يسعى مهرجان "فيزا بور ليماج" الدولي للتصوير الصحافي الذي يبدأ اليوم السبت، في مدينة بربينيان الفرنسية، إلى "إظهار أخبار العالم" ككل، كالحروب في سورية واليمن والسودان لا في أوكرانيا وحدها. ولا يكتفي بالحدث الطاغي، بل يتناول مواضيع أخرى كالتغير المناخي والخصوصية البشرية.
ويتضمن برنامج النسخة الرابعة والثلاثين من هذا المهرجان المهمّ في مجال التصوير الصحافي، التي تستمر إلى 11 سبتمبر/أيلول المقبل، معارض وعروضاً ونقاشات تسلط الضوء على عمل المصورين الصحافيين وتشرحها.
ولاحظ جان فرنسوا لوروا الذي أسس المهرجان عام 1989، في تصريح لوكالة فرانس برس، أن "أموراً تحصل في أنحاء العالم كافة غاب الحديث عنها بسبب ما يجري في أوكرانيا"، مؤكداً حرص "فيزا بور ليماج" على "إظهار أخبار العالم ككل"، مجدداً تمسكه بعدم اقتصار المهرجان على موضوع واحد "مهما كان مهماً".
يضم برنامج المهرجان هذا العام 25 معرضاً، أحدها عن الحرب الأفغانية المستمرة بعدسة أندرو كويلتي من وكالة فو، وآخر عن المتمردين البورميين بعدسة سيغفريد مودولا، إضافة إلى معرض عن الكارثة البيئية العالمية من خلال صور تحمل توقيع آلان إرنو، وآخر عن تأثير الصيد الصناعي بعدسة جورج شتاينميتز.
وعلى غرار جائحة كوفيد-19 العام الماضي، تفرض الحرب في أوكرانيا نفسها على المهرجان. ومع أنها تصدرت اهتمامات وسائل الإعلام منذ بدء الغزو الروسي في فبراير/شباط الماضي، ذكّر لوروا بأن "هديرها موجود منذ ثماني سنوات على أبواب أوروبا". يضم الحدث في هذا الإطار معرضاً للمصور في وكالة فرانس برس سيرغي سوبينسكي الذي وثّق محطات في تاريخ أوكرانيا منذ أن كانت جمهورية سوفييتية، ثم خلال مرحلة الاستقلال، وثورة ساحة ميدان عام 2014، والثورة البرتقالية، بما يتيح وضع التطورات الحالية في سياقها التاريخي.
سيضم المهرجان أيضاً بين ضيوفه مستيسلاف تشيرنوف وإيفغيني مالوليتكا، آخر صحافيين غطيا الحصار المفروض على ماريوبول لوكالة أسوشييتد برس، قبل إخراجهما في مارس/آذار على يد أطباء في مستشفى هذه المدينة التي دمرها القصف الروسي.
وأضاف مدير المهرجان جان فرنسوا لوروا: "كما في كل سنة، ثمة الكثير من الصور التي تدخل القلب مباشرة، وثمة مصورون عائدون، إذ يسعدنا أن نشركهم عندما تكون لديهم أعمال مثيرة للاهتمام (...) وثمة اكتشافات".
وتتناول المصورة اللبنانية الشابة تمارا سعادة بصورها "الإهمال والفساد" اللذين أديا إلى الانفجار الهائل الذي ضرب مرفأ العاصمة اللبنانية بيروت في الرابع من أغسطس/آب عام 2020 ودمّر أنحاء واسعة في المدينة، وإلى الأزمة الاقتصادية القاسية التي يغرق فيها لبنان. كما يتطرق معرضها إلى الانتفاضة الشعبية التي شهدتها البلاد عام 2019، وهو مدعوم من وزارة الثقافة الفرنسية.
أما فرنسواز أوغييه فتستكشف حميمية عرض للأزياء والغرف الخلفية للمتاجر الكورية، أو آخر شقق سانت بطرسبرغ البلدية التي تتقاسم كلاً منها عائلات عدة. ويشكّل الإنسان بتعقيداته وهشاشته محوراً لمجموعة صور فاليريو ببسبوري التي تحمل عنوان "غرف العقل" وتتناول عالم الأمراض النفسية الخفي، وكذلك لصور يوجين ريتشاردز عن بؤس الأميركيين الذين يعيشون "على الهامش".
ويشارك المصور السوري سمير الدومي بمعرض عنوانه "معابر قاتلة" الذي يغطي الفترة من أغسطس 2020 إلى مايو/أيار عام 2022، ويعرض أزمة الهجرة شمال فرنسا. يمضي بعض المهاجرين سنوات في عبور بلد بعد آخر، هرباً من الحرب أو الكوارث الطبيعية، قبل وصولهم إلى مدينة كاليه على الجانب الفرنسي من المضيق وهو أضيق جزء من القناة الإنكليزية. هناك، يقضون أسابيع في مخيمات مؤقتة يأملون وينتظرون الوصول إلى المملكة المتحدة، وجهتهم النهائية.
أما أمسيات العرض التي يتميز بها "فيزا بور ليماج"، وتقام على شاشة عملاقة في موقع كامبو سانتو التاريخي الشهير العائد إلى القرون الوسطى في بربينيان، فعددها ست، وتسترجع أهم الأحداث التي شهدتها الأشهر الاثنا عشر الأخيرة، من صور أوكرانيا، وعودة حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان، والنزاعات في سورية واليمن والسودان.
كذلك تتخلل أيام المهرجان مناظرات ومؤتمرات وحفلات التكريم واجتماعات مع المصورين.
ومن المواضيع التي تتناولها هذه النقاشات عمل وسائل الإعلام على "مكافحة الأخبار الكاذبة"، ودعا جان فرنسوا لوروا إلى عدم اعتبارها "مسماراً إضافياً في نعش التصوير الصحافي التقليدي، بل أداة إضافية في المنظومة الإخبارية تساهم في إثراء الفكرة التي تعبّر عنها الصورة".
ستُمنح الجوائز المختلفة التي تكافئ أفضل تقارير العام الماضي، اعتباراً من 31 أغسطس، وستتوج بمنح الجائزة الكبرى "فيزا دور" مساء الثالث من سبتمبر. ويأمل لوروا وفريقه، بعد عامين طبعتهما جائحة كوفيد-19، أن يعود المهرجان "طبيعياً فعلاً" ومنفتحاً على العالم وغنياً بالاكتشافات، قبل أن يقام معرض "فيزا بور ليماج" في باريس من 16 إلى 30 سبتمبر.
(فرانس برس، العربي الجديد)