في الوقت الذي أعلنت فيه مجموعة العشرين تكاتفها لمحاربة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، وسخرت قذائف "البازوكا" لإنقاذ الاقتصاد العالمي، والتخفيف من تبعات الجهود المبذولة للحد من انتشار الفيروس، في صورة التعهد بتقديم 5 تريليونات دولار لإنقاذ الأسواق، ظهرت توقعات جديدة بتراجع النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة والدول الكبرى بنسبة تصل إلى الربع في المائة، بعد الاضطراب الذي شهدته الأسواق حول العالم، ممثلاً في تراجع جانبي الطلب والعرض في أغلب الدول.
وفي تقرير قدمته لمجموعة العشرين قبل بدء اجتماعاتها "الافتراضية"، الخميس الماضي، قدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD حجم الصدمة التي سيتعرض لها إنتاج الدول الكبرى، بعد تعطل سلاسل الإمداد، وتراجع الطلب على كل أنواع المنتجات والخدمات غير الطبية، نتيجة لإعصار "خليك بالبيت" الذي اجتاح العالم على غير انتظار، بما يقرب من 20%-25% من إنتاجها المعتاد قبل الأزمة.
وقالت المنظمة إنها بَنَت تقديرها هذا على أساس التوقف شبه التام في العديد من القطاعات، بدءاً من المطاعم والمقاهي، ووصولاً إلى مصنعي السيارات، والتي تشكل وحدها ما يقرب من 30% - 40% من الناتج المحلي الإجمالي في تلك الدول، مؤكدةً "انخفاض ناتج القطاع السياحي وحده بنسبة 70%".
وفي حين أكدت المنظمة أنه في حالة استمرار حالات الإغلاق لمدة ثلاثة أشهر، فإن إجمالي الناتج المحلي للاقتصادات المتقدمة سينخفض بنسبة 6%، قدرت تراجع الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة، الاقتصاد الأكبر في العالم، بنسبة 4%، واعتبرت أن اليونان ستكون من أكثر الدول تأثراً سلبياً بسبب اعتمادها الكبير على قطاع السياحة، وأن أيرلندا ستكون الأقل تأثراً، بسبب تركيزها على تنمية الشركات الرقمية لديها.
واعتبر سكوت أندرسون، كبير الاقتصاديين في بنك أوف ذا وست، أن الرقم الذي يعد الأكبر في تاريخ البلاد "يعد دليلاً واضحاً لا تخطئه العين على أن الولايات المتحدة قد دخلت بالفعل في ركود".
وبعد أقل من 24 ساعة من تقرير المنظمة الدولية الكبرى، أعلنت كريستينا جورجيفا، رئيس صندوق النقد الدولي، أن ظهور كورونا، والجهود المبذولة لاحتوائه، تسبّبا في دخول الاقتصاد العالمي في ركود، مؤكدة أن الإجراءات البسيطة لن تجدي بعد أن عرفنا أنها أزمة ضخمة بكل المقاييس.
وأضافت "لم نر اقتصاد العالم يتوقف تماماً كما يحدث الآن من قبل". وقالت جورجيفا، التي تسلّمت مهام منصبها رسمياً قبل أقل من ستة أشهر، في لقاء مع محطة سي إن بي سي "لقد ذكرنا أن العالم دخل الآن في ركود اقتصادي، وأن طول فترة الركود، وعمقه، سيتوقفان على إمكانية احتواء الفيروس، وعلى إمكانية التوصل إلى تعامل فعال بالتنسيق بين الدول في مواجهة أزمته".
وقبل أسبوعين تقريباً، أعلن صندوق النقد أنه مستعد لتوفير تمويل بقيمة تريليون دولار، لمساعدة الدول المتضررة اقتصادياً وإنسانياً من الفيروس.
وقالت جورجيفا وقتها إن "صندوق الاحتواء والتخفيف لدى المؤسسة الدولية يمكنه مساعدة الدول الأكثر فقراً بتخفيف مديونياتها، الأمر الذي يسهل عليها توجيه جزء لا يستهان به من مواردها للإنفاق على الصحة وتخفيف الأعباء على المواطنين".
وقال محمود محيي الدين، الاقتصادي المصري الشهير، الذي شغل منصب النائب الأول لرئيس البنك الدولي "يتعين على الدول الدائنة إعفاء الدول المقترضة من غرامات تأخير سداد أقساط القروض، وتخفيض معدلات الفائدة المطبقة على ما تم منحه بالفعل، وربما إلغاء جزء من الديون"، تجنباً لحدوث حالة من التعثر الجماعي في العديد من البلدان المتضررة من الأزمة الحالية.
وانضم عملاق إدارة الاستثمارات بيمكو إلى قافلة المتشائمين من مستقبل النمو الاقتصادي العالمي، ليؤكد في مذكرة حديثة لعملائه أن الاقتصاد الأميركي سيدخل بالتأكيد في ركود خلال العام الحالي، إلا أنه أشار إلى أن "خطة بنك الاحتياط الفيدرالي التي تم الإعلان عنها الأسبوع الماضي، لشراء كميات لا نهائية من سندات الخزانة وسندات الرهون العقارية، وتقديم تسهيلات تساعد على استقرار النظام المالي العالمي قد تنجح في تجنيب العالم الدمار طويل الأجل، وتسرع من عودة الانتعاش الاقتصادي".
وتوقعت ويلدينج أن تصل إلى 6 تريليونات دولار، وهي، مع حزم التحفيز المقدمة من الحكومة الفيدرالية "يمكنها أن تلعب دوراً كبيراً في مساعدة عدد كبير من القطاعات والمؤسسات على تجاوز الأزمة"، إلا أنها أكدت أن كل هذه البرامج لن تكون ترياقاً يمنع دخول الاقتصاد الأميركي في ركود، مشيرةً إلى أن البيانات الصادرة حتى الآن توحي بأن الولايات المتحدة قد تكون دخلت بالفعل في ركود اقتصادي".
وأضافت ويلدنج أنّ "الاقتصاد الأميركي يعاني حالياً من ثلاث صدمات اقتصادية قوية، تتمثل في الاضطرابات التجارية العالمية، والإغلاق الإلزامي للأعمال التجارية المحلية، وتعثر الإقراض من المؤسسات المالية، وهو ما سيساهم في حدوث انكماش كبير في النشاط الاقتصادي الأميركي في الربع الثاني.
ومع ذلك، يمكن أن تساعد البرامج الحكومية وبرامج البنك الفيدرالي على تجنب الوصول إلى الكساد".