أنهت منصة "ديزني +"، أخيرًا، بث الحلقات الست من مسلسل "ميس مارفل"، والذي ينتمي إلى المرحلة الرابعة من عالم "مارفل" السينمائي. ونتعرف في المسلسل إلى كامالا خان، أول بطلة خارقة مسلمة كما تم تداوله. فخان من أصول باكستانية، تعيش في الولايات المتحدة ضمن أسرة مسلمة، غادرت جدتها إلى باكستان حين انفصالها عن الهند، ما أتاح للأسرة لاحقاً الهجرة بعيداً عن تاريخ المنطقة المتأزم وبدء حياة جديدة.
تدور أحداث المسلسل في نيوجرسي حيث نتعرف إلى الجالية المسلمة هناك، وكيفية استعراضها لثقافتها (الثياب، الاحتفالات...الخ)، وعلاقتها مع السلطات التي تشكك بانتماء هذه الجالية بشكل دائم. كما نكتشف ما تتعرض له المراهقة كامالا من أزمة في الهوية، فهي معجبة بفريق "أفينجرز"، وخصوصاً كابتن مارفل، أو كارول دانفيرز، وتلاحق حلماً بأن تكون بطلة خارقة تنقذ العالم، الشأن الذي لا ينتمي لتقاليد أسرتها. لكن (وهنا الحبكة التقليديّة) تحقيق هذا الحلم يحتاج إلى عودة للماضي، فبعد اكتشافها سوار جدتها وما يحتويه من قوى خارقة، تتجه إلى كراتشي التي تدور فيها أحداث حلقة كاملة، نتعرف فيها إلى تاريخ باكستان المعاصر، وحكاية الجدة ذات العلاقة الوطيدة مع عالم الجن.
الملفت في المسلسل أنه شديد الصوابيّة فيما يخصّ تمثيل الجالية المسلمة، إذ لم يثر غضب أحد، علماً أنه يشير إلى طبيعة العادات والتقاليد، وما تواجهه الجالية المسلمة المحافظة من مضايقات، كتفتيش الجوامع الاعتباطي، والاشتباه بالمسلمين بشكل عام. لكن كل ذلك يحدث برقة، إذ لا تحصل مواجهة مسلحة في المسجد ولا أي قتال. و"المعركة النهائية"، إن صح التعبير، تقام في المدرسة، التي تواجه فيها كامالا مع أصدقائها الجهات المختصة بمراقبة الأبطال الخارقين باستخدام الخدع الطفولية، والتي تشبه المقالب التي نراها يومياً في وسائل التواصل الاجتماعي. وحتى حين يكتشف أهل كامالا قواها، نراهم شديدي التفهم، ويحتوونها ويفخرون بها، دون غضب أو تساؤلات حول مستقبلها.
لكن، ما هي قوى كامالا الخارقة؟ متابعو أخبار مارفل يعلمون أن ما اختبرناه في لعبة "أفينجرز"، التي تكون فيها كامالا شخصية رئيسية، تمتلك قوى إطالة أطرافها، مختلف عما نراه على الشاشة الصغيرة. إذ ترث كامالا في المسلسل قوى "النور" عن جدتها عبر سوارها القديم، والذي يمكّنها من التحكم بكتل الضوء، لخوض معاركها مع الجن "الأشرار"، أو "المتخفين" الذين يتلاشون لاحقاً دون عناء، ودون القدرة على العودة إلى أوطانهم، لتتفرغ كامالا بعدها لتحقيق نفسها كبطلة خارقة، بعد أن تكتشف أن عالم الجن مواز لعالمنا هذا، وهي تمتلك قوى مستمدة منه.
يخاطب المسلسل المراهقين، ويتحدث عن أزمة الهوية التي تمر بها كامالا، وصراعها بين عادات عائلتها وما تشهده من حولها، وسعيها لإيجاد مكانها في العالم. وكأي مراهقة، تبحث كامالا عن الحبّ والاستقلال. في ذات الوقت تحافظ على ما ورثته من أسرتها لتحويله إلى جزء من كيانها الجديد الذي نكتشفه في النهاية، إذ يشرح لها والدها معنى اسمها "كامالا"، والذي يمكن أن يترجم للإنكليزية بـ Marvel لتكتشف أنها على خطا كابتن مارفل، والتي تستمد قوتها أيضاً من النور، كونها امتصت طاقة نجم شمسي، كما رأينا في الفيلم الخاص بها.
لا يحوي المسلسل أي خطر محدق، أي لا عدو وجودياً يهدد كامالا ويساهم في تحولها إلى بطل خارق، فهجرة عائلتها ليست إلا قدراً يساهم النور في تحقيقه. أما الجن المتخفّون فلا يشكلون تهديداً حقيقاً، و"الجهات المختصة" التي تمثل سلطة الدولة، فيتم الانتصار عليها دون عناء، إذا ما هو الصراع الجوهري الذي تخوضه كامالا التي لم تتقن بعد استخدام قواها؟ ببساطة أزمة الهوية والانتماء