تعثر اتفاق تخفيف الحظر على توريد سلع من ليبيا إلى تونس عبر الحدود البرية للبلدين في أيامه الأولى، ما يزيد المخاوف من تفاقم الاحتقان الاجتماعي في مناطق جنوب تونس التي يعتمد الكثير من سكانها معيشياً على التجارة بين البلدين.
وقال رئيس المجلس البلدي بمدينة بن قردان التونسية على الحدود، فتحي العبعاب، لـ"العربي الجديد"، إن القرار بفك الحظر على الواردات الليبية والتجارة البينية بين تونس وجارتها الجنوبية لا يزال متعثرا بسبب تشدد ليبي ورفض بعض المنظمات هناك للقرار الحكومي معتبرة إياه "شرعنة للتهريب".
وأفاد العبعاب بأن لجنة مشتركة من المسؤولين المحليين بالجانبين التونسي والليبي يعملان على إيجاد تسويات بحلول تقبلها كل الأطراف من أجل حلحلة الأزمة.
وأصدرت وزارة الاقتصاد والصناعة التابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا، الثلاثاء الماضي، قراراً بشأن تنظيم نقل السلع إلى تونس، نص على إتاحة اصطحاب المسافر للبضائع سواء كان ليبيا أو أجنبيا، لكنه حظر في المقابل اصطحاب السلع الممنوع تصديرها.
وحسب القرار الجديد، يتم السماح للتجار التونسيين بتوريد السلع من ليبيا بما قيمته 10 آلاف دينار ليبي (7.2 آلاف دولار) يوميا، ودون تحديد لعدد السفرات اليومية لأي تاجر نحو التراب الليبي.
كما سمح القرار الليبي بتوريد قائمة من المواد الإلكترونية والمفروشات وغيرها من المواد، عدا التموينية المدعومة من حكومة طرابلس والتي بقيت مستثناة من قائمة المواد المسموح بتوريدها لتونس.
وأثار قرار فك حظر توريد السلع الليبية إلى تونس غضب اتحاد جمعيات حماية المستهلك في ليبيا، الذي وصف القرار بغير الصائب.
وقال رئيس اتحاد جمعيات حماية المستهلك الليبي أحمد الكردي، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، إن "القرار عبارة عن استنزاف لمقدرات الاقتصاد الوطني، فهو يتسبب في نقص السلع بالسوق المحلية وارتفاع الأسعار، لا سيما في ظل انتعاش تجارة التهريب".
وأضاف الكردي أن "القرار لم يحدد السلع الممنوعة من الخروج بصحبة المسافرين حتى الآن، وقد يفهم خطأ في المنافذ الحدودية بشأن اصطحاب الأدوية والسلع الأساسية".
وكانت السلطات المحلية في جنوب تونس تعوّل على أن يساهم القرار الليبي بفك الحصار على التوريد في إطار ما يعرف بـ"التجارة الموازية" لإنقاذ آلاف العائلات التي تعيش من التجارة البينية في المنطقة وتوفر السلع لمحافظات تونسية عديدة تقصد المناطق الحدودية للبحث عن مبتغاها من المواد الإلكترونية والمفروشات والمنسوجات.
وفي شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب الماضيين، شهدت المعابر الحدودية بين تونس وليبيا توتراً كبيراً بسبب اشتباكات بين تجّار تونسيين والسلطات المحلية الليبية، ما تسبب في غلق معبري رأس الجدير والذهيبة وازن لأكثر من 8 أسابيع.
وعملت السلطات المحلية خلال تلك الفترة، في مدينتي بن قردان التونسية ووازن الليبية، على تشكيل لجنة مشتركة يعهد إليها فضّ النزاعات بين الطرفين، وتسهر على وضع قواعد عرفية تلزم التجار بنوعية السلع وكمياتها الموردة من ليبيا نحو التراب التونسي.
وفي الأسبوع المنقضي وضع وزير التجارة التونسي عمر الباهي، حجر الأساس للمنطقة اللوجستية والتجارية في بن قردان لإنشاء عدد من المنشآت وتوفير الخدمات الإدارية للمستثمرين.
وقال الباهي إن دخول المنطقة حيز الاستغلال الفعلي سيكون خلال عام 2021، نافيا أن تكون كل أصناف التجارة الموازية تم تقنينها في صلب هذه المنطقة الحرة، ومنها المحروقات، التي تباع على الطريق دون رقابة وتغيير.
وتقع المنطقة الحرة للأنشطة التجارية واللوجستية في بن قردان في "علوة القنة"، على بعد 11 كيلومتراً من مركز العبور براس إجدير، وتمتد على مساحة 150 هكتارا، ويهدف إنشاؤها إلى إرساء أداة فاعلة للتنمية بجهة بن قردان وإحداث 2000 فرصة عمل مباشرة وأكثر من 6 آلاف فرصة عمل غير مباشرة.
وتسعى الحكومة التونسية إلى تنظيم وهيكلة النشاط التجاري الحالي وجلب الاستثمار وإدماج الناشطين في القطاع المهيكل والتأسيس لقاعدة تجارية بمواصفات عالمية.