثة بالمائة بين العامين (14 بالمائة عام 2016).
المغرب: تطوير السياسات الاقتصادية
وفي المغرب الذي شهد نموا اقتصاديا جد محدود توقف عند 1.5 بالمائة عام 2016، توقع التقرير ارتفاع هذا النمو إلى 3.7 بالمائة عام 2017، متحدثا عن أن السياسات العمومية بدأت تعطي ثمارها في البلاد، ومن ذلك تنويع مصادر نمو الزراعة وتطوير الصناعة في مجال السيارات، وتطوير مناخ الأعمال حسب تقارير دوينغ بيزنيز، والتطوير المستمر للبنى التحتية، وجذب المستثمرين بفضل استقرار البلاد.
وتوقع التقرير أن يبلغ العجز في ميزانية البلاد هذا العام ثلاثة بالمائة، مشيرًا إلى مبادرتين تخصّان السياسات العمومية خلال 2016، أولاهما تنظيم مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 22) في مراكش، وما رافق ذلك من عمل بيئي محلي كتشييد مجمع استغلال الطاقة الشمسية "نور" وعملية منع تداول الأكياس البلاستيكية، والثانية تقوية البلاد لعلاقاتها مع البلدان الإفريقية، عبر عودة المغرب للاتحاد الأفريقي وتوقيع عدة اتفاقيات اقتصادية مع بعض بلدان القارة.
غير أنه مع ذلك، توقع التقرير ارتفاع نسبة التضخم بشكل طفيف لتبلغ هذا العام 2.1 بالمائة، فضلا عن بعض العراقيل التي تعترض نمو المقاولات الصغرى والمتوسطة في البلاد، منها التعليم وبعض جوانب المناخ التنظيمي كالنظام الضريبي والقضائي والعقاري، زيادة على استمرار حضور المجال الاقتصادي غير المهيكل، مع تسجيل توقعات إيجابية في هذا السياق، خاصة مع تطوير وضع المقاول الذاتي وتمديد الاستفادة من التغطية الصحية.
(العربي الجديد)