حمل عام 2017 مجموعة من المسلسلات الدرامية، التي عُرضت خلال شهر رمضان أو خارجه، لكن الحصيلة لم تكن على قدر التوقعات: استسهال يوازي الأزمة الناتجة عن الحروب في أكثر من بلد عربي، واستخفاف يراهن على تكريس الأقوى مالياً، حاكماً بأمر الإنتاج الدرامي العربي.
في القاهرة، أعمال كثيرة جاءت مخيبة للآمال، منها ما عُرض، ومنها من لم ينل مكاناً على الخارطة. خسائر المنتجين العرب بلغت الملايين. أما دمشق فلا يزال إنتاجها الدرامي يئن وجعاً، من جراء الحرب القائمة، فمُنيت بخسارة فادحة، ولم تحقق مبيعات لبعض الأعمال المُصورة التي كان يُعول على عرضها والكسب الوفير من ورائها. أما في لبنان، فالهوة تكبر مع ازدياد الدّخلاء على الإنتاج الدرامي، الذي يصارع هو الآخر من أجل البقاء.
مصر
ثلاثة أو أربعة مسلسلات فقط دخلت حيز التصنيف الجيد للموسم الدرامي في القاهرة، بداية من "الحساب يجمع" من إخراج هاني خليفة. المسلسل أخرج الممثلة يُسرا من عباءة الأدوار التي جسّدتها من قبل، حيث لعبت دور "المعلمة" التي تدير مكتبًا للعاملات، وما ينتج عن ذلك من مشاكل تصل إلى حد فضح أسرار البيوت. ودخل مسلسل "لا تطفئ الشمس" للكاتب تامر حبيب والمخرج محمد شاكر خضير، المنافسة بقوة. المسلسل اعتبر جيداً، ولو أنه لم يصل إلى نجاح "غراند أوتيل" و"طريقي" لشيرين عبد الوهاب. أما المسلسل الثالث، والذي اعتُبر الأنجح لناحية السيناريو والإخراج وأداء الممثلين، فكان "هذا المساء" الذي حظي بإشادات النقاد. ودخل مسلسل "30 يوم" لباسل خياط وآسر ياسين المنافسة أيضاً، حيث اجتاز المخرج حسام علي الامتحان بنجاح، ناقلاً صورة طبيب نفسي شاب متزوج يأتي إليه أحد المرضى فيجره إلى رصد تصرفات بعض المرضى الذين عالجهم، تحت ضغوط عصبية ونفسية.
وبين هذه الأعمال الأربعة لا شكّ أن مسلسل "هذا المساء" اعتبر واحداً من أفضل الأعمال الدرامية لهذه السنة. العمل من إخراج وتأليف تامر محسن وبطولة إياد نصار وأروى جودة وأحمد داود ومحمد فراج وحنان مطاوع. واللافت في المسلسل كان المجهود في إدارة الممثلين، وفرادة المواقف التي بدت حقيقية، وهو ما دفع المسلسل إلى المراتب الأولى، بحسب النقاد.
وعلى الخط نفسه، أصابت الفنانة اللبنانية هيفا وهبي في اختيار سيناريو مسلسل "الحرباية". ورغم غيابه عن الترشيحات أو التصنيف الفني، عرفت وهبي كيف توظف موهبتها في التمثيل، ونجحت المخرجة مريم أحمدي في اكتشاف مكامن القوة عند وهبي في التمثيل، ولو أن سياق الأحداث في المسلسل يدعو إلى أسئلة كثيرة حول البعد المنطقي للمواقف التي شهدتها الحلقات الأخيرة والنهاية.
اقــرأ أيضاً
سورية
لم تكن الدراما السورية بخير هذه السنة، ربما تمنّع القنوات الفضائية عن شراء أكثر من 5 مسلسلات شكّل ضربة قاسية لما عانته هذه الصناعة على مدى سبع سنوات من الحرب التي تعصف بسورية. لا إجابات شافية حول مستقبل هذه الصناعة، حتى إن الكتّاب السوريين دقّوا ناقوس الخطر: بعضهم معتكف والبعض الآخر هاجر خارجاً، بينما تبقى "أموال النظام" رهن عدد قليل جداً من المنتجين.
حصيلة السنة، لا تمهد لشرح واف عن نجاح المسلسلات السورية، فالإنتاج هذه السنة كان أشبه بمحاولات للقول إن البعض موجود ويريد أن يعمل. "قناديل العشاق" للمخرج سيف الدين سبيعي، والكاتب خلدون قتلان، جاء بارداً في أحداث البيئة الشامية التي اعتمدت على فانتازيا تاريخية أقرب إلى الخيال منها إلى الحقائق التي اعتمدت في مثل هذا النوع من المسلسلات، والتي طبعت صناعة الدراما السورية لوقت طويل.
"شبابيك" يعتبر من المسلسلات الجيدة، وكان بإمكانه أن يتخذ موقعاً متقدماً لو جرى عرضه ضمن البازار الرمضاني للدراما الذي يتابعه الملايين.
الواضح أن الدراما السورية أصبحت اليوم أشد حذراً، بعدما ارتفعت أصوات الكتّاب والمخرجين، وحتى بعض الممثلين، بضرورة إيلاء الدراما مزيداً من الاهتمام، ويبقى الرهان على الموسم القادم.
لبنان
أما في لبنان، فمرة أخرى لم تكن السنة جيدة في الدراما: المحاولات تتكرر، وحالة من التشتت تسود بين المنتج الذي لا يجد أمامه كاتبا أو مخرجا. في وقت تبقى المحسوبيات والعلاقات الخاصة هي التي تحكم أغلب الأعمال. هكذا لم يشهد 2017 أعمالاً كثيرة. "ورد جوري"، كان واحداً من المسلسلات المشغولة كنص جيد، لكنه لم يصل إلى مرتبة متقدمة، أما باقي الأعمال مثل "بلحظة" فلم تخرج عن إطار التقليدي للنص، ولا إخراج كان بإمكانه أن يكون أفضل بسبب الميزانية الواضحة التي استغلها المنتج، لكن الضعف جاء لجهة الحبكة وتفاعل بعض الممثلين في السيناريو الخفيف.
وخسرت الكاتبة والممثلة اللبنانية كارين رزق الله، في السباق اللبناني، في "لآخر نفس". القصة الجيدة ظهرت ضعيفة، ربما بسبب الإنتاج، أو تدخّل الكاتبة رزق الله في كل التفاصيل الخاصة، وكان ممكناً أن يظهر أول مسلسل من توقيع المخرج السينمائي أسد فولادكار أكثر حقيقية في تفاصيل غرقت في المحلية اللبنانية فقط، ولم تصل إلاّ كوجبة سريعة خفيفة على آذان المشاهدين، وهذا ما سيكلف كارين رزق الله إلى البحث جيداً عن "كاركتيرات" جيدة في رواياتها التي تكتبها للتلفزيون وتُنتج كمسلسلات يقال إنها تنال قسطاً من النجاح في لبنان.
اقــرأ أيضاً
مصر
ثلاثة أو أربعة مسلسلات فقط دخلت حيز التصنيف الجيد للموسم الدرامي في القاهرة، بداية من "الحساب يجمع" من إخراج هاني خليفة. المسلسل أخرج الممثلة يُسرا من عباءة الأدوار التي جسّدتها من قبل، حيث لعبت دور "المعلمة" التي تدير مكتبًا للعاملات، وما ينتج عن ذلك من مشاكل تصل إلى حد فضح أسرار البيوت. ودخل مسلسل "لا تطفئ الشمس" للكاتب تامر حبيب والمخرج محمد شاكر خضير، المنافسة بقوة. المسلسل اعتبر جيداً، ولو أنه لم يصل إلى نجاح "غراند أوتيل" و"طريقي" لشيرين عبد الوهاب. أما المسلسل الثالث، والذي اعتُبر الأنجح لناحية السيناريو والإخراج وأداء الممثلين، فكان "هذا المساء" الذي حظي بإشادات النقاد. ودخل مسلسل "30 يوم" لباسل خياط وآسر ياسين المنافسة أيضاً، حيث اجتاز المخرج حسام علي الامتحان بنجاح، ناقلاً صورة طبيب نفسي شاب متزوج يأتي إليه أحد المرضى فيجره إلى رصد تصرفات بعض المرضى الذين عالجهم، تحت ضغوط عصبية ونفسية.
وبين هذه الأعمال الأربعة لا شكّ أن مسلسل "هذا المساء" اعتبر واحداً من أفضل الأعمال الدرامية لهذه السنة. العمل من إخراج وتأليف تامر محسن وبطولة إياد نصار وأروى جودة وأحمد داود ومحمد فراج وحنان مطاوع. واللافت في المسلسل كان المجهود في إدارة الممثلين، وفرادة المواقف التي بدت حقيقية، وهو ما دفع المسلسل إلى المراتب الأولى، بحسب النقاد.
وعلى الخط نفسه، أصابت الفنانة اللبنانية هيفا وهبي في اختيار سيناريو مسلسل "الحرباية". ورغم غيابه عن الترشيحات أو التصنيف الفني، عرفت وهبي كيف توظف موهبتها في التمثيل، ونجحت المخرجة مريم أحمدي في اكتشاف مكامن القوة عند وهبي في التمثيل، ولو أن سياق الأحداث في المسلسل يدعو إلى أسئلة كثيرة حول البعد المنطقي للمواقف التي شهدتها الحلقات الأخيرة والنهاية.
لم تكن الدراما السورية بخير هذه السنة، ربما تمنّع القنوات الفضائية عن شراء أكثر من 5 مسلسلات شكّل ضربة قاسية لما عانته هذه الصناعة على مدى سبع سنوات من الحرب التي تعصف بسورية. لا إجابات شافية حول مستقبل هذه الصناعة، حتى إن الكتّاب السوريين دقّوا ناقوس الخطر: بعضهم معتكف والبعض الآخر هاجر خارجاً، بينما تبقى "أموال النظام" رهن عدد قليل جداً من المنتجين.
حصيلة السنة، لا تمهد لشرح واف عن نجاح المسلسلات السورية، فالإنتاج هذه السنة كان أشبه بمحاولات للقول إن البعض موجود ويريد أن يعمل. "قناديل العشاق" للمخرج سيف الدين سبيعي، والكاتب خلدون قتلان، جاء بارداً في أحداث البيئة الشامية التي اعتمدت على فانتازيا تاريخية أقرب إلى الخيال منها إلى الحقائق التي اعتمدت في مثل هذا النوع من المسلسلات، والتي طبعت صناعة الدراما السورية لوقت طويل.
"شبابيك" يعتبر من المسلسلات الجيدة، وكان بإمكانه أن يتخذ موقعاً متقدماً لو جرى عرضه ضمن البازار الرمضاني للدراما الذي يتابعه الملايين.
الواضح أن الدراما السورية أصبحت اليوم أشد حذراً، بعدما ارتفعت أصوات الكتّاب والمخرجين، وحتى بعض الممثلين، بضرورة إيلاء الدراما مزيداً من الاهتمام، ويبقى الرهان على الموسم القادم.
لبنان
أما في لبنان، فمرة أخرى لم تكن السنة جيدة في الدراما: المحاولات تتكرر، وحالة من التشتت تسود بين المنتج الذي لا يجد أمامه كاتبا أو مخرجا. في وقت تبقى المحسوبيات والعلاقات الخاصة هي التي تحكم أغلب الأعمال. هكذا لم يشهد 2017 أعمالاً كثيرة. "ورد جوري"، كان واحداً من المسلسلات المشغولة كنص جيد، لكنه لم يصل إلى مرتبة متقدمة، أما باقي الأعمال مثل "بلحظة" فلم تخرج عن إطار التقليدي للنص، ولا إخراج كان بإمكانه أن يكون أفضل بسبب الميزانية الواضحة التي استغلها المنتج، لكن الضعف جاء لجهة الحبكة وتفاعل بعض الممثلين في السيناريو الخفيف.
وخسرت الكاتبة والممثلة اللبنانية كارين رزق الله، في السباق اللبناني، في "لآخر نفس". القصة الجيدة ظهرت ضعيفة، ربما بسبب الإنتاج، أو تدخّل الكاتبة رزق الله في كل التفاصيل الخاصة، وكان ممكناً أن يظهر أول مسلسل من توقيع المخرج السينمائي أسد فولادكار أكثر حقيقية في تفاصيل غرقت في المحلية اللبنانية فقط، ولم تصل إلاّ كوجبة سريعة خفيفة على آذان المشاهدين، وهذا ما سيكلف كارين رزق الله إلى البحث جيداً عن "كاركتيرات" جيدة في رواياتها التي تكتبها للتلفزيون وتُنتج كمسلسلات يقال إنها تنال قسطاً من النجاح في لبنان.