وصعدت موحد خشبة المسرح التركي بين ليلة وضحاها، إذ أعدت خلال ساعات لتشارك في مسرحية "القانون الجنائي"، بعد أن تساءل أتاتورك عن سبب عدم وجود ممثلات مسرحيات مسلمات، وأمر بأن تكون هنالك واحدة، إلا أن القصة الحقيقية لأول ممثلة مسرحية تركية مسلمة، بدأت قبل ذلك بـ 5 سنوات، وفقًا لموقع "ديلي صباح".
أول امرأة مسلمة على المسرح التركي
كانت جالة من بين 5 ممثلات فقط، قبلن في المعهد الوطني للموسيقى في قسم المسرح في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1918، ولكن لم يسمح لهن بالتمثيل سوى في مناسبات خاصة بالنساء، وبقي الوضع هكذا حتى مغادرة الممثلة المسرحية الأرمنية الشهيرة إيليزا بنميشيان تركيا، بسبب ظروف الحرب الصعبة، مما أتاح لجالة فرصتها الثمينة، بأن تحل مكانها في مسرحية "الترقيع".
وبرعت جالة عدة أيام في أداء دور "أمل"، في المسرحية التي أخرجها حسين سوات، على خشبة مسرح "أبولون" في إسطنبول عام 1919، قبل أن تثير ردود فعل غاضبة، وتأتي الشرطة لإلقاء القبض عليها، لأن ظهور امرأة مسلمة على خشبة المسرح أمام ذكور غرباء، كان مخالفًا للقانون في تلك الفترة.
وتمكنت جالة من الهرب من الشرطة وقتها، ويقال إن ممثلة من أصل أرمني ساعدتها على الخروج، إلا أنها تأثرت للغاية بالأمر، وخاصة بعد فصلها من العمل من قبل مسرح "دار البادية"، المسرح الرسمي في إسطنبول، وكانت تردد دائمًا: "المسرح هو من صنعني، وأنا موجودة فقط طالما هو موجود".
حياتها المبكرة
ولدت جالة عام 1902 في قاضي كوي باسطنبول، وكانت واحدة من أحفاد الطبيب سعيد باشا، درست في مدرسة الفنون الجميلة للبنات، قبل قبولها في قسم المسرح بالمعهد الموسيقي، وكان والدها "هدايت" غير راض عن ذلك، مما اضطرها لمغادرة المنزل.
ومثلت جالة دورها الأول تحت اسم مستعار، واستمرت بذلك على الرغم من ملاحقتها من قبل الشرطة، فاضطر زملاؤها لإخفائها أحيانًا، حتى فصلتها وزارة الداخلية رسميًا من العمل المسرحي عام 1921.
حياة فراشة
اضطرت جالة لترك التمثيل نهائيًا في وقت لاحق، وتزوجت الملحن التركي الشهير صلاح الدين بينار، الذي قابلته في حفل موسيقي، وبقيت معه 6 سنوات تركت فيها بصمة لا تنسى في حياته وأعماله، إلا أنها كانت قد تحولت إلى امرأة حزينة، ومدمنة على المخدرات، مما أدى إلى انفصالهما.
وكان ألم جالة الشديد بعد إقصائها من التمثيل، هو ما حولها إلى مدمنة على المورفين، الذي دمر حياتها كليًا، إذ لم تكن تتمتع بصحة جيدة للظهور مجددًا على الخشبة، عندما سمح للنساء المسلمات بالتمثيل في عهد الجمهورية، كما قتلت بحقنة مورفين أعطاها إياها أحد الصيادلة لتخفيف الآلام، ورحلت عن العالم في 24 يوليو/ تموز عام 1941، عن عمر يناهز 39 عامًا.
وبقيت قصة حياة جالة طي النسيان لوقت طويل، قبل أن تخلد في مسرحية "التحديات" التي كتبتها "نزيهة أراز" عام 1987، والتي حولها المصور الشهير شاهين كايغون لاحقًا لفيلم حمل اسم "عفيفة جالة"، التي يدين لها المسرح التركي بالكثير.