أقدم عيّنة من الجبنة: تطور البكتيريا قبل أكثر من 3600 عام

03 أكتوبر 2024
مومياء من مقبرة شياوهي في حوض تاريم وقد تناثر جبن الكفير حول رقبتها (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- نجح الباحثون في استخراج وتحليل الحمض النووي من أقدم جبن معروف في العالم، يعود تاريخه إلى 3600 عام، بجانب مومياوات حوض تاريم في الصين، مما يسلط الضوء على تطور البكتيريا الحيوية وفهم النظام الغذائي والثقافة لدى الأسلاف.
- أظهرت التحليلات أن شعب شياوهي استخدم أنواعًا مختلفة من حليب الحيوانات لصنع جبن الكفير، وتم استعادة الحمض النووي للكائنات الدقيقة، مما أكد احتواء الجبن على بكتيريا وفطريات مشابهة لحبوب الكفير الحالية.
- أتاح تسلسل الجينات البكتيرية تتبع تطور البكتيريا الحيوية، وأظهرت المقارنات استمرارية تقاليد جبن الكفير منذ العصر البرونزي، وتحسين استقرارها الوراثي وقدرتها على التكيف مع الأمعاء البشرية.

نجح باحثون في استخراج وتحليل الحمض النووي من عيّنات الجبن القديمة التي عثر عليها إلى جانب مومياوات حوض تاريم في شمال غرب الصين، التي يعود تاريخها إلى ما يقرب من 3600 عام. يشير البحث، الذي نشر في 25 سبتمبر/أيلول الحالي في مجلة Cell Press، إلى أصل جديد لجبن الكفير، ويلقي الضوء على تطور البكتيريا الحيوية.

عُثر على العيّنات لأول مرة منذ أكثر من 20 عاماً في شينجيانغ الصينية، على مومياوات شياوهي. في ذلك الوقت، لم يتمكن العلماء من التعرف إلى العيّنات بالكامل. في عام 2014، أبلغت مجموعة بحثية أخرى عن أدلة على أن الجبن الغامض مصنوع من الكفير. يُصنع مشروب يشبه الزبادي من طريق تخمير الحليب بحبيبات الكفير، التي تتكون من بكتيريا حية وخميرة. عندما يُصفّى، يصبح الكفير عبارة عن كتلة من الجبن.

يقول المؤلف الرئيسي للدراسة، كياومي فو، الباحث في معهد علم الحفريات الفقارية وعلم الإنسان القديم، التابع للأكاديمية الصينية للعلوم: "هذه أقدم عينة جبن معروفة تُكتشف على الإطلاق في العالم. من الصعب للغاية الحفاظ على الأطعمة مثل الجبن على مدى آلاف السنين، ما يجعل هذه فرصة نادرة وقيمة. إن دراسة الجبن القديم بتفاصيل كبيرة يمكن أن تساعدنا في فهم نظام أسلافنا الغذائي وثقافتهم بشكل أفضل". يضيف الباحث لـ"العربي الجديد" أنه قبل حوالى عقدين من الزمان، اكتشف فريق من علماء الآثار مواد بيضاء غامضة ملطخة على رؤوس وأعناق العديد من المومياوات التي عُثر عليها في مقبرة شياوهي في حوض تاريم. يعود تاريخ هذه المومياوات إلى ما يقرب من 3300 إلى 3600 عام، من العصر البرونزي.

في ذلك الوقت، اعتقد العلماء أن هذه المواد قد تكون نوعاً من منتجات الألبان المخمرة، لكنهم لم يتمكنوا من تحديد نوعها بالضبط. "لطالما كنت مهتماً بالمعلومات الجينية من المواد البيولوجية القديمة منذ انخراطي في هذا المجال، واستخدامها للتحقيق في الماضي البشري، مثل تطورهم وأنشطتهم الثقافية وتكيفهم مع البيئات، وكيف تشكل هذه البيئات حاضرنا ومستقبلنا. من حسن الحظ أنني التقيت مثل هذه المواد مع جينومات الميكروبات القديمة المحفوظة، وطورت التقنية للحصول أخيراً على معلوماتها القيمة"، يقول فو.

نجح فريق فو في استخراج الحمض النووي للميتوكوندريا (هياكل صغيرة في الخلايا) من عيّنات وُجدت في ثلاث غرف مختلفة في المقبرة. وحددوا الحمض النووي للأبقار والماعز في عيّنات الجبن.

وكشفت النتائج أن شعب شياوهي القديم استخدم أنواعاً مختلفة من حليب الحيوانات في دفعات منفصلة، وهي ممارسة تختلف عن خلط أنواع الحليب الشائعة في صناعة الجبن في الشرق الأوسط واليونان. "والأهم من ذلك، تمكنا من استعادة الحمض النووي للكائنات الحية الدقيقة من عيّنات الألبان وأكدنا أن المواد البيضاء كانت في الواقع جبن الكفير. اكتشفنا أن العيّنات تحتوي على أنواع بكتيرية وفطرية، بما في ذلك نوعان من البكتيريا موجودان بشكل شائع في حبوب الكفير الحالية" يقول المؤلف الرئيسي، الذي يوضح أن حبوب الكفير عبارة عن بيئات تكافلية تحتوي على أنواع متعددة من البكتيريا الحيوية والخميرة، التي تخمر الحليب إلى جبن الكفير، تماماً مثل بداية العجين المخمر.

أتاح تسلسل الجينات البكتيرية في جبن الكفير القديم للفريق فرصة لتتبع كيفية تطور البكتيريا الحيوية على مدار 3600 عام الماضية. على وجه التحديد، قارنوا جينات بكتيريا حمض اللاكتيك القديمة المعروفة باسم لاكتوباسيلوس من جبن الكفير القديم، بالأنواع الحديثة.

في الوقت الحالي، يعرف العلماء مجموعتين رئيسيتين من بكتيريا لاكتوباسيلوس، واحدة نشأت في روسيا والأخرى من التبت في الصين. النوع الروسي هو الأكثر استخداماً لصنع الزبادي والجبن على نطاق واسع عالمياً، بما في ذلك في الولايات المتحدة واليابان والدول الأوروبية. يقول فو: "تشير ملاحظاتنا إلى أن تقاليد جبن الكفير ظلت قائمة في منطقة شينجيانغ في شمال غرب الصين منذ العصر البرونزي".

كذلك كشفت الدراسة كيف تبادلت سلالات الكفير المادة الوراثية فيما بينها، ما أدى إلى تحسين استقرارها الوراثي وقدراتها على تخمير الحليب بمرور الوقت. ومقارنةً بالبكتيريا القديمة، فإن البكتيريا الحديثة أقلّ عرضة لإثارة استجابة مناعية في الأمعاء البشرية. وهو ما يشير إلى أن التبادلات الجينية ساعدت أيضاً على أن تصبح بكتريا الكفير أكثر تكيفاً مع الأمعاء البشرية على مدى آلاف السنين من التفاعل.

المساهمون