"أوروبا ليست المكان الوحيد للاستمتاع بأرض العجائب الشتوية خلال ديسمبر/كانون الأول"، هي عبارة بدأت بها أوليفيه وينر مقالتها على مدونتها السياحية، للإشارة إلى أنّ هناك أماكن ساحرة للاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة بعيداً عن الأجواء التقليدية.
بحسب وينر، تعد مدينة كيبك في الأحوال العادية وخارج قيود جائحة كورونا، المقاطعة الفرنسية الوحيدة في أميركا الشمالية، المكان الأقرب إلى مدن العجائب خلال هذا الشهر، حيث الأضواء والموسيقى والجوقات الفنية والأجواء الميلادية التي يعشقها الكبار والصغار.
وتقول: "صحيح أنه من المعروف أن مدناً مثل ستراسبورغ بفرنسا ونورمبرغ بألمانيا، شكلت العناوين الرئيسية للاحتفال بالميلاد، لكن الرحلة إلى كيبك ستغير نظرتكم بالتأكيد".
وتتميز المقاطعة الفرنسية، التي تبعد عن مدينة مونتريال الكندية نحو 3 ساعات تقريباً، بطابعها الكلاسيكي. فهي مدينة بدأت تجذب السكان منذ القرن السابع عشر، لذا فإن هندستها المعمارية تعود إلى تلك الحقبة، كما أن سكانها لا يزالون حتى اليوم متمسكين بتقاليد أجدادهم، إن لناحية إعداد الطعام أو لناحية طرق العيش البسيطة.
أسواق الميلاد
ببساطة ستعيش الأجواء الميلادية الألمانية بكل تفاصيلها، وتستشعر بالسعادة كيفما تجولت في الشوارع العامة والساحات. سنوياً تستضيف المدينة فعاليات المعرض الألماني المنظم لأسواق الميلاد، حيث تطغى المنتجات الألمانية الشهيرة، ككسارة البندق والمأكولات والحلويات، على أجواء الاحتفالات.
تقول وينر "خلال زيارتي المدينة القديمة في كيبك، أمضيت أكثر من 4 ساعات أتنقل بين الأكشاك الصغيرة، فتارة تجذبني رائحة النقانق والمعجنات، وطوراً رائحة الحلوى والمشروبات الساخنة".
إضافة إلى أكشاك الطعام، تتميز أسواق الميلاد في كيبك أيضاً بالسلع المحلية والتقليدية، والتي يشتهر السكان المحليون بصناعتها، كالدمى والفخاريات، لذا تنصح وينر بالتسوق من هناك، وشراء الهدايا التذكارية.
وإذا كنت تبحث عن المزيد من النشاطات، عليك زيارة سوق المزارعين "ميناء ماركي دو فيو"، حيث يوفر مجموعة من خيارات التسوق بما في ذلك المنتجات الموسمية وأطعمة الذواقة والحرف التي ينتجها الحرفيون المحليون، كما أنها فرصة للاحتكاك بالسكان المحليين.
عجائب الشتاء
لا شيء يجعل عيد الميلاد يبدو أكثر احتفالية من رؤية طبقة جديدة من الثلج على الأرض. الأجواء في الأحياء القديمة بمدينة كيبك مبهجة، في ظل أصوات أجراس الكنائس وازدحام المارة.
في شارع "لو بوتي شابلان"، يمكن اكتشاف تجارب جديدة واستثنائية أيضاً، فالشارع الأشهر في المقاطعة، يتميز بطابعه الكلاسيكي. المباني والكنائس والشوارع الضيقة بين الأحياء تعيدك فعلاً إلى القرن السابع عشر.
يتميز الشارع أيضاً بكثرة المقاهي الشعبية، وعشاق العاصمة الفرنسية سيجدون أيضاً متعة خاصة في الحي اللاتيني والذي يشبه إلى حد نظيره في باريس.
وتنصح وينر بتذوق حلوى القيقب الشهيرة في أحد المقاهي المنتشرة هناك. وعند نهاية الشارع، لا بد من زيارة Château Frontenac الشهير، والذي يعتبر أيقونة كيبك، وهي فرصة لاكشتاف الوجه التاريخي للمدينة.
زيارة قرية الميلاد
من المغامرات الاستثنائية زيارة قرية الميلاد في شمال البلاد، والتي تعد نموذجاً ريفياً للقرى الميلادية التي اشتهرت بها أوروبا في القرون الماضية.
تتزين القرى الريفية بالأضواء والزينة الخضراء. يسعى الزوار إلى زيارة القرى الريفية، لأنها تشكل فرصة للصغار لخوض العديد من التجارب الترفيهية، منها زيارة منزل "بابا نويل"، وزيارة مصنعه، حيث يشاركون مع الأقزام بإعداد قائمة الهدايا، وتزيينها، وتغليفها.
لا تنتهي حدود الزيارة هنا، إذ لا بد من زيارة الفندق الجليدي الوحيد في أميركا الشمالية، حيث يقدم فندق Hotel de Glace أكثر من مجرد تجربة فريدة بين عشية وضحاها، حيث يمكنك احتساء كوكتيل العصائر بكوب مصنوع من الجليد، وقضاء ليلة في جناح ذي طابع خاص، والاستمتاع بالمنتجع الصحي في الهواء الطلق.
ومن النشاطات الترفيهية أيضاً، ممارسة رياضة "هوكي الجليد"؛ الرياضة الوطنية لكندا، لذا لا بد من الاستمتاع بالمرح المحلي في واحدة من حلبات التزلج الخارجية العديدة في جميع أنحاء المدينة.
النشاطات الرياضية
يذهب العديد من السياح إلى كيبك فقط لزيارة منتجع مونت تريمبلانت. ببساطة لأن المنتجع يوفر فرصة للتزلج وممارسة الرياضات الشتوية، كما يحتوي أيضاً على ملاعب ضخمة للغولف، ومسارات طويلة للمشي بين الغابات. بالإضافة إلى ذلك، يضم المنتجع القرية السويسرية، وهي قرية مبنية على الطراز السويسري القديم، وتضم مقاهي ومطاعم وسلسلة من المحال التجارية الفاخرة.
في منتجع مونت تريمبلانت، يقضي السائح عطلة الميلاد من ون الحاجة حتى لزيارة أماكن أخرى.
وقبل مغادرة البلاد، ما رأيكم برحلة بحرية وسط الثلوج؟ إن كنتم ترغبون بذلك، عليكم إذا زيارة مدينة تادوساك، وهي مدينة صغيرة على ساحل سانت لورانس، على بعد حوالي ثلاث ساعات شمال مدينة كيبك.
هنا يتدفق نهر سيغناي إلى نهر سان لورونس، ما يجعله مزيجًا مثاليًا لتغذية أنواع الحيتان المختلفة التي تأتي هنا كل عام. ومن أكثر النشاطات المائية إقبالاً، القيام برحلة على متن قارب لرؤية حيتان بيلوجا البيضاء، والحيتان الحدباء (المعروفة بقفزاتها المذهلة من الماء).
ما لا تعرفه عن كيبك
يعتبر اقتصاد كيبك من الاقتصادات المتقدمة عالمياً، فبحسب مؤشر الرفاهية العالمية، تحتل كيبك المركز العاشر، يعتمد اقتصادها بشكل أساسي على الخدمات والتجارة، يصل الناتج المحلي السنوي للفرد إلى 51 ألف دولار.
صُنف اقتصاد كيبك ضمن أكبر 37 اقتصادا في العالم، وضمن أكبر 28 اقتصادا في مستوى الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد.
السياحة في كيبك ليست منخفضة التكاليف أسوة بمناطق أخرى، كألبيرتا على سبيل المثال في شمال كندا، لكن إن تمكن السائح من اقتناص فرصة الحجوزات المبكرة، والتخطيط قبل أشهر لزيارة هذه المدينة، فسيتمكن عندها من الحصول على أسعار مناسبة جداً.
في المتوسط، يصل سعر الإقامة في الفنادق المصنفة 4 و5 نجوم إلى 120 دولاراً، ويرتفع السعر في حال الإقامة في المنتجعات السياحية. قائمة الطعام متنوعة، وتبدأ الأسعار من 20 دولاراً، ويمكن حتى الحصول على وجبات سريعة وخفيفة بأسعار تقل عن 10 دولارات.
أما بالنسبة إلى تكاليف السفر عبر الطائرة، فهي مرتفعة، خاصة إن كانت الوجهة من إحدى الدول العربية، إذ يصل سعر التذكرة إلى 3000 دولار تقريباً.