أعلنت صحيفة "لوس أنجليس تايمز"، الثلاثاء، إقالة أكثر من خُمس طاقم التحرير فيها، وسط أزمة تشهدها وسائل الإعلام الأميركية، فيما تظاهر صحافيون من مجموعة "كوندي ناست"، التي تضم "فانيتي فير" و"فوغ" و"جي كيو" في نيويورك ضد خطة اجتماعية تهدد وظائفهم.
وسيجري الاستغناء عمّا لا يقل عن 115 صحافياً من صحيفة "لوس أنجليس تايمز"، لمواجهة خسائر سنوية تتراوح بين 30 و40 مليون دولار، وفق ما أعلن مالكها الملياردير ورجل الأعمال في مجال التكنولوجيا الحيوية باتريك سون شيونغ، على صفحات الصحيفة الكبرى التي أنشئت قبل 142 عاماً في كاليفورنيا.
وقال رجل الأعمال الذي اشترى الصحيفة مقابل 500 مليون دولار سنة 2018: "قرار اليوم مؤلم للجميع، لكن من الضروري أن نتحرك بسرعة ونتخذ خطوات لبناء صحيفة قابلة للحياة ومزدهرة للأجيال المقبلة"، مع زيادة الاشتراكات وعائدات الإعلانات.
وأعربت نقابة الصحافيين عن أسفها لهذه الخطوة، قائلة: "ما زلنا نؤمن بصحيفة "لوس أنجليس تايمز" وبالدور المهم الذي تؤديه في ديمقراطية نابضة بالحياة. لكن الصحيفة لا تستطيع أن تضطلع بهذا الدور في حال الإجهاز على موظفيها"، في ظل تصاعد التوتر في البلاد هذا العام بموازاة الحملات المرتبطة بالانتخابات الرئاسية التي تلوح في أفقها منافسة محتملة بين جو بايدن ودونالد ترامب.
"قرار صعب"
يتعين على "لوس أنجليس تايمز"، التي فازت بـ51 جائزة بوليتزر منذ عام 1942، أن تتكيف مع اضطرابات العصر الرقمي، وتراجع عائدات الإعلانات وفقدان المشتركين، وهو تحول صعب لصحف تقليدية كثيرة.
وقد استغنت الصحيفة العريقة عن سبعين موظفاً في يونيو/ حزيران الماضي، وترك مدير التحرير كيفن ميريدا منصبه مطلع يناير/ كانون الثاني الحالي، وسط خلافات مع المالك، بحسب تقارير إعلامية.
لكن ذلك لم يكن حكراً على "لوس أنجليس تايمز"، فمن صحيفة "واشنطن بوست"، المملوكة لمؤسس "أمازون" جيف بيزوس، إلى إذاعة "أن بي أر" العامة، مروراً بشبكة "فوكس ميديا"، مالكة "نيويورك ماغازين"، و"ذا فيرج" و"فوكس"، شهد عام 2023 إعلانات كثيرة عن خفض وظائف في مكاتب التحرير الأميركية، في استمرار لمنحى متواصل منذ سنوات.
وكتبت رئيسة مجلة "تايم"، جيسيكا سيبلي، الثلاثاء، إلى فرق عملها لتعلن "القرار الصعب بإلغاء مناصب في أقسام عدة"، من دون إعطاء أرقام، بحسب ما أفاد صحافي من موقع "سيمافور" الذي نشر المعلومة على منصة "إكس".
وبحسب تقرير صدر في أوائل ديسمبر/ كانون الأول الماضي عن "تشالنجر، غراي أند كريسماس"، وهي شركة استشارات للموارد البشرية، فقد ألغيت بالفعل 2681 وظيفة في مكاتب التحرير في عام 2023، مقارنة بـ1808 في عام 2022، و1511 في عام 2021.
وفي إعلان صادم آخر يرتدي رمزية بالغة، سيصار إلى فصل غالبية أفراد طاقم التحرير في مجلة "سبورتس إيلسترايتد" (Sports Illustrated) العريقة من قبل ناشرها "ذا أرينا غروب"، بحسب ما أعلنته نقابة الصحافة الأميركية الجمعة الماضي.
"هجوم محدد الهدف"
تؤثر الصعوبات أيضاً على وسائل إعلامية رقمية، من بينها "فايس ميديا" التي تواجه الإفلاس منذ مايو/ أيار الماضي، بينما أعلنت "بازفيد" قبلها بشهر عن إغلاق موقعها الإخباري بازفيد نيوز، مع صرف 180 موظفاً.
وبموازاة هذه الإعلانات الصادرة عن إدارتي "لوس أنجليس تايمز" و"تايم"، توقّف 400 صحافي وموظّف نقابي في مجموعة "كوندي ناست"، التي تجمع مؤسسات إعلامية شهيرة، منها "فانيتي فير" و"فوغ" و"جي كيو"، عن العمل لمدة 24 ساعة الثلاثاء احتجاجاً على الظروف الواردة في خطة اجتماعية تلحظ إقالة موظفين في المجموعة.
وأمام مبنى "وان وورلد ترايد سنتر"، حيث مكاتب "كوندي ناست" في نيويورك، تظاهر أكثر من مئة موظف في المجموعة تحت المطر، ثم في البرد الرطب، متجاهلين طوعاً تغطية الترشيحات لجوائز الأوسكار في هوليوود.
وأعلنت "كوندي ناست" في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي عن عزمها صرف 5% من أفراد فرقها، أو حوالى 300 موظف. لكن نقابة العاملين في المجموعة، التي شُكلت عام 2022، تحتج بشكل خاص على خطة تستهدف 20% من أعضائها، وهي أشبه بـ"هجوم محدد الهدف"، وفق أحد مديريها، بن ديوي.
وبحسب موقع فراييتي، فإن الممثلة آن هاثاواي، المعروفة بدورها في فيلم "ذا ديفل ويرز برادا" (2006) الذي تدور أحداثه في مجلة فوغ، غادرت جلسة تصوير في "فانيتي فير" تضامنا مع الموظفين المضربين.
(فرانس برس)