على مدار سنوات، كان العلماء يفسرون آثار الأقدام الأحفورية التي عثر عليها في موقع في ليتولي في شمال تنزانيا بأنها قد تكونت على يد دب يمشي على قدمين، لكن إعادة تحليل آثار الأقدام هذه كشفت أنها تعود إلى أحد الأنواع البشرية المنقرضة.
وفقا لنتائج دراسة جديدة نشرت في مجلة Nature يوم الأربعاء 1 ديسمبر/ كانون الأول وأعدها باحثون في جامعة أوهايو، يعني هذا الاكتشاف أن هناك الآن ثلاث مجموعات معروفة من آثار أقدام أشباه البشر من نفس المنطقة في تنزانيا تعود إلى حوالي 3.6 ملايين سنة. نسبت مجموعة واحدة من آثار الأقدام سابقاً إلى الأقارب الأوائل للإنسان الحديث. لكن الدراسة الجديدة تشير إلى أن مجموعة أخرى من المسارات تعود إلى أنواع غير معروفة من أشباه البشر التي لم تكن مكتشفة من قبل.
يقول مؤلفو الدراسة الجديدة إن هذه البصمات لا تتطابق مع المجموعات الأخرى من آثار الأقدام في ليتولي، ومن المحتمل أن تكون قد صنعت بواسطة نوع مختلف. وفي حالة صحة هذا الافتراض، فهذا يعني أن نوعين من أشباه البشر تعايشا في نفس المنطقة في نفس الوقت.
يبلغ عمر مجموعتي آثار الأقدام حوالي 3.66 ملايين سنة ويعتقد أنها تعود لجنس "أسترالوبيثكس"
وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، توضح إليسون ماكنوت، المؤلفة الرئيسية في الدراسة والأستاذة المساعدة في الطب الحيوي بجامعة أوهايو، أن موقع ليتولي يعد واحدا من أهم المواقع القديمة المدهشة التي جرى اكتشافها على الإطلاق. "تمثل مسارات الأقدام الموجودة هناك (المسارات A وG وS) أقدم دليل لا لبس فيه على الحركة على قدمين في سجل الأحافير البشرية، وهي طريقة للتنقل عبر العالم تعد واحدة من أساسيات الجنس البشري".
عثر على آثار الأقدام في عام 1976 من قبل بيتر جونز وفيليب ليكي في أثناء التنقيب في ليتولي، حيث عثرا على خمس مجموعات من آثار الأقدام في مكان أطلقوا عليه اسم الموقع A. وقد تركت الآثار في الرماد البركاني الناعم الذي تصلب فيما بعد في الصخور.
أشارت دراسات لاحقة على الاكتشاف إلى أن هذه البصمات صنعت بواسطة دب يمشي على رجليه الخلفيتين، لكن أدى العثور على المزيد من آثار الأقدام في المنطقة نفسها في موقع على بعد بضعة كيلومترات يسمى الموقع G، وقد صنعها بالتأكيد أشباه البشر، إلى إعادة النظر في الفرضية القديمة. يمتد الممر بطول 24 متراً ويتضمن آثار أقدام تعود لثلاثة أفراد يسيرون معاً. يبلغ عمر مجموعتي آثار الأقدام حوالي 3.66 مليون سنة، ويعتقد أنها تعود لجنس "أسترالوبيثكس".
وأضافت ماكنوت :"تكمن أهمية هذه الدراسة في أنها توضح أن المسار A من صنع أشباه البشر وليس من صنع دب، كما أن هذا المسار A لا يتوافق أيضا مع المسارين G وS، ما يشير إلى أنه يعود إلى نوع مختلف من أشباه البشر. سمحت لنا إعادة التنقيب والوصول إلى تحليلات جديدة بالتعرف على هذه الأدلة، التي كانت موجودة بالفعل في سجل الحفريات لأكثر من 4 عقود".
عثر على آثار الأقدام في عام 1976 من قبل بيتر جونز وفيليب ليكي في أثناء التنقيب في ليتولي، حيث عثرا على خمس مجموعات من آثار الأقدام
قارن الباحثون المسارات من الموقع A بآثار الأقدام التي صنعها البشر والشمبانزي والدببة السوداء الأميركية. تقول المؤلفة الرئيسية في الدراسة: "هناك الكثير من الأدلة التي تجعلنا متأكدين أن آثار الأقدام المكتشفة تعود لأشباه البشر وليس للدببة. على سبيل المثال، كانت أصابع القدم الكبيرة غير متطابقة مع الدببة، فضلا عن حفريات الأنواع الأخرى، بحيث كان الإصبع الكبير في النوع المكتشف أكبر نسبيا من أصابع القدم في الأنواع الأخرى.
وفي أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي، اكتشف علماء آثارٍ آثارَ أقدام عمرها ستة ملايين عام في جزيرة كريت اليونانية، قد تكون أقدم آثار أقدام لما قبل البشرية يتم العثور عليها حتى الآن. وبحسب دراسة نشرها موقع Scientific Reports، فقد حدد العلماء حوالي 50 علامة بالقرب من قرية تراشيلوس على الحافة الغربية للجزيرة عام 2002، عثر عليها في صخور رسوبية تشكلت على شاطئ البحر الأبيض المتوسط.
وأظهرت التقنيات الحديثة التي استخدمتها الدراسة أن آثار الأقدام عمرها يبلغ 6.05 ملايين سنة، ما يجعلها أقدم دليل مباشر على وجود قدم شبيهة بقدم بالإنسان تستخدم في المشي. وفي حين أنه لا يزال من غير الواضح ما هي أنواع الكائنات التي تعود إليها هذه الآثار، فإن لها شكلاً يشبه الإنسان بوضوح، مع فارق كبير في الحجم.