بثت منصة نتفليكس، أخيراً، فيلم "رجل من تورنتو" (The Man from Toronto)، بطولة الكوميدي كيفين هارت، ووودي هارلسون. الفيلم أشبه ببارودي عن Hitman؛ اللعبة والفيلم اللذين آسرا المخيلة لسنوات.
لكن الاختلاف أن "رجل من تورنتو"، الذي لا نمتلك المصطلحات الكافية لوصف "ابتذاله" إن صح التعبير، واحد من سلسلة أفلام هارت التي يصنعها لأجل النقود ربما، كونها قائمة على ذات المفارقة دوماً؛ رجل غافل عما حوله، يرى نفسه في مكان لا ينتمي إليه، كما في أفلامه Central Intelligence وRide Along وGet Hard وNight School، والقائمة تطول بأفلام تراهن على قدرة هارت على الإضحاك، ونجومية ممثل آخر يجذب الجمهور بمجرد حضوره.
كوميديا فيلم "رجل من تورنتو" لا يحوي جديداً، فهارت يجد نفسه مضطراً إلى لعب دور قاتل لا يرحم من دون أن يستطيع ذلك، إلى حين أن يلتقي به القاتل الحقيقي، وودي هارلسون (الرجل الذي هو من تورنتو)، ويضطر الاثنان إلى خوض مغامرة معاً، لينتصر الخير، ويُهزم الشر، ونكتشف أن هارت رغم من حماقته، طيب القلب، وقادر على كشف طيبة قلب الآخرين.
هذه الأفلام التي يلعب بطولتها هارت، جعلته محط النكات في مختلف السياقات؛ فهو وحسب قوله أيضاً، مستعد للعب أي دور في سبيل المال. لم يعد هذا يخفى على أحد، خصوصاً أن هارت حاضر في كل مكان؛ في السينما (أطلق عام 2014 ثلاثة أفلام)، في نوادي الكوميديا، في ملاعب كرة السلة يمازح اللاعبين، في استوديوهات التعليق الرياضي، مع سنوب دوغ في برنامجه الساخر، وفي مسلسل صدر أخيراً على "نتفليكس" أيضاً.
كل ما سبق ليس مجانياً، فهارت صُنّف عام 2015 ضمن قائمة مجلة فوربس لأغلى 100 ممثل بوصفه كوميدياً، (بالطبع الكوميدي الآخر في القائمة نفسها هو جيري ساينفيلد). وكان من أوائل من أنتجوا عروض ستاند آب كوميدي أثناء جائحة كوفيد-19، إذ سجل عرضه Kevin Hart: Zero F**ks Given من غرفة جلوس منزله، أمام جمهور صغير لا يتجاوز الـ30 شخصاً.
لا يوجد ما يمكن قوله عن الفيلم الأخير، فهو أقل من عادي. لا يقدم فيه هارت أي أداء مختلف أو نكات جديدة، حتى وودي هارلسون يبدو أقرب إلى من "يتسلى" أكثر من كونه يمثل. صحيح أن الفيلم يمكن أن يوصف بأنه "أكشن"، لكن في النهاية هو فيلم لكيفين هارت، ميزانيته متواضعة لا تتجاوز الـ 75 مليون دولار، ناهيك عن أن العمل اتهم بـ"الكسل"، كونه صُوّر في كندا، لكن المكان الذي صُور فيه، أونتاريو، لا يظهر بوضوح، فبصرياً لا يستكشف معالم المدينة، وهذا ما يدل عادة على قلة الإتقان.
الاعتماد على أداء الممثلين لصناعة الحكاية الهشة شديد الوضوح في العمل، فشخصية هارلسون تعتمد على سمعتها (المفارقة هنا لا يمكن تجاهلها) في الحصول على ما تريد: هو قاتل، لكنه يعتمد على تاريخ تعذيب ضحاياه ليحصل من آخرين على المعلومات التي تفيده في مهمته، هو ماهر في الاستجواب، لا داعي لاستخدام العنف لإثبات جدارته، يكفي فقط أن يُذكر اسمه، لتقول الضحية كلّ شيء. ربما هذا بالضبط ما راهن عليه الفيلم؛ أي شهرة هارت وهارلسون من أجل الربح وشد انتباه المشاهدين، خصوصاً أن طبيعة الكوميديا فيه قائمة على الأخطاء وعثرات الشخصيات، ومفارقات العنف الجسدي، التي أيضاً لم تعد رائجةً، وأقرب إلى محاولات المبتدئين منها إلى ممثلين محترفين.
إن أردنا التحذلق والمبالغة، يمكن القول إن الفيلم يسخر من نفسه عبر مهنة هارت نفسها في الفيلم، فهو مدرب على الملاكمة من دون لمس؛ شكل من أشكال الرياضات القتالية التي يفضح اسمها معناها، أي أن تمارس كل حركات الملاكمة من دون أن تلمس خصمك، ومن دون أن تترك أثراً، ليبدو هارت وهو يستعرض مهاراته هذه أقرب إلى مهرج، أو أكروبات يتلاشى أثره بمجرد اختفائه من أمامنا، فلا ضربة/نكتة يمكن تذكرها من الفيلم.