ذكرت شركة "آبل"، أمس الاثنين، أنّ جميع الصور الموجودة على هواتف "آيفون" ستخضع للفحص لمعرفة إن كانت تحوي صوراً معروفة لاستغلال الأطفال جنسياً، وذلك إذا كانت مخزَّنة على خدمة "آي كلاود" على الإنترنت.
ويأتي ذلك الكشف في إطار سلسلة من الإفادات الإعلامية التي تسعى من خلالها "آبل" لتبديد القلق الذي أثاره إعلانها الأسبوع الماضي بأنها ستفحص هواتف المستخدمين وأجهزة الكمبيوتر الشخصية واللوحية الخاصة بهم، بحثاً عن ملايين الصور غير القانونية.
وفيما تفحص "غوغل" و"مايكروسوفت" ومنصات تكنولوجية أخرى الصور المحملة أو مرفقات البريد الإلكتروني من خلال مطابقتها لقواعد بيانات للمركز الوطني للأطفال المفقودين والمستغلين جنسياً وغيره من المراكز المتخصصة في هذا الإطار، يعيب خبراء الأمن الإلكتروني على خطة "آبل" أنها أكثر تلصصاً.
بل إنّ البعض توقع أن تسعى الحكومات لإجبار "آبل" على توسيع النظام لتفحص الأجهزة بحثاً عن مواد أخرى.
عندما يحمل مستخدم صورة على آي كلاود يصدر الهاتف من فوره رمزا رقميا للصورة ويقارنها بقاعدة البيانات السالفة الذكر، وقد ينتهي الأمر بتعليق حساب المستخدم الذي يحمل صورا معروفة لاستغلال الأطفال جنسيا
وقالت "آبل"، في منشور على موقعها الإلكتروني، أول أمس الأحد، إنها ستحارب أياً من هذه المحاولات، التي يمكن أن تحدث في محاكم خاصة، بما يجعل من الصعوبة بمكان معرفتها.
وكتبت "آبل" تقول: "لقد تلقينا من قبل مطالب بإدخال تغييرات حكومية تحدّ من خصوصية المستخدمين، لكننا رفضنا بشدة هذه المطالب.. وسنواصل رفضها في المستقبل".
وفي إفادة اليوم، قال مسؤولو "آبل" إنّ نظام الشركة، الذي سيُطرح هذا الخريف مع إصدار نظام تشغيل (آي.أو.إس15)، سيفحص الملفات الموجودة بالفعل على جهاز المستخدم إذا كانت هذه الصور محملة على خوادم تخزين الشركة.
وتعرضت "آبل" لانتقادات دولية لقلة إبلاغها عن الانتهاكات مقارنة بمقدمين آخرين لهذا النوع من الخدمات. وتبحث بعض الأنظمة القضائية الأوروبية تشريعات لجعل المنصات التكنولوجية أكثر عرضة للمسائلة عن انتشار هذه المواد.
وقال مسؤولون تنفيذيون في "آبل"، أمس الاثنين، إنّ عمليات فحص الأجهزة تحافظ على الخصوصية أكثر من فحص خدمة "آي كلاود" مباشرة. ومن بين الأمور الأخرى، أن تصميم النظام الجديد لا يبلغ "آبل" بأي شيء عن محتوى المستخدم ما لم يتعدّ عتبة معينة من الصور، قبل أن تفوض الشركة بمراجعتها.
وأقرّ المسؤولون التنفيذيون بأنّ المستخدم قد يقع فريسة متسللين إلكترونيين يضعون على جهازه صوراً لاستغلال الأطفال جنسياً. لكنهم قالوا إنهم يتوقعون أن تكون هجمات من هذا القبيل نادرة للغاية، وإنّ أي حالة مراجعة ستبحث حينها عن علامات أخرى للتسلل الإلكتروني.
وكانت الشركة قد أعلنت، الأسبوع الماضي، أنه إذا رصدت تحميل مثل هذه الصور على "آي كلاود"، فستراجعها وتبلغ مسؤولي إنفاذ القانون بشأن المستخدم قبل تعليق حسابه.
ويستجيب نظام "آبل" الجديد لطلبات من سلطات إنقاذ القانون للمساعدة في وقف الاعتداءات الجنسية على الأطفال.
وقال جون كلارك، الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للأطفال المفقودين والمستغلين، في بيان: "في ظل استخدام أناس كثيرين لمنتجات آبل، فإن تدابير السلامة الجديدة هذه تحمل في طياتها إمكانية إنقاذ حياة الأطفال الذين يتعرضون للإغواء على الإنترنت وتُنشر صورهم الجنسية المروعة... الخصوصية وحماية الأطفال يمكن أن يتعايشا في حقيقة الأمر".
وستخزن "آبل" قاعدة بيانات لصور استغلال الأطفال جنسياً على هواتف آيفون. وعندما يحمل مستخدم صورة على آي كلاود يصدر الهاتف من فوره رمزاً رقمياً للصورة ويقارنها بقاعدة البيانات سالفة الذكر. وقد ينتهي الأمر بتعليق حساب المستخدم الذي يحمل مثل هذه الصور. لكن "آبل" قالت إنّ المستخدمين الذين يشعرون بأن حساباتهم عُلقت دون سبب وجيه يمكنهم الطعن في ذلك القرار واستعادتها مجدداً.
النظام قد يفتح الباب أمام مراقبة الخطاب السياسي وغيره من أشكال المحتوى الأخرى على هواتف آيفون
غير أنّ مدافعين عن الخصوصية قالوا إنّ ذلك النظام قد يفتح الباب أمام مراقبة الخطاب السياسي وغيره من أشكال المحتوى الأخرى على هواتف آيفون.
وقال ماثيو غرين، الباحث في أمن المعلومات بجامعة جونز هوبكنز، محذراً على "تويتر" من أنّ "آبل أرسلت إشارة واضحة للغاية. فهي ترى أنّ من الأمان وضع أنظمة لفحص هواتف المستخدمين بحثاً عن محتوى محظور... لكنها بذلك تكسر الحاجز أمام الحكومات لتطلب فحص الهواتف تعقباً لمحتويات أخرى تراها غير ملائمة".
وكتب باحثون آخرون في مجال الخصوصية، مثل إنديا مكيني وإريكا بورتنوي من مؤسسة "إلكترونيك فرونتير"، في مدونة، إنه قد يكون من المستحيل على باحثين مستقلين التحقق مرة أخرى مما إذا كانت "آبل" تفي بوعودها بفحص محتوى محدد فقط على الأجهزة.
وكتبتا تقولان إنّ هذه الخطوة "تحول صادم بالنسبة إلى المستخدمين الذين يعوّلون على ريادة الشركة في الخصوصية والأمان".
(رويترز)