مجدداً، يعمل عدد من المغنين في لبنان على إصدار أغان خاصة بالمناسبات، آخرها يوم الأم، الذي يصادف بعد غد. الموضة لا تتوقف، على الرغم من مئات الأغاني الخاصة بهذه المناسبة؛ خصوصاً تلك التي ظهرت في خمسينيات القرن الماضي، بالتعاون بين الفنانة الراحلة فايزة أحمد والموسيقار محمد عبد الوهاب، في "ستّ الحبايب"، التي وضع كلماتها الشاعر الغنائي حسين السيد.
تكاد تكون أغنية "ست الحبايب" نشيداً يُجمع عليه الجمهور في يوم الأم 21 مارس/آذار من كل عام. لكن الحكاية تستكمل فصولها بعد أكثر من سبعين عاماً، ليُضاف مزيد من الأغاني الخاصة بالأمهات. لكن، ما من أغنية استطاعت أن تحصد نجاح "ست الحبايب"، بسبب الألفة القائمة بين اللحن والكلمات والمستمع، وهو شعور يتنامى مع كل مرة يمرّ فيها يوم الحادي والعشرين من مارس/آذار.
أدت مجموعة من المغنين المصريين أغاني للأم. وصدرت في الستينيات والسبعينيات مجموعة لا بأس بها من الأغاني التي طبعت الذاكرة العربية، منها للفنانة الراحلة سعاد حسني، "صباح الخير يا مولاتي" التي يعتبرها المصريون من الأنشودات الخاصة بهذه المناسبة. فيما تتقدم الفنانة اللبنانية الراحلة صباح أيضاً، في "حبيبة أمها" التي غنتها لابنتها هويدا المنسي في فيلم "الليالي الدافئة" الذي صدر عام 1962.
عام 2008، اجتمع الشاعر المصري أيمن بهجت قمر، والفنان حميد الشاعري، واتفقا على إعداد ما سُمي بأوبريت خاص بالأم، تحت عنوان "أمي ثم أمي"، وشارك فيه مجموعة من الفنانين المصريين واللبنانيين، مثل يارا ورامي عياش وهيثم شاكر وجنات وتامر حسني. حصد الأوبريت نجاحاً كبيراً، ولا يزال حتى اليوم يعتبر من أكثر الأغاني التي تُردّد في الحفلات الخاصة بالمناسبة.
من جهتها، أصدرت الفنانة نانسي عجرم أغنية خاصة بعيد الأمهات، من كلمات إميل فهد، وألحان يحيى الحسن وتوزيع باسم رزق. لا جديد في الأغنية على مستوى الكلمات، الإضافة ربما محصورة في سلاسة اللحن ليحيى الحسن. تؤكد نانسي عجرم أنها أخيراً اقتنعت بأغنية خاصة بهذه المناسبة، بعدما استمعت إلى الكلمات والألحان، وهي كانت تنتظر ذلك للتعبير عن محبتها لوالدتها. قد تكون نانسي عجرم اختارت أغنية للمناسبة، بعدما تعذّر عليها إصدار أي عمل غنائي، بسبب الأجواء الكارثية التي يمر بها لبنان، فضلاً عن اجتياح فيروس كورونا العالم، وهي بذلك تكون حضرت فنياً في عمل خاص لمناسبة جامعة، بعدما اعتبرت قصيدة "إلى بيروت الأنثى"، للشاعر الراحل نزار قباني، أغنية وطنية، قدمتها عجرم بعد انفجار الرابع من أغسطس/آب الماضي.
لا تقف أغاني المناسبات في العالم العربي عند حدود. المحاولات قائمة، في وقت يشهد عالم الغناء، بشكل عام، استهلاكاً واضحاً، لجهة الإصدارات، والاستعانة بالمواقع البديلة للمواهب أو المحترفين، أو حتى الهواة. وهذا يطرح تساؤلات عدة حول إمكانية أن تعمّر هذه الأغاني لوقت، أو يبقى مرورها عابراً، ويكاد ينتهي مع انتهاء الاحتفال بالمناسبة عينها.