ألمانيا تحظر مجلة كومباكت في "حرب" على اليمين المتطرف

16 يوليو 2024
وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر تتحدث إلى الصحافيين في برلين، 24 مارس 2023 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **حظر مجلة كومباكت**: أعلنت وزارة الداخلية الألمانية حظر مجلة كومباكت اليمينية المتطرفة وكل الشركات التابعة لها، بالتزامن مع مداهمات في أربع ولايات. تُتهم المجلة بالتحريض على الكراهية ضد اليهود والمهاجرين والديمقراطية البرلمانية.

- **تاريخ المجلة وتأثيرها**: تأسست في 2010 برئاسة يورغن إلساسر، الذي انتقل من الحزب الشيوعي إلى أقصى اليمين. تُعتبر المجلة مؤيدة للتمرد ضد النظام السياسي التقليدي في أوروبا.

- **إجراءات الحظر وتداعياتها**: يشمل الحظر جميع الشركات الإعلامية التابعة للمجلة، ويمنع استخدام شعارها وبيع سلعها. تسعى الوزارة لتجفيف التدفقات المالية للأوساط اليمينية المتطرفة.

أعلنت وزارة الداخلية الألمانية، الثلاثاء، حظر مجلة كومباكت اليمينية المتطرفة وكل الشركات والمنصات التابعة لها، بما في ذلك شركة إنتاج كونسبكت فيلم، بالتزامن مع قيام الشرطة بعمليات مداهمة وتحقيق في أربع ولايات ألمانية هي براندنبورغ وهيسن وساكسونيا وساكسونيا أنهالت.

وتوزّع مجلة كومباكت التي يُنظر إليها على نطاق واسع بأنها مؤيدة لأوساط اليمين المتطرف الألماني، 40 ألف نسخة شهرياً، كما تنشط كثيراً على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر: "إنها لسان حال مركزي للأوساط اليمينية المتطرفة. هذه المجلة تحرض على الكراهية ضد اليهود والأشخاص ذوي الخلفيات المهاجرة، وكذلك ضد ديمقراطيتنا البرلمانية بطريقة لا توصف". كما رأت في التطرف اليميني "التهديد الجذري الأكبر للديمقراطية الألمانية"، يأتي ذلك في الوقت الذي تكافح فيه الأحزاب التقليدية لمنع ارتفاع شعبية حزب البديل من أجل ألمانيا.

ولسنوات طويلة كانت الدعاية اليمينية المتطرفة التي تبثها مجلة كومباكت تعمل في ألمانيا من دون مضايقات أمنية وسياسية، ولم تتعرض لحملات مماثلة لتلك التي شنّت على بعض منصات اليسار ومؤيدي النضال الفلسطيني.

وكان جهاز الاستخبارات الألماني الداخلي قد صنّف المجلة في وقت مبكر من عام 2022 على أنها "منشور يميني متطرف"، بسبب نشرها نظريات المؤامرة والدعايات المناهضة للقاحات والسرديات المعادية للسامية والإسلاموفوبيا. لكنّها المرة الأولى التي تتخذ فيها إجراءات عملية لحظرها واستهداف شخصيات بارزة على علاقة بالمجلة في أوساط حركات اليمين المتطرف والنازيين الجدد.

وانطلقت مجلة كومباكت للمرة الأولى في العام 2010، ورأس تحريرها يورغن إلساسر الذي انتمى في وقت مبكر من شبابه إلى الحزب الشيوعي الألماني قبل أن ينتقل إلى صفوف أقصى اليمين، وعُرف بمعارضته المبكرة لإعادة توحيد شطري ألمانيا الشرقي والغربي بعد انهيار جدار برلين في 1989.

وفي ولاية براندبورغ حذر التقرير السنوي للمخابرات الداخلية عام 2024 من أن المجلة "يمكن أن تساهم في الاضطرابات الاجتماعية وزعزعة الاستقرار السياسي في ألمانيا"، داعياً إلى ضرورة تدخل السلطات للجمها.

وكان رئيس التحرير إلساسر قد نشر على موقع كومباكت، العام الماضي، مقالاً بعنوان "نريد إطاحة هذا النظام". كما سبق أن أشار في 2018 إلى أن مهمة الإعلام المعارض هي "المساهمة في إسقاط النظام (السياسي الألماني)"، معتبراً أن مجلته كومباكت لها دور في "تأسيس التمرد"، وهو ما يتسق تماماً مع الدعاية اليمينية المتطرفة التي تعتبر النظام السياسي التقليدي في أوروبا عدوها وعدو مجتمعاتها.

وأشار موقع تزايت أونلاين الإخباري في برلين، الثلاثاء، إلى أن وزارة الداخلية الألمانية أجرت منذ الصباح حملات تفتيش لمقر عمل وإقامة رئيس التحرير والرئيس التنفيذي لكومباكت، يورغن إلساسر، في منطقة فالكينسي وفيردر في براندنبورغ لمصادرة الأموال والبحث عن أدلة لقضايا جنائية محتملة، إلى جانب مداهمات في ولايات أخرى.

ويسري الحظر على مجلة كومباكت والشركات الإعلامية التابعة لها، بما في ذلك موقعها على الإنترنت وحساباتها على المنصات الاجتماعية مثل تليغرام ويوتيوب وواتساب وفيسبوك. يعني الحظر أيضاً أنه ممنوع من الآن فصاعداً استخدام شعار واسم المجلة علناً، كما يمنع بيع سلع مثل الأعلام والسترات والأسطوانات.

وتسعى وزارة الداخلية الألمانية إلى تجفيف التدفقات المالية التي تصل إلى الأوساط اليمينية المتطرفة، برعاية الاستخبارات، وبالتعاون مع الشرطة المالية، وذلك للاشتباه أيضاً بغسل الأموال.

واعترفت وزيرة الداخلية أن العمل على محاصرة وحظر مجلة كومباكت "بالتحقيق في روابطها الشخصية والمالية بأقصى اليمين المتطرف" بدأ في فبراير/شباط الماضي.

ولاحظ جهاز الاستخبارات الداخلي في برلين منذ 2021 ارتباط مجلة كومباكت والشركات الإعلامية التابعة لها بالفكر النازي الجديد، حيث قامت سلاسل المتاجر المتخصصة ببيع المجلات والكتب في بعض محطات القطارات بإزالة المجلة من عروضها، ما جعل الحصول على نسختها المطبوعة أمراً صعباً.

وتُتهم المجلة ورئيس تحريرها ببث شعارات معادية لأميركا والغرب، والترويج لنظريات المؤامرة و"تأثيرات الشيطان" في صناعة الموسيقى. إضافة إلى تأييد روسيا بصورة لا لبس فيها. وقال رئيس التحرير مراراً إنّه من "أنصار بوتين"، كما نشر موقع كومباكت، مقابلة حصرية مع المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية على موقع يوتيوب، تضمنت هجوماً عنيفاً على ألمانيا.

وكان العدد الأخير من المجلة في مطلع يوليو/تمّوز الحالي قد أثار جدلاً واسعاً، واعتبرته وسائل إعلام ألمانية بمثابة كتيب لإلغاء حكم القانون الديمقراطي والترويج للاستبداد و"التغيير السياسي الجوهري".

يذكر أن مجلة كومباكت أسّست ما يشبه مجتمعاً داعماً من خلال تواصل فعلي بين مؤيدي طروحاتها المتطرفة. كما أتاحت لمؤيديها الانضمام إلى عضوية "النادي الذهبي" لقاء اشتراك سنوي بمقدار 500 يورو، حيث يتاح للأعضاء حضور المؤتمرات والأحداث التي تقيمها "كومباكت"، التي نظمت أيضاً مهرجانات ومؤتمرات وحفلات للترويج للأفكار اليمينية المتطرفة.

المساهمون