بدأت في بيروت عروض فيلم "مولانا"، الذي حذف الأمن العام اللبناني 3 مشاهد منه بطلب من دار الإفتاء اللبنانية، ذلك بعدما عرض الفيلم كاملاً، ومن دون حذف في القاهرة ودُبي.
ما الذي دفع المنتج اللبناني، صادق الصبّاح، المالك الحصري لحقوق عرض فيلم "مولانا" مجددا إلى عرضه؟
يؤكد الصبّاح، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أنه فكر طويلاً، في قرار اتخذه احتراماً للمشاهد، ولأسرة الفيلم على حد سواء. وقال: "بالفعل، لم أقبل، بعرض الفيلم بعد الحذف، لكن خلال الأسابيع القليلة المقبلة، سيكون الفيلم مُتاحاً أمام الجميع بعدما اشترت عرضه حصرياً قناة OSN، وهذا ما سيفتح الباب لمشاهدته على القناة نفسها وهي مُشفرة، ومن ثم على القنوات غير المشفرة، لذلك عدت عن قراري وسيعرض الفيلم كما هو في بيروت، احتراماً لجمهور السينما وتفادياً لمزيد من الخسائر التي وقعت على عاتقنا كشركة عمرها في سوق الإنتاج السينمائي والدرامي العربي أكثر من 64 عاماً".
وقال صادق الصبّاح "لا ملامة على دار الإفتاء في لبنان، أو المرجعيات الدينية، الملامة على الشق المتعلق بالقوانين المعفنة التي تجيز لِيَد الرقيب الحذف أو المنع أو المصادرة لأعمال فنية، لها قيمتها". ويضيف: "هذا الفيلم نال عدداً لا يُستهان به من الجوائز في معظم الدول العربية والمهرجانات الخاصة بالسينما، ومنها مهرجان (دي سي) السينمائي في واشنطن، وتطوان، وهذا يدحض كل الأفكار أو الحكايات التي تحدثت عن إساءة لأي من الأديان السماوية".
القصة
يلخص الفيلم حكاية حاتم الشناوي، الشاب الذي درس الشريعة الإسلامية، وأصبح "الشيخ" برتبة "نجم" له متابعون ومريدون، يحاول استغلال الإعلام عبر برنامج تلفزيوني، لقناة على علاقة بالمخابرات لتمرير، بعض الرسائل السياسية ولا أمنية.
يحاول عمرو سعد، بطل الفيلم، الصعود مجدداً في قصة معقدة، ربما تدخل في دائرة "التابوهات" في العالم العربي.
محاولة، بدت جيدة للممثل الشاب، تخرجه قليلاً من أدوار نمطية، قدمها في السينما والتلفزيون.
في "مولانا" يبدو عمرو سعد، أو حاتم الشناوي واثقاً أكثر في الدور، لا مبالغات ولا تقليداً، على العكس بدا سعد مرتاحاً جداً على الرغم من عقدة النص وبعض المفردات التي تتطلب حرفية عالية، يواجه، بداية مع "كاراكتير" رجل الدين، وما يترتب على ذلك من حنكة في التمثيل، والإصغاء وسرعة البديهة التي يتقمصها بشكل قلّل من حدة المواقف، وكان أقرب إلى المشاهد.
عاطفة سعد، في الفيلم، ظاهرة بدون جهد، حياته اليومية، تعلقه الشديد بطفله الذي يُصاب بحادث عرضي، ويذهب في غيبوبة، إلى زوجته المرأة التي تكره الشهرة، لكنها في المقابل تحاول الاستفادة من العائدات المالية لزوجها، ثم معالجة واستيعاب التفرقة الدينية التي يعيشها العالم العربي، بين المسلمين والمسيحيين، وصولاً إلى التفرقة بين الطوائف أنفسها "السنة والشيعة".
يهرب سعد في الفيلم، من اللغو، محاولاً ان يكون رجل إطفاء، مستوعباً كل المؤامرات التي تدور حوله، ومستخدماً بعض الآيات والشهادات الدينية، كدليل، على البراهين والنصوص السماوية،التي تقوم على قاعدة "النصيحة بالتي هي أحسن"، تقصد واضح في إظهار التسامح بين الطوائف، ورد بعض الأحاديث النبوية التي لا تتمتع بإسناد صحيح، ربما ذلك ما فتح عيون السلطات الرقابية، وقيام المرجعيات الدينية، باتخاذ موقف متشدد من الفيلم نفسه، لكن جملة واحدة كانت كافية لتبدد كل هذا الهجوم على الفيلم، يقولها سعد "الخوف ما بيمنعش الموت... بيمنع الحياة".
لا يتهاون الشيخ الشناوي في المواقف، التي يرى فيها بعداً توافقياً، بين الناس، أولاً، مسلطاً هجومه على السلطة السياسية الحاكمة، وأجهزة المخابرات التي يقع في شباكها، هكذا يرى نفسه متورطاً في قضايا، ومشاكل، لمجرد ان مواقفه باتت تؤثر على قرارات السلطة السياسية، والتي تقوم بمحاول تجنيده لصالحها.
مشكلة الشيخ الحقيقية في الفيلم تأتي في محاولة إغفال نفسه، عن بعض ما يدور حوله وتسلحه بالشهرة فقط، وثقة المعجبين، لعله الزيف الذي يأسرنا أحياناً على غفلة، لكن تنبّه "الشناوي" يحمله، إلى نهاية عاطفية، أشبه بالكليشيه الوطني، رغم تمريره لمجموعة من الرسائل ضد السلطة السياسية وسيطرة أجهزة المخابرات على مرافق الدولة.
نهاية سعيدة، لا يهم إن كان وراءها الرسالة "كليشيه" المعروفة حتماً، والدعوة عبر الدعاة ورجال الدين أنفسهم للتوافق السلمي بين الإسلام والمسيحيين، لكن تأتي خطبة الشيخ "الشناوي" المباشرة للسلطة السياسية، أقرب إلى الاتهام، للسلطة نفسها التي حاولت أن تجند الشيخ الشناوي، وفشلت، لذلك ينتهي الفيلم بحال من الضياع، ولو أن المخرج يحاول مرة أخرى تغليب العاطفة، في مشهد الخاتمة، لاستقبال حاتم الشناوي ابنه ذا السنوات السبع، وقد شُفي تماماً بعد الحادث الذي حاصر حياة والده "الشيخ" وجعله كئيباً باكياً، طوال الوقت مسلوب الإرادة تحت تأثير الأبوة والعاطفة.
من الواضح أن عمرو سعد، كان "وان مان شو" في الفيلم، وكل من أحاط به من ممثلين، لعبوا أدواراً ثانوية، وليست محورية الـ"focus" الذي أراده المخرج مجدي أحمد علي، نجح في حصر المشاهد على الشخصية الأساسية لـ"مولانا" الذي سجل 41 مليون جنيه كإيرادات حتى شباط/ فبراير الماضي.
اقــرأ أيضاً
يؤكد الصبّاح، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أنه فكر طويلاً، في قرار اتخذه احتراماً للمشاهد، ولأسرة الفيلم على حد سواء. وقال: "بالفعل، لم أقبل، بعرض الفيلم بعد الحذف، لكن خلال الأسابيع القليلة المقبلة، سيكون الفيلم مُتاحاً أمام الجميع بعدما اشترت عرضه حصرياً قناة OSN، وهذا ما سيفتح الباب لمشاهدته على القناة نفسها وهي مُشفرة، ومن ثم على القنوات غير المشفرة، لذلك عدت عن قراري وسيعرض الفيلم كما هو في بيروت، احتراماً لجمهور السينما وتفادياً لمزيد من الخسائر التي وقعت على عاتقنا كشركة عمرها في سوق الإنتاج السينمائي والدرامي العربي أكثر من 64 عاماً".
وقال صادق الصبّاح "لا ملامة على دار الإفتاء في لبنان، أو المرجعيات الدينية، الملامة على الشق المتعلق بالقوانين المعفنة التي تجيز لِيَد الرقيب الحذف أو المنع أو المصادرة لأعمال فنية، لها قيمتها". ويضيف: "هذا الفيلم نال عدداً لا يُستهان به من الجوائز في معظم الدول العربية والمهرجانات الخاصة بالسينما، ومنها مهرجان (دي سي) السينمائي في واشنطن، وتطوان، وهذا يدحض كل الأفكار أو الحكايات التي تحدثت عن إساءة لأي من الأديان السماوية".
القصة
يلخص الفيلم حكاية حاتم الشناوي، الشاب الذي درس الشريعة الإسلامية، وأصبح "الشيخ" برتبة "نجم" له متابعون ومريدون، يحاول استغلال الإعلام عبر برنامج تلفزيوني، لقناة على علاقة بالمخابرات لتمرير، بعض الرسائل السياسية ولا أمنية.
يحاول عمرو سعد، بطل الفيلم، الصعود مجدداً في قصة معقدة، ربما تدخل في دائرة "التابوهات" في العالم العربي.
محاولة، بدت جيدة للممثل الشاب، تخرجه قليلاً من أدوار نمطية، قدمها في السينما والتلفزيون.
في "مولانا" يبدو عمرو سعد، أو حاتم الشناوي واثقاً أكثر في الدور، لا مبالغات ولا تقليداً، على العكس بدا سعد مرتاحاً جداً على الرغم من عقدة النص وبعض المفردات التي تتطلب حرفية عالية، يواجه، بداية مع "كاراكتير" رجل الدين، وما يترتب على ذلك من حنكة في التمثيل، والإصغاء وسرعة البديهة التي يتقمصها بشكل قلّل من حدة المواقف، وكان أقرب إلى المشاهد.
عاطفة سعد، في الفيلم، ظاهرة بدون جهد، حياته اليومية، تعلقه الشديد بطفله الذي يُصاب بحادث عرضي، ويذهب في غيبوبة، إلى زوجته المرأة التي تكره الشهرة، لكنها في المقابل تحاول الاستفادة من العائدات المالية لزوجها، ثم معالجة واستيعاب التفرقة الدينية التي يعيشها العالم العربي، بين المسلمين والمسيحيين، وصولاً إلى التفرقة بين الطوائف أنفسها "السنة والشيعة".
يهرب سعد في الفيلم، من اللغو، محاولاً ان يكون رجل إطفاء، مستوعباً كل المؤامرات التي تدور حوله، ومستخدماً بعض الآيات والشهادات الدينية، كدليل، على البراهين والنصوص السماوية،التي تقوم على قاعدة "النصيحة بالتي هي أحسن"، تقصد واضح في إظهار التسامح بين الطوائف، ورد بعض الأحاديث النبوية التي لا تتمتع بإسناد صحيح، ربما ذلك ما فتح عيون السلطات الرقابية، وقيام المرجعيات الدينية، باتخاذ موقف متشدد من الفيلم نفسه، لكن جملة واحدة كانت كافية لتبدد كل هذا الهجوم على الفيلم، يقولها سعد "الخوف ما بيمنعش الموت... بيمنع الحياة".
لا يتهاون الشيخ الشناوي في المواقف، التي يرى فيها بعداً توافقياً، بين الناس، أولاً، مسلطاً هجومه على السلطة السياسية الحاكمة، وأجهزة المخابرات التي يقع في شباكها، هكذا يرى نفسه متورطاً في قضايا، ومشاكل، لمجرد ان مواقفه باتت تؤثر على قرارات السلطة السياسية، والتي تقوم بمحاول تجنيده لصالحها.
مشكلة الشيخ الحقيقية في الفيلم تأتي في محاولة إغفال نفسه، عن بعض ما يدور حوله وتسلحه بالشهرة فقط، وثقة المعجبين، لعله الزيف الذي يأسرنا أحياناً على غفلة، لكن تنبّه "الشناوي" يحمله، إلى نهاية عاطفية، أشبه بالكليشيه الوطني، رغم تمريره لمجموعة من الرسائل ضد السلطة السياسية وسيطرة أجهزة المخابرات على مرافق الدولة.
نهاية سعيدة، لا يهم إن كان وراءها الرسالة "كليشيه" المعروفة حتماً، والدعوة عبر الدعاة ورجال الدين أنفسهم للتوافق السلمي بين الإسلام والمسيحيين، لكن تأتي خطبة الشيخ "الشناوي" المباشرة للسلطة السياسية، أقرب إلى الاتهام، للسلطة نفسها التي حاولت أن تجند الشيخ الشناوي، وفشلت، لذلك ينتهي الفيلم بحال من الضياع، ولو أن المخرج يحاول مرة أخرى تغليب العاطفة، في مشهد الخاتمة، لاستقبال حاتم الشناوي ابنه ذا السنوات السبع، وقد شُفي تماماً بعد الحادث الذي حاصر حياة والده "الشيخ" وجعله كئيباً باكياً، طوال الوقت مسلوب الإرادة تحت تأثير الأبوة والعاطفة.
من الواضح أن عمرو سعد، كان "وان مان شو" في الفيلم، وكل من أحاط به من ممثلين، لعبوا أدواراً ثانوية، وليست محورية الـ"focus" الذي أراده المخرج مجدي أحمد علي، نجح في حصر المشاهد على الشخصية الأساسية لـ"مولانا" الذي سجل 41 مليون جنيه كإيرادات حتى شباط/ فبراير الماضي.