السودان: مخاوف من تحركات مشبوهة لشراء الذهب

18 ابريل 2019
معاناة تجار الذهب تتزايد بتدخل البنك المركزي (فرانس برس)
+ الخط -
حذرت شعبة مصدري وتجار الذهب في السودان من وجود جهات تشتري كميات كبيرة من الذهب مستغلة بذلك الأجواء التي تمر بها البلاد.

وقالت الشعبة في بيان لها اليوم الخميس إن هذه الجهات التي تعمل على شراء الذهب وتهريبه إلى خارج البلاد إنما هو عبر الأموال التي تمت سرقتها من الشعب، داعية إلى التدخل السريع لايقاف هذا العمل بكل الطرق والوسائل تجنبا لضياع ثروة الذهب.

وطالبت الشعبة باتخاذ عدد من الخطوات خلال المرحلة المقبلة، من بينها خروج بنك السودان المركزي والشركات الأمنية بصورة نهائية وفورية من سوق الذهب وفتح مصادره للتجار الحقيقيين.

وأشار بيان الشعبة إلى معاناة تجار القطاع كثيرا من تغول بنك السودان المركزي والشركات الحكومية على تجارتهم مما فتح أبوابا كبيرة للفساد وضياع موارد البلاد، وأكد ضرورة خروج بنك السودان المركزي من سوق الذهب لإسهام سياساته المتخبطة في فتح الثغرات لتهريبه للخارج وفقدان موارد البلاد.

وطالب البيان بتكوين لجنة من شعبة مصدري الذهب والجهات الحكومية ذات الصلة لوضع الضوابط اللازمة لانتظام عملية تصدير الذهب بواسطة التجار فقط، على أن يتولى البنك المركزي العمليات التنظيمية المعروفة.



وقال الناطق الرسمي باسم شعبة مصدري الذهب عبد المولى القدال لـ(العربي الجديد) إن شعبته تتخوف من الشراء الكثيف والمريب للذهب من قبل ضعاف النفوس، مشيرا إلى أن طريقة الشراء تتم إما عبر الكاش أو الشيكات أو الهواتف النقالة، بتحويل مبالغ الذهب المرغوب في شرائه من حساب المشتري لحساب التاجر عبر الهاتف وتسليم السبائك خارج سوق الذهب بالخرطوم.

وأكد أن شعبة مصدري الذهب حريصة على لفت الأنظار إلى الجهة التي يتم الشراء لصالحها، خاصة بعد التطورات الجديدة وإمساك الجيش بالسلطة، كاشفا عن وجود مشتريات كبيرة هذه الفترة للسبائك، منوها إلى أن البنك المركزي اشترى طنا كاملا من الذهب من المعدنين الأهليين في غضون اليومين الماضيين فقط.



وتوقع القدال وصول كميات مقدرة من الذهب الخام من مناطق الإنتاج للخرطوم، والتي كان يخزنها المعدنون بسبب ارتفاع الدولار، والذي يشهد تراجعا ملحوظا إلى 56 جنيها بعد أن تجاوز خانة الـ80 جنيها طيلة الفترة المنصرمة بالسوق الرسمي.

انتقادات للبنك المركزي

ودعا شيخ الصاغة بالخرطوم محمد تبيدي في حديث لـ(العربي الجديد) إلى إجراء تنظيم شامل للشراء والبيع للذهب ليس في السوق وحده وإنما في بنك السودان المركزي كذلك، منتقدا دخول البنك كمشتر للذهب بدلا عن الاهتمام بالإشراف والرقابة على الشراء فقط وترك البيع والشراء للتجار.

وقال تبيدي إن المشتري الأكبر للذهب الخام هو الأمن والبنك المركزي ويتم الشراء عبر 3 نوافذ تتبع للبنك المركزي ولشركتين هما الجنيد والسبيكة، وبعد الحراك الشعبي توقفت الشركتان المذكورتان عن الشراء وصار البنك هو المشتري الوحيد من السوق الآن، نافيا وجود شراء غير طبيعي هذه الفترة للذهب المشغول مقارنة بالخام.

وكشف المنتج والتاجر مهدي عبدالله لـ(العربي الجديد)عن حراك كثيف وغير معلوم من قبل جهات خفية قامت منذ العام المنصرم 2018 وحتى العام الحالي 2019 بشراء كميات كبيرة من الذهب من المنتجين والتجار وبأسعار مغرية جدا، وقال إن الشراء كان يتم عبر سلسلة من الوسطاء، وقد رفضوا الإفصاح للمنتجين عن هوية المشترين النهائيين. 

وأشار عبدالله إلى اتجاه عدد من التجار بمناطق الإنتاج لبيع الكميات التي يحوزونها من الذهب  لبنك السودان المركزي خوفا من مآلات الأوضاع بالبلاد، وتجنبا للخسائر حال هبوط الأسعار.


ودعا المسؤول بالأمن الاقتصادي، طارق شكري وزارة المعادن لوضع حلول عاجلة للسيطرة على الذهب المنتج بدلا عن التفكير في زيادة الإنتاج في الوقت الراهن، لافتا إلى أن المشكلة في ملف الذهب تتعلق باختلاف الرؤى الاقتصادية بين وزارة المعادن والمعدنين وبنك السودان المركزي.

وانتقد محافظ بنك السودان المركزي الأسبق د. صابر محمد الحسن في وقت سابق توجه بنك السودان المركزي للاتجار في الذهب، مشيرا إلى أن هذا التوجه دفع البنك لطباعة النقود للتمكن من الشراء وتمويل المخزون الاستراتيجي ما أدى إلى فقدان العملة قوتها، وحث البنك المركزي على الانسحاب الفوري من عمليات شراء الذهب لإيقاف تدهور سعر صرف النقد الأجنبي مقابل الجنيه السوداني. 

واعتبرت وزارة المالية عبر المدير السابق للهيئات والمؤسسات والشركات الحكومية في ندوة لوزارة المعادن، أن طريقة إدارة بنك السودان لملف الذهب فيها الكثير من الملاحظات، كاشفا أن الذهب المخزن يبلغ أكثر من 200 طن تصل قيمتها لأكثر من 16 مليار دولار، مؤكدا ضرورة التعاون بين القطاعين العام والخاص والبنوك التجارية للعمل على شراء الذهب، لجهة أن بنك السودان لا يستطيع الشراء خوفا من طبع مزيد من العملات التي تؤدي إلى زيادة التضخم.