- المحتجون وقعوا رسالة مفتوحة يدينون فيها الإلغاء كمحاولة لإسكات الأصوات الفلسطينية، مطالبين بالاعتذار وشرح أسباب الإلغاء والالتزام باستضافة الفعالية مستقبلاً، مؤكدين على أهمية حرية التعبير.
- دار النشر Comma Press دافعت عن أبو سيف، مشيرة إلى أن الاتهامات بالعداء للسامية كانت غير صحيحة وأنها تدرس اتخاذ إجراءات قانونية ضد المجلس اليهودي، مؤكدة على التحديات التي تواجه التضامن مع الفلسطينيين.
أخيراً، تظاهر العشرات من الفنانين والمسرحيين والكتاب في مانشستر الإنكليزية احتجاجاً على إلغاء مسرح شهير في المدينة فعالية تضامنية مع الشعب الفلسطيني، بعد أن تلقت إدارته رسالة من المجلس اليهودي (JRCGM).
كان مسرح Home قد أعلن عن مبادرة لاقت استحسان كثيرين على مواقع التواصل الاجتماعي، تفيد بأنه "سيحتفل بالأصوات الفلسطينية" في حدث عنوانه "أصوات الصمود". لكن فوجئ الجميع بعدها بإلغاء الحدث.
وكان من بين الأسماء المشاركة في الفعالية التضامنية، الممثلة ماكسين بيك والممثل كينغزلي بن أدير. وكان من المقرر أيضاً مقاطع من نصوص كتبها عاطف أبو سيف، الذي شغل منصب وزير الثقافة في السلطة الفلسطينية، في الحكومة السابقة.
جاء الإلغاء بطلب من JRCGM؛ إذ زعم المجلس اليهودي في مانشستر أن أبو سيف دافع سابقاً عن إنكار الهولوكوست، وهو الادعاء الذي وصفته الجهة المنظمة للحدث في مسرح البيت، Comma Press، بأنه "تشهير ولا أساس له من الصحة". وقالت المؤسسة الثقافية إنها أصيبت بخيبة أمل بسبب إلغاء الحدث الذي كان مقرراً عقده في 22 إبريل/نيسان الحالي.
وإلى جانب التظاهرة، وقع فنانون رسالة موجهة إلى مسرح البيت، وهي مؤسسة فنية شاملة تقدم المسرح والعروض السينمائية والمهرجانات المتنوعة، قالوا فيها: "بهذه الطريقة، ساهم البيت في إسكات الأصوات الفلسطينية في وقت هم في أمس الحاجة إلى أن يستمع إليهم الجميع". وأضافت الرسالة: "لقد قُتل أكثر من 32 ألف شخص في غزة خلال ستة أشهر فقط، من بينهم 13 ألف طفل، وهذا يعني أن قمع أولئك الذين يتحدثون عن هذه التجربة هو شكل من أشكال إنكار الإبادة الجماعية".
وأفاد الموقعون: "باعتبارنا مخرجين مسرحيين وصناع أفلام وفنانين وعاملين في مجال الثقافة، والعديد منا لديهم أعمال معروضة في Home، فإننا ندين هذا القرار الجبان لإسكات أصوات الفلسطينيين والمساهمة في محوهم عبر الإبادة الجماعية المستمرة حتى اليوم". وأضاف الفنانون: "نعتقد أن هذا القرار يبعث برسالة إلى المنظمات الفنية الأخرى، تفيد بأنه يمكن أو ينبغي إسكات الأصوات الفلسطينية، وأنه ليس من المهم للمؤسسات الفنية أن تفي بالتزاماتها القانونية والأخلاقية في دعم حرية التعبير ومكافحة التمييز".
دعت الرسالة أيضاً مسرح البيت إلى الاعتذار، وشرح كيف ولماذا اتُّخذ قرار إلغاء "أصوات الصمود"، إلى جانب الالتزم باستضافتها. كما طلب الفنانون والمثقفون من المؤسسة الفنية تقديم تفاصيل عن الخطوات التي ستتخذها لـ"إصلاح التزامها بمناهضة العنصرية، بما في ذلك العنصرية المناهضة للفلسطينيين".
من جانبه، قال الكاتب المسرحي جيمس هاركر، أحد الذين وقعوا على الرسالة: "قدمت عملاً في "البيت" من قبل، كجزء من مهرجان Push وأحببت ذلك. وعندما رأيت إعلان المؤسسة الفنية عن "أصوات الصمود" شعرت بالفخر لأنني أعيش في مدينة لديها الشجاعة لإعطاء منصة للناجين من الإبادة الجماعية، منهم محمد الغلاييني (عالم بريطاني من أصل فلسطيني) الذي كان من المقرر أن يتحدث في هذه الفعالية". واستكمل هاركر: "وفي اليوم الذي سمعت فيه أن البيت قد ألغى برنامج أصوات الصمود، علمت أيضاً أن الجيش الإسرائيلي قصف منزل صديق لي يقع في شمال غزة، ما أدى إلى مقتل زوجة أخيه، بينما قتل الجيش الإسرائيلي بالفعل ثلاثة أجيال من عائلته منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول".
وأضاف الكاتب المسرحي: "هذه هي حقيقة الإبادة الجماعية المستمرة في غزة. وإسكات أصوات الناجين من الإبادة، في نظري، هو بمثابة إنكار لها. وبإلغاء هذا الحدث، اختارت مؤسسة البيت إسكات أصوات الفلسطينيين في الوقت الذي هم في أمس الحاجة إلى أن يكونوا مسموعين". وأكد هاركر: "لقد فضلت المؤسسة الفنية الشهيرة أن تظل محايدة سياسياً في مواجهة الإبادة الجماعية المستمرة، وأتصور أن مثل تلك التصرفات تشعر مانشستر بالخجل، ويخجل منها أيضاً عالم الفنون".
استدعى إلغاء الفعالية التضامنية مع فلسطين، أيضاً، إصدار مؤسسة Press Comma وهي دار نشر أدبية معروفة في بريطانيا، بياناً نفت فيه الاتهام الموجه ضد عاطف أبو سيف بعدائه للسامية وإنكاره للمحرقة.
وأشار البيان إلى أن المقال الذي ادعى المجلس اليهودي ورود ما يثبت الاتهامات الموجهة لأبو سيف يقول العكس تماماً، وأثبتت دار النشر في بيانها من خلال مقتطفات من مقال أبو سيف، إذ يقول الأخير: "إن جرائم هتلر ضد الإنسانية لا يمكن التسامح معها". وأضاف في مقاله: "إن ما حدث مع اليهود قد يكون غير مسبوق في قبحه على مدار التاريخ... وهذه حقيقة لم ننكرها كفلسطينيين ولن ننكرها أبداً. نحن شعب يعاني من الظلم والمجازر والقتل والتهجير ولا يمكننا قبول شيء مماثل حدث للآخرين ونقول إنه صحيح".
وذكرت المؤسسة الأدبية أن عاطف كاتب حائز على جوائز، تحدث سابقاً في مهرجان هاي، ومهرجان شباك، ومهرجان مانشستر الأدبي، وغيرها من الأحداث البارزة، كما "دعمه نادي القلم الإنكليزي، وشغل منصب وزير الثقافة في السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية منذ عام 2019، وقد نُشرت رواياته المباشرة عن الإبادة الجماعية الحالية في العديد من الصحف الرئيسية: ذا نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، وذا غارديان، ولوموند، وغيرها".
وأضافت Comma أنها لن تسمح باغتيال معنوي لشخصية مثل أبو سيف، وأنها تنظر حالياً في سبل اتخاذ الإجراءات القانونية بشأن التشهير الذي قام به المجلس اليهودي بمانشستر إزاء الشخصية الفلسطينية البارزة.
يحاول اللوبي الصهيوني في إنكلترا، منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، محاصرة كافة أشكال التضامن مع الشعب الفلسطيني، ويلقى دعماً واسع النطاق من الحكومة البريطانية المتواطئة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، لكن هذا لم يمنع مجتمع الفنون في إنكلترا من إطلاق عشرات المبادرات التضامنية مع الفلسطينيين، والوقوف بقوة في مواجهة نفوذ اللوبي الصهيوني.