عند سؤال أي شاعر غنائي من مواليد الثمانينيات في مصر، عن الفنانين الذين يحلم بالتعاون معهم، غالباً ما ستأتي الإجابة: محمد منير وعمرو دياب. فبحسابات السوق، يُعتبر هذان الفنانان الأفضل؛ فأحدهما معروف بـ الكينغ، والآخر بـ الهضبة. لذلك، لم يكن مستغرباً قول أكرم حسني: "كنت عاوز أقوم أتحزم وأرقص على الترابيزة من الفرحة"، عندما عبر له محمد منير عن رغبته بالتعاون معه.
كل الظروف المحيطة بأغنية "لِلّي" التي "كتبها" و"لحنها" حسني، وغناها منير، كانت تبشر بالنجاح: من الفيديو كليب، إلى الضجة التي رافقت إطلاق العمل، وصولاً إلى التوقيت الذي تلا بكاء محمد منير في حفلة في الإسكندرية حزناً على رحيل رفيق دربه وصديقه رومان بونكا؛ إذ انتشر فيديو بكاء الكينغ، محدثاً موجة كبيرة من التعاطف، الذي شرع الباب أمام نوستاليجا مصرية ثمانينية، مهدت الطريق لنجاح "للّي".
وبالفعل، بعد ساعات من إصدارها، حققت الأغنية نجاحاً كبيراً، خصوصاً أنّ الكلمات جاءت على الشكل والثيمة الصعيدية لفن الواو، بمفردات تشبه كثيراً محمد منير. وبدا واضحاً أن أكرم حسني يعلم الشكل والثيمة التي تناسب منير وتشبه مسيرته، وهو ما قدمه في العمل الجديد. كذلك كان اختيار حسني موفقاً من منير، إذ يعتبر حالياً من الأنجح على الساحة الترفيهية والفنية في مصر، وبارع في خلق ترند، والدليل على ذلك أغنية "ستو أنا" التي رافقت مسلسل "مكتوب عليا"، وتفوقت عليه بالشهرة، حاصدة 16 مليون مشاهدة في ثلاثة أشهر.
لكن حسابات منير ــ حسني لم تتوقع هذا السيل من المشاكل بعد نشر الأغنية؛ إذ واجهت "للي" اتهامات بالسرقة منذ اللحظة الأولى لانتشارها. بداية، أطل فنان شاب وغير معروف يدعى محمود المنسي، ليتهم حسني بسرقة لحن الأغنية، من أغنيته "ولد الهلالية" التي تتشابه بدورها مع لحن أغنية "يونس" لمحمد منير. وكان رد حسني واضحاً: "لحن الأغنية مبني على ثيمة فلكلورية مستخدمة في العديد من الأغاني".
ثم جاء دور كلمات الأغنية؛ إذ كتب المؤلف المسرحي أحمد أبو دياب كلمات "للي"، ثم وضع معها رباعية للشاعر عادل صابر، التي تتشابه مع أغنية منير في القافية والشكل وبعض الكلمات، موضحاً في نهاية حديثه: "هو ليس حكمًا بالسرقة، ولكن أسأل وأفكر بصوت واضح: ماذا يمكن أن نسمي ذلك؟". ثم قال الشاعر عادل صابر في عدد من البرامج وعلى صفحته على فيسبوك، إنه سيلجأ إلى القانون والقضاء.
تابع أكرم حسني كل تلك الاتهامات، ورد عليها في شبه بيان على صفحته الخاصة على فيسبوك: "قريت من شوية بوست بيتهمني بسرقة كلمات أغنية (للي) من شاعر من جنوب مصر الحبيب.. أؤمن بحقوق الملكية الفكرية كما أؤمن بأن السرقة الفنية تصنع نجاحًا مؤقتًا، وتشابه جملة من الأغنية التي تتكون من 12 بيتًا مع جملة للشاعر لا يعني السرقة، وإنما توارد الأفكار أمر طبيعي". وتحدث عن الأمر أيضا في مداخلته مع عمرو أديب، ورغم كل تلك المشاكل والاتهامات، لم تمنع أو تقلل من نجاح الأغنية في الأيام السابقة.
ما تلا ذلك بات معروفاً؛ أي حذف فيديو كليب الأغنية الرسمي من قناة الشركة المنتجة على "يوتيوب"، ثم الجدل الذي ضج به الإعلام، بعدها عودة الأغنية... لكن من دون أن يتطرق أحد إلى أصل المشكلة، وهي أن الأغنية غير أصيلة الصنع، وكأنها تجميع لمكونات من مصادر مختلفة، من دون صدق أو أصالة في صناعتها. فعند الاستماع إلى أي أغنية من أغاني منير القديمة، تظهر الأصالة في صناعة العمل، حتى وإن كان قائماً على لحن فلكلوري أو ثيمة فلكلورية. حتى الفيديو كليب نفسه، القائم على تقديم أكثر من شبيه لمنير، ليس أصيلاً، ولا يشبه صاحب "الطول واللون والحرية".
لماذا تبدو فكرة عدم الأصالة مهمة مع محمد منير تحديداً؟ ببساطة لأنه يكاد يكون الفنان الوحيد في جيله الذي رفض استنساخ أي تجربة، بينما كان زملاؤه بشكل شبه كامل يسيرون خلف تجربة عبد الحليم حافظ، في محاولة لتكرارها. بل جاء بشكل غنائي مختلف، وطريقة أداء وملابس، وحركة على المسرح مختلفة تماماً عن الجميع، حتى أنه كان يرفض الغناء لعبد الحليم في بدايته الفنية، ولم يغنّ له إلا عندما أصبح مطرباً له اسمه وتاريخه.