عام 1994، طوّر شاب يدعى لو مونتولي ملف تعريف الارتباط (كوكيز) كطريقة لمساعدة المستخدمين خلال التصفح على الإنترنت، من خلال تذكرهم عبر زيارات متعددة. اليوم، تنتشر ملفات تعريف الارتباط على شبكة الإنترنت الحديثة بكثافة، فيما باتت القوانين تفرض على المواقع أن تذكر للمستخدمين أنّها تستخدم هذه الملفات، وبالتالي ترصد زيارات المستخدم وما يتصفّحه من مواقع ومواضيع.
لكنّ هناك أيضاً إشارات تدل على أنه في طريقها إلى الزوال، بحسب ما يرى محلّلون وتكنولوجيّون.
في التسعينيات، سرعان ما انتشرت الفكرة المتواضعة وتحولت إلى أداة للمعلنين لتتبع سلوك المستخدم عن كثب عبر الإنترنت واستهدافه يإعلاناتهم بشكل مناسب، فبات لها تاريخٌ في ابتلاع البيانات. وقال أستاذ نظم المعلومات في "جامعة كارنيغي ميلون"، راوول تيلانغ: "عندما أصبحت الإعلانات شائعة، خاصة مع "غوغل" وجميع أسواق الإعلانات هذه، صار هناك المزيد من الزخم نحو العثور على البيانات وتتبعها لأنه كان لا بد من شخصنة الإعلانات".
لكن، عام 2019، أعلنت "موزيلا" أن متصفح "فايرفوكس" الشهير الخاص بها سوف يحظر ملفات تعريف الارتباط من الطرف الثالث تلقائياً، واصفةً التغيير بأنه "خطوة رئيسية لتوفير حماية خصوصية أقوى وقابلة للاستخدام لكل شخص يستخدم "فايرفوكس"".
والعام الماضي، قدمت "آبل" حماية تلقائية مماثلة لمتصفح "سفاري" الخاص بها. وكانت "غوغل"، التي جلبت نموذج الأعمال الخاص بتتبع المستخدمين لاستهدافهم بالإعلانات على نطاق واسع، أبطأ في اعتماد تغييرات مماثلة. وبعد التعهد في البداية في عام 2020 بحظر تتبع الجهات الخارجية لمستخدمي متصفح "كروم" الخاص بها بحلول عام 2022، دفعت "غوغل" تاريخ التغيير إلى عام 2023.
في الوقت الحالي، لا تزال ملفات تعريف الارتباط موجودة في كل مكان تقريباً. يرى موقع "ذا مارك أب" أنّ 87 في المائة من ملفات تعريف الارتباط يتم تحميلها من جهات خارجية أو من تتبع طلبات الشبكة. وحتى بمجرد اختفاء ملفات تعريف الارتباط، فإن التقنيات المقرر استبدالها تأتي بمخاوف خاصة بها.
ويقول تيلانغ إن الضغط من أجل تحسين الخصوصية يشجعه، لكن ليس من الواضح ما إذا كانت التغييرات التي تجريها الشركات ستؤدي في النهاية إلى مستقبل أفضل للمستهلكين. ويوضح أنه "في الوقت الحالي، نعلم فقط أنهم سيوقفون مشاركة المعلومات الخاصة"، لكن هل سيؤدي ذلك إلى تحسين الأمن؟ هذا سؤال لا أعرف إجابته الآن".