يصف مراقبون للشأن المحلي الأردني التعديل الوزاري الرابع الذي أجراه رئيس الوزراء عمر الرزاز على حكومته، اليوم الخميس، بالجراحي، كون الرزاز تخلص من نائبه رجائي المعشر الأكثر إثارة للجدل في الحكومة وكونه المسؤول عن إدارة الملف الاقتصادي من دون تحقيق نتئاج إيجابية على صعيد تحسين النمو والحد من الفقر والبطالة، بل تم رفع الضرائب والأسعار عدة مرات.
وطاول التعديل الوزاري على الحكومة التي تم تشكيلها في يونيو/حزيران من العام الماضي، 11 وزارة، تمثلت بخروج وزراء المالية والنقل والشباب والإعلام والتنمية الاجتماعية والأوقاف والثقافة.
وأجرى الرزاز تغييرا وزاريا كبيرا في حكومته الخميس، إذ عين مستشارا ملكيا سابقا وزيرا للمالية في مسعى للمضي قدما في تطبيق إصلاحات اقتصادية تهدف لتحفيز النمو في البلد المثقل بالدين.
ويعد هذا هو رابع تعديل وزاري يجريه الرزاز منذ توليه منصبه قبل نحو عام ونصف العام. وشمل التعديل 11 وزارة، لكنه أبقى دون تغيير على وزراء آخرين مهمين لاسيما في الشؤون الخارجية والداخلية.
واختار الرزاز لمنصب وزير المالية محمد العسعس الخبير الاقتصادي والذي تلقى تعليمه في جامعة هارفارد والمستشار الملكي السابق ليحل محل عز الدين كناكرية.
وسيقود العسعس، الذي شغل أيضا منصب وزير التخطيط، فريقا يشرف على برنامج اقتصادي متفق عليه مع صندوق النقد الدولي ومدته ثلاثة أعوام. ويشمل البرنامج إصلاحات هيكلية طال إرجائها وسيسعى لخفض الدين العام إلى 77 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2021 من 94 بالمئة حاليا.
وأشار خبراء إلى أن مبرارت رئيس الوزراء الظاهرة من وراء التعديل الوزاري الذي جاء بعد حوالى 6 أِشهر من التعديل الثالث الذي أجراه على حكومته في مايو/أيار الماضي هذا العام هي بالأساس تقوية أداء بعض الوزارات في ضوء عملية تقييم أداء الوزراء من الرزاز ذاته وإخفاق بعضهم في إدارة الملفات المناطة به.
إلا أن الأسباب الباطنة، كما يعتقد مراقبون، تعود إلى رغبة الرئيس بالتخلص من عدد من وزراء التأزيم في حكومته، وخاصة نائبه المعشر ووزير المالية كناكرية الذي على ما يبدو أخفق في إدارة ملف التفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي ما زال يضغط على الحكومة لاتخاذ قرارات برفع أسعارالكهرباء والمياه وزيادة الضرائب لتخفيض عجز الموازنة، وهو ما تخشى حكومة الرزاز الإقدام عليه وتحاول جاهدة تجاوز اشتراطات الصندوق من دون أن تتحمل كلفاً لذلك في علاقتها بالصندوق الذي يقدّم لها قروضا بأسعار فائدة منخفضة وتسهيلات طويلة للسداد.
وحتى هذه اللحظة لم يستكمل صندوق النقد تحويل بقية دفعات القرض المتفق عليه مع الأردن قبل عدة سنوات رغم انتهاء برنامج الاستعداد الائتماني الموقع مع الحكومة وانتهى في أغسطس/آب الماضي، لكن تم تمديده حتى مارس/آذار من العام المقبل لعدم قناعة الصندوق بجدوى الإجراءات المتخذة من أجل زيادة الإيرادات ويرى أنها غير كافية.
وقد برز وزير التخطيط في الحكومة محمد العسعس الذي انتقل ليشغل حقيبة وزارة المالية بموجب التعديل الوزاري كلاعب أساسي في إدارة علاقة الأردن بمؤسسة التمويل الدولية، وذلك خلال مشاركته الأخيرة في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين التي تخللتها اجتماعات بين مسؤولين أردنيين وممثلي الصندوق. كما شارك فيها وزير المالية الذي عرض الأوضاع الصعبة التي يعانيها الاقتصاد الأردني.
ويرى الخبير الاقتصادي حسام عايش أن "التعيدل الوزاري على الحكومة ما هو إلا نمط اعتيادي تسير عليه الحكومات المتعاقبة، لكن من دون جدوى، فالإصلاح الاقتصادي وإن كان يعتمد على الأشخاص، إلا أن المطلوب أكثر هو التغيير الشامل في السياسات الاقتصادية المطبقة والتي تقوم على الجباية والاعتماد على المواطنين لزيادة الإيرادات".
وأشار إلى أن بيانات الحكومة قبل أيام بيّنت أن إيرادات ضريبتي الدخل والمبيعات فقط بلغت حوالى 5.2 مليارات دولار خلال 10 أشهر ما عدا المبالغ المحققة من الرسوم الجمركية وغيرها.
وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن "التعديل الوزاري لا يخرج عن كونه عملا تكتيكيا المقصودة به إطالة عمر الحكومة لعدة أشهر قادمة، وكذلك احتواء غضب الشارع الذي يعتبر أن الفريق الاقتصادي لم ينجح في تحسين الوضع ويحمّله وزر إخفاق السياسات الاقتصادية بفرض مزيد من الضرائب وزيادة الأسعار".
كما يرى الخبير عايش أن الرئيس أراد على ما يبدو أن يدخل الدورة العادية الأخيرة للبرلمان، التي ستنطلق أعمالها الأحد المقبل، بتعديل احتوائي لغضب النواب على أداء بعض الوزراء وخاصة أعضاء الفريق الاقتصادي، بخاصة المعشر وكناكرية.
بدوره، قال الخبير الاقتصادي مازن مرجي: "لا أظن أن التعديل الوزاري سيحدث تغييرا إيجابيا على صعيد الأداء الاقتصادي للحكومة التي تواجه مشكلات اقتصادية متراكمة ولم تنجح في تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين باعتبار أن ذلك يشكل جوهر الإصلاح الشامل".
وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن المشكلات الاقتصادية التي يعانيها الأردن تتطلب معالجات جذرية وشاملة بحيث تطاول قطاعات الخدمات والنقل والاستثمار ومختلف المجالات ويتم تحسين الظروف الاستثمارية لكل منهاج، مثل النهوض بقطاع النقل لإحداث التطور الاقتصادي المطلوب، علما أن هنالك العديد من الفرص المتاحة لكنها غير مستغلة.