بدأت عمليات حصاد القمح القاسي في سورية، وسط تباين بتوقعات غلة هذا العام، ووجود أكثر من "تسعير" في مناطق البلاد المختلفة.
وتعرض حكومة الأسد والمعارضة وقوات سورية الديمقراطية "قسد"، كل في مناطقها، أسعارا مختلفة لاستجرار القمح من المزارعين.
ويؤكد مدير مؤسسة الحبوب بالحكومة السورية المعارضة "التابعة للائتلاف الوطني" حسان محمد، أن السعر الذي عرضته المؤسسة لاستجرار القمح "هو الأعلى عملياً" آملاً باستجرار نحو 200 ألف طن قمح من المناطق المحررة لهذا العام.
ويكشف محمد، لـ"العربي الجديد"، أن مؤسسة الحبوب المعارضة طرحت 475 دولاراً للطن الواحد، ما يعني وصول سعر الكيلوغرام لنحو 1900 ليرة سورية، وهو سعر صاف من دون أية حسومات، في حين أن نظام بشار الأسد طرح سعر الكيلو بـ 1700 ليرة، مع مكافأة 300 ليرة، ولكن هناك حسم بنحو 15% يقتطع من أسعار الفلاحين، لقاء ما يدعيه نظام الأسد، إعادة الإعمار وإعانة أسر الشهداء.
وحول إمكانية اختيار الفلاحين السعر الأفضل، كأن ينقلوا غلالهم لمناطق النظام أو منها، يضيف محمد لـ"العربي الجديد" أن نقل الغلة "صعب جداً على الفلاحين" نتيجة المنع والحواجز، ولكن يمكن للتجار، بعد استجرار بعض المحصول، نقله إلى مناطق السعر الأعلى، أو حتى يهربونه إلى خارج البلاد، لارتفاع الطلب على القمح وزيادة أسعار الدول المجاورة عن السعر داخل سورية".
بالمقابل، رفعت وزارة الاقتصاد بحكومة الإنقاذ بالمناطق المحررة شمال غرب سورية "التابعة لهيئة تحرير الشام" قبل أيام، سعر شراء القمح من المزارعين لعام 2022 من 425 إلى 450 دولارًا أميركيًا للطن الواحد "نحو 1800 ليرة للكيلو".
وبررت الوزارة تحديد السعر الجديد من قبل المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب بالارتفاع العالمي في أسعار القمح، والرغبة في الحفاظ على الأمن الغذائي في المناطق المحررة، وتشجيع المزارعين.
لكن المزارع حسين الحجي من ريف إدلب الشرقي، يرى أن السعر "غير عادل، لأن تكاليف الإنتاج مرتفعة جداً، خاصة بالنسبة للقمح القاسي الذي بدأ حصاده هذه الأيام".
ويشير الحجي، خلال اتصال مع "العربي الجديد"، إلى أن تكلفة حصاد الدونم بالحصادة تزيد عن 35 ألف ليرة سورية، أما إذا توجه الفلاحون للحصاد اليدوي بهدف الاستفادة من التبن كأعلاف، فإن تكلفة حصاد الدونم تصل لنحو 90 ألف ليرة بواقع ارتفاع أجور العمالة.
وتعاني سورية من عجز كبير بمادة القمح، بعد تراجع الإنتاج من أكثر من 3.5 ملايين طن قبل الثورة عام 2011، إلى نحو 1.2 مليون طن هذا الموسم، بحسب توقعات متطابقة من مدير مؤسسة الحبوب المعارضة، حسان محمد لـ"العربي الجديد" وتصريحات صحافية لرئيس اتحاد الفلاحين بحكومة الأسد، أحمد صالح الإبراهيم بأن "الكميات الإجمالية لإنتاج القمح بين 1 و1.2 مليون طن".
ويقدر حسان محمد إنتاج الموسم الحالي بنحو 1.2 مليون طن قمح "صلب وطري" بعموم الأراضي السورية، حصة المعارضة بمناطق سيطرتها بنحو 200 ألف طن، في حين المتوقع أن يكون أعلى إنتاج بالمناطق التي تسيطر عليها "قوات سورية الديمقراطية" شمالي شرق سورية، بنحو 600 ألف طن ولن يزيد الإنتاج بالمناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد عن 400 ألف طن.
ويتوقع أن يصل العجز في العام الجاري لأكثر من مليون طن قمح، إذ تستهلك سورية بحسب المهندس الزراعي يحيى تناري نحو 2.5 مليون طن قمح، حيث ستضطر حكومة الأسد للاستيراد من الخارج لتأمين الفارق بين الإنتاج والاستهلاك.
ويعتبر تناري أن "خيارات الفلاح السوري محدودة وبجميع المناطق، لأنه لا يمتلك قرار عدم البيع أو النقل إلى خارج سورية، كما أن سعر القمح بسورية لهذا العام فيه ظلم للفلاح، فالسعر العالمي يزيد عن 200 دولار، مع أجور النقل".
ويرى تناري أن " تسعير المعارضة، أفضل من سعر النظام، لأنه بالدولار أولاً ولا يتأثر بتهاوي سعر الليرة، كما أن الفواتير تدفع للفلاحين كاملة، ولا تتضمن إتاوات بشعارات كبيرة مثل المجهود الحربي، كما تفعل مؤسسة الحبوب بحكومة بشار الأسد".