يعد شاعر الربابة الأردني، عبدالله العوادين، واحدا من قلائل لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة، يواصلون الدفاع عن الفن التراثي الذي بات مهدداً بالاندثار. يمسك الخمسيني ربابته بعطف وحرص واضحين، وقبل أن يشرع بالحديث عن تاريخ فن الربابة ودوره الذي تجاوز في المجتمعات البدوية حدود المتعة والترفيه، أنشد واحدة من أشهر الأشعار المتوارثة، مصحوبة بلحن حزين، ترك آثاره على عيني الشاعر.
لا يعرف العوادين التاريخ الذي نظمت فيه قصيدة "يا طروش" التي أنشدها، يقول: "هي قديمة جداً"، لكنه يعرف مناسبتها والدور الذي لعبه شعراء الربابة في إشهارها وجعلها تذهب مذهب المثل.
يروي "نظم القصيدة رجل طاعن في السن، كرس حياته لتربية أولاده الثلاثة بعد وفاة أمهم، ورفض الزواج خوفاً عليهم من سوء المعاملة، كبر أولاده وزوجهم (..) كبر أبوهم وأصبح عاجزاً عن خدمة نفسه، وبدل أن يحسنوا معاملته رحل أولاده في الليل وتركوه نائما، ليستيقظ ويجد نفسه وحيداً في منطقة خالية". يتابع العوادين "شعر والدهم بالحزن على حاله، والألم على ما لاقاه من نكران، وبينما هو وحيد، مر عليه عابرون فناداهم، وعندما سألوه عن قصته قال قصيدته المشهورة هاجياً أولاده".
ويثار خلاف على أن القصيدة التي ذاع صيتها بعد أن أنشدها شعراء الربابة في ذلك العصر، وصلت إلى مسامع أولاده، فندموا على فعلتهم وعادوا لرعاية والدهم، وبين من يقولون إنه مات دون أن يراهم بعد فعلتهم.
دون أن يرجح أياً من الروايتين، يشير العوادين إلى الدور الذي لعبه شعراء الربابة في إشهار القصيدة، وإعطائها بعداً يتجاوز حدود الإمتاع والتسلية لتصبح مثلاً حياً على نكران الجميل وقسوة الأبناء.
"شاعر الربابة كان الإذاعة المتنقلة بين العربان، ينقل أخبار العربان بينهم"، يشرح دور شاعر الربابة في العصر القديم.
وتنتشر الربابة في السعودية وسورية والعراق والأردن، وهي آلة موسيقية عربية قديمة ذات وتر واحد، ويدخل في صناعتها مواد أولية بسيطة متوفرة في البادية.
وتتكون الربابة من صندوق خشبي، يغلف بجلد الماعز أو الذئب أو النايلون حديثاً، فيما يصنع وترها من شعر الخيل، ويصنع القوس من عود الرمان أو الخيزران ويشد عليه وتر آخر، وحديثاً يستخدم بعض شعراء الربابة قوس الكمنجا بدلاً من القوس التقليدي.
رغم الأدوار التي لعبها شعراء الربابة، فإن الغاية الأساسية للفن كانت الترفيه خلال سهرات البدو ومناسباتهم "لم تكن تخلو قديماً السهرات والتعليلات من الربابة" يقول العوادين، الذي يعبر عن أسفه للتراجع الكبير الذي طاول هذا الفن نتيجة انتشار التكنولوجيا الحديثة بداية من ظهور الراديو والتلفزيون وصولاً للإنترنت. يقول "فن الربابة يقترب من الانقراض ما نقوم به محاولة للحفاظ على تراث أبنائنا وأجدادنا، وأن تبقى أقدم أله موسيقية عند العرب حاضرة (..) شعراء الربابة في الأردن لا يتجاوز عددهم اليوم أصابع اليد الواحدة".
بدأ العوادين عزف الربابة بشكل احترافي في العام 1985، كان فيها فن الربابة يعيش فترة ذهبية، ساهمت الدراما الأردنية التي توسعت بإنتاج المسلسلات البدوية بالحفاظ عليه.
منذ ذلك التاريخ شارك في 33 مسلسلا بدويا، والعديد من البرامج التلفزيونية، والمناسبات الوطنية والاحتفالات الرسمية، ويقدم اليوم برنامج "جرة ربابة" الذي يبث على إذاعة جامعة الطفيلة (180 كيلومترا جنوب غرب عمّان).
لا يوجد قواعد لعزف الربابة، ولا يتم تعلمها بمعاهد، هي كما يصفها العوادين أشبه بالفروسية التي يتعلمها المرء في صغره، يقول "تعلمتها من الأجاويد، كنت أرافق جدي ووالدي في السهرات، وأستمع للعازفين، تعلمتها بالاستماع والممارسة والتدريب الذاتي". لكنه يشير إلى ضرورة أن يكون التناسق حاضراً بين العزف والصوت، يقول العوادين "يوجد طبقات من شعراء الربابة، ليس كل من مسك الربابة بصبح شاعر ربابة، يوجد مميزون ويوجد مبتدئون (..) قبل كل شيء هي إحساس، إذا ما في إحساس ما في إبداع ولا طرب".
ينشد شعراء الربابة أشعاراً متوارثة، وبعضهم يكتب شعره الخاص، لكن المتوارث هو الأكثر شهرة واستخداماً كونه يرتبط بأحداث ويحمل عبراً وقيماً اجتماعية تمكن الاستفادة منها مهما تبدل الزمن، يوضح العوادين: "الربابة بتبسطك (نفرحك) ترقصك تحزنك تبكيك تعلمك تمدحك تهجوك (..) الربابة بحر واسع"، لكن ذلك البحر انحسر وأوشك على الجفاف، فيما تصدم محاولات إنقاذه والحفاظ عليه بحداثة لا تلتفت إليه.
لا يعرف العوادين التاريخ الذي نظمت فيه قصيدة "يا طروش" التي أنشدها، يقول: "هي قديمة جداً"، لكنه يعرف مناسبتها والدور الذي لعبه شعراء الربابة في إشهارها وجعلها تذهب مذهب المثل.
يروي "نظم القصيدة رجل طاعن في السن، كرس حياته لتربية أولاده الثلاثة بعد وفاة أمهم، ورفض الزواج خوفاً عليهم من سوء المعاملة، كبر أولاده وزوجهم (..) كبر أبوهم وأصبح عاجزاً عن خدمة نفسه، وبدل أن يحسنوا معاملته رحل أولاده في الليل وتركوه نائما، ليستيقظ ويجد نفسه وحيداً في منطقة خالية". يتابع العوادين "شعر والدهم بالحزن على حاله، والألم على ما لاقاه من نكران، وبينما هو وحيد، مر عليه عابرون فناداهم، وعندما سألوه عن قصته قال قصيدته المشهورة هاجياً أولاده".
ويثار خلاف على أن القصيدة التي ذاع صيتها بعد أن أنشدها شعراء الربابة في ذلك العصر، وصلت إلى مسامع أولاده، فندموا على فعلتهم وعادوا لرعاية والدهم، وبين من يقولون إنه مات دون أن يراهم بعد فعلتهم.
دون أن يرجح أياً من الروايتين، يشير العوادين إلى الدور الذي لعبه شعراء الربابة في إشهار القصيدة، وإعطائها بعداً يتجاوز حدود الإمتاع والتسلية لتصبح مثلاً حياً على نكران الجميل وقسوة الأبناء.
"شاعر الربابة كان الإذاعة المتنقلة بين العربان، ينقل أخبار العربان بينهم"، يشرح دور شاعر الربابة في العصر القديم.
وتنتشر الربابة في السعودية وسورية والعراق والأردن، وهي آلة موسيقية عربية قديمة ذات وتر واحد، ويدخل في صناعتها مواد أولية بسيطة متوفرة في البادية.
وتتكون الربابة من صندوق خشبي، يغلف بجلد الماعز أو الذئب أو النايلون حديثاً، فيما يصنع وترها من شعر الخيل، ويصنع القوس من عود الرمان أو الخيزران ويشد عليه وتر آخر، وحديثاً يستخدم بعض شعراء الربابة قوس الكمنجا بدلاً من القوس التقليدي.
رغم الأدوار التي لعبها شعراء الربابة، فإن الغاية الأساسية للفن كانت الترفيه خلال سهرات البدو ومناسباتهم "لم تكن تخلو قديماً السهرات والتعليلات من الربابة" يقول العوادين، الذي يعبر عن أسفه للتراجع الكبير الذي طاول هذا الفن نتيجة انتشار التكنولوجيا الحديثة بداية من ظهور الراديو والتلفزيون وصولاً للإنترنت. يقول "فن الربابة يقترب من الانقراض ما نقوم به محاولة للحفاظ على تراث أبنائنا وأجدادنا، وأن تبقى أقدم أله موسيقية عند العرب حاضرة (..) شعراء الربابة في الأردن لا يتجاوز عددهم اليوم أصابع اليد الواحدة".
بدأ العوادين عزف الربابة بشكل احترافي في العام 1985، كان فيها فن الربابة يعيش فترة ذهبية، ساهمت الدراما الأردنية التي توسعت بإنتاج المسلسلات البدوية بالحفاظ عليه.
منذ ذلك التاريخ شارك في 33 مسلسلا بدويا، والعديد من البرامج التلفزيونية، والمناسبات الوطنية والاحتفالات الرسمية، ويقدم اليوم برنامج "جرة ربابة" الذي يبث على إذاعة جامعة الطفيلة (180 كيلومترا جنوب غرب عمّان).
لا يوجد قواعد لعزف الربابة، ولا يتم تعلمها بمعاهد، هي كما يصفها العوادين أشبه بالفروسية التي يتعلمها المرء في صغره، يقول "تعلمتها من الأجاويد، كنت أرافق جدي ووالدي في السهرات، وأستمع للعازفين، تعلمتها بالاستماع والممارسة والتدريب الذاتي". لكنه يشير إلى ضرورة أن يكون التناسق حاضراً بين العزف والصوت، يقول العوادين "يوجد طبقات من شعراء الربابة، ليس كل من مسك الربابة بصبح شاعر ربابة، يوجد مميزون ويوجد مبتدئون (..) قبل كل شيء هي إحساس، إذا ما في إحساس ما في إبداع ولا طرب".
ينشد شعراء الربابة أشعاراً متوارثة، وبعضهم يكتب شعره الخاص، لكن المتوارث هو الأكثر شهرة واستخداماً كونه يرتبط بأحداث ويحمل عبراً وقيماً اجتماعية تمكن الاستفادة منها مهما تبدل الزمن، يوضح العوادين: "الربابة بتبسطك (نفرحك) ترقصك تحزنك تبكيك تعلمك تمدحك تهجوك (..) الربابة بحر واسع"، لكن ذلك البحر انحسر وأوشك على الجفاف، فيما تصدم محاولات إنقاذه والحفاظ عليه بحداثة لا تلتفت إليه.