أعلنت مجموعة "غازبروم" الروسية العملاقة، أمس الثلاثاء، عن خفض شحناتها من الغاز إلى ألمانيا عبر خط أنابيب "نوردستريم" بأكثر من 40 في المئة يومياً، نظرا لعدم تسلّمها المعدات الضرورية من شركة "سيمنز" الألمانية.
وقالت المجموعة الروسية في بيان نشرته على "تلغرام"، إنه "لا يمكن ضمان شحنات الغاز بواسطة خط أنابيب نوردستريم إلا بما تصل كميته إلى 100 مليون متر مكعّب من الغاز يوميا بدلاً من 167 مليون متر مكعّب يومياً كما كان مخططاً".
وخط نوردستريم من الخطوط الرئيسية في تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا وتبلغ سعته 55 مليار متر مكعب سنوياً. وكانت ألمانيا قد أوقفت ترخيص خط "نوردستريم 2" في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا.
ووسط المخاوف من ابتزاز غازبروم لأوروبا خلال الشهور المقبلة، واصلت أسعار الغاز الطبيعي الأوروبية الارتفاع خلال تعاملات الثلاثاء، بسبب ضعف إمدادات الغاز إلى المنطقة مع استمرار تداعيات الغزو الروسي على أوكرانيا. وتفاقمت المخاوف بسبب الانخفاض التدريجي المشهود في تدفقات الغاز من النرويج على مدار هذا الأسبوع، خاصة بعد اندلاع حريق في منشأة للغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، بالتزامن مع محدودية عمليات التسليم من روسيا التي تعتبر أكبر مورد للغاز لأوروبا.
ووفقاً لوكالة بلومبيرغ، من المتوقع انخفاض شحنات الوقود الأميركية في الأسابيع المقبلة إثر الانفجار الذي وقع في الثامن من يونيو/ حزيران في محطة تصدير الغاز الطبيعي المسال في تكساس. من جهة أخرى، يتوقع ارتفاع درجات الحرارة فوق المعدل الطبيعي في معظم أنحاء أوروبا خلال الشهر الجاري، ما يزيد الطلب على الكهرباء للتبريد. وارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في السوق الأميركي، أمس الثلاثاء، إلى 8.81 دولارات لمليون وحدة حرارة بريطانية.
ويرى محللون أن هنالك ثلاثة عوامل سترفع أسعار الغاز الطبيعي المسال خلال الشهور المقبلة. وهذه العوامل هي أولا ارتفاع الطلب في آسيا التي بدأت تنشط في شراء الشحنات من الغاز الطبيعي المسال وبناء احتياطاتها قبل موسم الشتاء، وعدم وجود شاحنات كافية في أسواق الغاز المسال الجديدة مثل الولايات المتحدة وأستراليا.
ثانياً احتمال توقف جزء كبير من غاز الأنابيب إلى أوروبا بسبب إصرار شركة غازبروم على تسديد فواتير الغاز بالروبل بدلاً من الدولار واليورو. وثالثاً، حاجة السوق الأميركية لخفض معدل التضخم عبر تقليل شحنات الغاز المسال إلى أوروبا.
يُذكر أن أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة ارتفعت إلى أكثر من 9 دولارات لكل مليون وحدة حرارة بريطانية في مايو/ أيار الماضي للمرة الأولى منذ عام 2008. وكانت الأسواق الأوروبية قد استقبلت خلال العام الجاري نحو 74% من صادرات الغاز المسال الأميركية.
وإلى جانب قطر والجزائر وبعض الدول الأفريقية، تضع أوروبا آمالاً لتغطية بعض النقص في الغاز على منطقة بحر قزوين التي توجد فيها احتياطات تقدر بحوالي 292 تريليون قدم مكعبة ولكنها تقع تحت الهيمنة الجيوسياسية الروسية.
وتكمن أزمة احتياطات غاز منطقة بحر قزوين في وسيلة النقل، إذ إن خط الأنابيب الوحيد الناقل للغاز العابر للبحر يربط تركمانستان بأذربيجان على الساحل الشرقي. ويقع هذا الخط تحت السيطرة الروسية.
وتُعتبر تركمانستان صاحبة رابع أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم، ولكنها تواجه مجموعة من العراقيل التي تمنع استغلال مواردها من الغاز الطبيعي. والحل الوحيد المتاح في الوقت الراهن هو إنشاء مشاريع للغاز المسال. ومن بين هذه العراقيل أنه لا يوجد تمويل في تركمانستان تعتمد عليه الحكومة التي تهيمن على توجهاتها الحكومة الروسية. كما أن المستثمرين الأجانب يجدون صعوبة في التعامل مع موارد الغاز في بحر قزوين في وقت تغزو فيه روسيا أوكرانيا.