يهدف اختراق تردّدات البث إلى التحكّم بما تعرضه القنوات التلفزيونيّة من دون إذنٍ أو ترخيص. عبر السنوات خلقت حوادث اختراق البث التلفزيوني حالةً من التوتّر والانزعاج للمشاهدين، لكنّ تأثيرها قلّ في السنوات الأخيرة مع تراجع الإقبال على التلفزيون.
نستعرض هنا عدداً من أشهر حالات اختراق البثّ التلفزيوني عبر السنوات حول العالم، والتي تعدّدت دوافعها بين الإعلان عن موقفٍ سياسي أو الترويج لعقيدة دينية أو لمجرّد الانتقام.
إلى العصر الجديد
بدا انقطاع بث التلفزيون الجنوبي في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 1977 في جنوب إنكلترا أشبه بأفلام الخيال العلمي.
تشوّشت نشرة الأخبار فجأة، واختفى صوت المذيع ووجهه لتحلّ مكانه مركبة طائرة تدّعي أنّها تمثّل "قيادة عشتار للمجرّة"، لتبلّغ البشريّة بضرورة التخلّي عن أسلحتها والاستسلام. ظلّت المركبة على الشاشة طوال ستّ دقائق، شرحت خلالها أنّنا "في عصر جديدٍ"، لا يمكن فهمه إلّا إذا "تمّ توعية الحكام بقوى الشر التي قد تلقي بظلالها على أحكامهم". واختتمت الرسالة بالقول: "نتمنى أن تنعم بالحب والحقيقة الأسمى للكون"، قبل أن يعود البثّ إلى حالته.
وحتّى يومنا هذا ما زال المسؤول عن هذه الحادثة مجهول الهويّة.
رسالة من الإنجيل
في العام 1987 تعرّضت قناة بلاي بوي لاختراق مفاجئ لبثّها، حيث ظهرت على الشاشة طوال عدّة دقائق رسالة دينيّة تقول: "احفظ يوم السبت لتقدّسه كما أوصاك الرب إلهك. توبوا لأنّه قد اقترب ملكوت السماوات".
بعد ثلاث سنوات من التحقيقات التي أجرتها لجنة الاتصالات الفيدرالية، ثبت أنّ الفاعل هو مهندسٌ من فرجينيا كان يعمل مع شبكة البثّ المسيحيّة.
الرجل الغامض
انقطع البثّ خلال عرض مسلسل دكتور هو في شيكاغو فجأة في العام 1987.
ظهر على الشاشة يومها شخصٌ يرتدي مثل شخصية ماكس هيدروم، وقام بأفعالٍ كثيرةٍ على الشاشة من اللعب بالقفازات وصولاً إلى الصراخ في نقد الليبراليين.
بسبب غرابة ما بثّ يومها، لا تزال هناك حتّى الآن مجموعاتٌ على الإنترنت تحاول تعقّب الرجل الغامض واكتشاف هويته.
دعوة فالون غونغ
تحظر الحكومة الصينيّة ديانة فالون غونغ، لكنّ ذلك لم يمنع أتباعها من إيصال دعوتهم إلى الناس، وذلك بعدما اخترقوا بثّ القنوات الحكوميّة الصينيّة مرتين في شهرٍ واحد خلال العام 2002.
روّجت المجموعة عبر 10 قنواتٍ محليّة طوال عدّة دقائق لفوائد الانضمام إليها، ما دفع السلطات الصينيّة إلى فتح تحقيق شامل في القضيّة.
استنجاد بالمسيح
أثناء عرض فيلمٍ وثائقي على القناة السابعة الأسترالية في يناير/ كانون الثاني من العام 2007، اختفى صوت الفيلم واستُبدل بصوتٍ أميركي يقول: "يسوع المسيح، ساعدنا جميعاً يا رب. اللعنة!".
وعلى الرغم من تلقّي القناة مئات الاتصالات من المتفرجين الذي فوجئوا بما شاهدوه، إلّا أنّ إدارتها اكتفت بالقول إنّ ما جرى ناجمٌ عن خلل تقنيّ في شريط الفيلم، وهو الأمر الذي لم يقنع معظم المتابعين.
انفجار نووي
في صيف العام 2007، وأثناء عرض نشرة الأخبار على محطة التلفزيون الحكوميّة في تشيكيا، استُبدل تقرير توقّعات الطقس بمشهدٍ بانورامي يظهر انفجار قنبلةٍ ذريّة.
اتّضح لاحقاً أن ّ الاختراق هو جزءٌ من مشروع لمجموعةٍ فنّيّة كانت تحاول تصوير كيفية تلاعب الإعلام بالحقائق. لم يعجب هذا الفعل السلطات التشيكيّة، إذ اتّهم المشاركون الستّة بإشاعة الاضطراب والفوضى وحكموا بالسجن لمدّة ثلاث سنوات.
مقاطعة الـ"سوبر بول"
خلال عرض مباراة بطولة سوبر بول في الولايات المتّحدة خلال العام 2009، فوجئ المشاهدون في ولاية أريزونا بانقطاع بثّ المباراة لمدّة نصف دقيقة، حيث عرضت بدلاً منها لقطات من فيلم إباحي.
وضع ذلك شركة البث في موقفٍ حرّج وكلّفها قرابة 800 ألف دولار من الحسومات للمشتركين كنوعٍ من التعويض. بعد بحثٍ طويلٍ، توصّلت السلطات إلى الفاعل، والذي لم يكن سوى موظف سابق في الشركة.
هجوم الزومبي
كان المشاهدون في ضواحي ولاية مونتانا الأميركيّة يتابعون حلقةً من أحد المسلسلات التلفزيونيّة في العام 2013، حين ظهرت رسالة مكتوبة على الشاشة: "الموتى خرجوا من قبورهم، وهم يتجوّلون في الشوارع ليهاجموا الأحياء". كما وجّهت النصيحة في الرسالة إلى الناس بتجنّب الموتى الأحياء (الزومبي)، وعدم السعي للقبض عليهم". ولم يمرّ سوى وقت قصير حتّى ظهرت الرسالة نفسها على الشاشات في ولاية ميشيغان.
لم تعرف حتّى اليوم هوية منفّذي الاختراق، لكنّ المحطتين اللتين تمّ اختراقهما أعلنتا لاحقاً أنّ المهاجم موجودٌ خارج الولايات المتّحدة.
لا للحرب
تظلّ أحدث حالات اختراق البثّ مسجّلة باسم مجموعة القراصنة الأكثر شهرة في العالم أنونيموس. ففي فبراير/ شباط الماضي اخترقت المجموعة العديد من خدمات البث المباشر والقنوات الإخباريّة الروسيّة لتبثّ لقطات تظهر وحشيّة الهجوم الروسيّ في الحرب على أوكرانيا، تبعتها قصيدة كتبها المغنّي الأوكرانيّ موناتيك.