رفض الفلسطينيون تهديد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بقطع المساعدات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة للسلطة الفلسطينية، بذريعة رفضها إجراء مفاوضات سلام مع إسرائيل.
وأجمعت الفصائل والقوى الفلسطينية على أن تهديد ترامب "ابتزاز مرفوض"، فيما قال خبراء إن المساعدة الأميركية هامشية على اعتبار، أن معظم ميزانية السلطة يتم تغطيتها من الضرائب التي يتم جنيها من الفلسطينيين.
وليل الأربعاء غرّد الرئيس الأميركي على "تويتر" قائلاً: إن أميركا تدفع مئات الملايين من الدولارات سنوياً، ولم تحصل منهم على تقدير أو احترام"، بينما هددت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة، نيكي هيلي، بوقف المساعدات التي تقدمها إدارة ترامب إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، ما لم يعد الفلسطينيون إلى طاولة المفاوضات.
وتشير البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة المالية الفلسطينية إلى أن مجموع المساعدات المالية المقدمة من الولايات المتحدة قد بلغت خلال العام الماضي (2017) 75 مليون دولار، في وقت بلغ فيه معدل المساعدات السنوية خلال الأعوام الخمسة الأخيرة قرابة 50 مليوناً، تقدمها واشنطن من خلال الصندوق الاستئماني الذي يديره البنك الدولي لجمع المنح المالية الدولية للسلطة الفلسطينية.
وتقدم الولايات المتحدة مساعدات أخرى إلى عدد من المنظمات الدولية وعلى رأسها وكالة "الأونروا"، في حين، تدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بشكل مباشر، مجموعة من المشاريع المتخصصة بالبنية التحتية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وبحسب المعطيات المنشورة على موقع "الأونروا"، تعد الولايات المتحدة، أكبر داعميها الدوليين، وبلغ مجموع ما قدمته خلال العام 2013 (294 مليون دولار) ذهب جزء كبير منها للمساعدات الطارئة التي فرضتها الحرب السورية في حينه.
ويقول الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، إن "التهديد الأميركي بقطع المساعدات عن وكالة الغوث ينطلق من اعتبارات سياسية وليست مالية"، وحذر في حديثه مع "العربي الجديد" من أن إدارة الرئيس ترامب قد تستهدف حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، بعد الخطوة العدائية التي اتخذتها باعتبارها القدس عاصمة دولة الاحتلال.
ويرى البرغوثي، أن قطع المساعدات عن خزينة السلطة ليس مخيفاً، "لأن إجمالي ما تقدمه الدول المانحة مجتمعة لا يتجاوز 16% من إجمالي الموازنة العامة، في حين يغطي الشعب الفلسطيني 84% من موارده الذاتية خصوصاً الضرائب".
ومن جانبه، يقول الخبير الاقتصادي الفلسطيني، نصر عبد الكريم، إن "السلوك الأميركي لا يبدو ناضجاً، فلا يمكن مقايضة حقوق سياسية ثابتة للشعب الفلسطيني مقابل مساعدات مالية، وهذا ما يدركه المانحون الأوروبيون جيداً". داعياً إلى عدم التركيز على مسألة وقف المساعدات المالية والإبقاء على الخطوة العدائية تجاه القدس في صدارة المشهد.
وقال عبد الكريم لـ "العربي الجديد" إن "المساعدات المالية الأميركية للجانب الفلسطيني، بعد اتفاق أوسلو كانت لقاء الرعاية الأميركية لما تسمى عملية السلام، وقد أقدمت الولايات المتحدة على نقض أحد المبادئ التي قامت عليها هذه العملية، تقوم بمعاقبة الطرف الأضعف وهو أمر غير مألوف في العلاقات الدولية".