أنصار فصائل عراقية يقتحمون مقر MBC في بغداد: المقاومة ليست إرهاباً

19 أكتوبر 2024
تظاهرة في بغداد ضد العدوان على غزة ولبنان، 11 أكتوبر 2024 (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -

اقتحم المئات من أنصار فصائل عراقية مسلحة، فجر اليوم السبت، مكتب قناة "إم بي سي" (MBC) السعودية في العاصمة بغداد، وحطموا محتوياته، احتجاجاً على عرضها تقريراً وصف قيادات المقاومة الفلسطينية بـ"الإرهابيين". وأظهرت صور متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي اندلاع النيران في واجهة مقر القناة في بغداد، فيما اقتحم العشرات من المتظاهرين أروقته وغرفه، وقاموا بتدمير وتكسير محتوياته، وهم يحملون أعلام الحشد الشعبي والمقاومة العراقية والعلم العراقي ويهتفون بشعارات "لبيك يا نصر الله" و"كلا كلا آل سعود" و"كلا كلا أميركا". ولم تتمكن القوات الأمنية العراقية التي كانت تحيط بمقر القناة من منع المتظاهرين من الوصول إلى مقر المكتب، بعد أن اندفعوا بشكل كثيف، وتسلقوا المبنى، واقتحموا أروقته.

ومنذ فجر اليوم السبت، عززت القوات الأمنية العراقية وجودها في محيط مكتب القناة، لمنع أي محاولة اقتحام جديدة قد يقدم عليها أنصار الفصائل. وما زالت "إم بي سي العراق" تبث برامجها وتعرض مسلسلات عراقية.

وفقاً لتصريح أدلى به مسؤول في وزارة الداخلية العراقية لوكالة فرانس برس، فقد اقتحم بين 400 و500 شخص بُعيد منتصف ليل الجمعة السبت مقرّ شركة تُنتج محتوى لقناة "إم بي سي" السعودية، وأقدموا على "تحطيم الأدوات الحاسبة وحرق قسم من المبنى". وأشار المسؤول نفسه إلى أن فرق الدفاع المدني أخمدت الحريق، فيما فرّقت القوات الأمنية المحتجّين، من دون التحدث عن أي عمليات توقيف على الفور. ولفت مسؤول في الشرطة العراقية إلى أن "المتظاهرين الغاضبين وصلوا إلى المقر قبل التمكن من إرسال تعزيزات من قوات حفظ النظام"، وأكد أن المبنى "احترق وتعرض لعملية تخريب كبيرة".

وعلى منصة تليغرام، نشرت قناة صابرين نيوز المقربة من الفصائل العراقية الموالية لإيران مقاطع فيديو تُظهر متظاهرين يحملون أعلام حزب الله اللبناني والحشد الشعبي، وهو تحالف يضم فصائل عراقية. وقال النائب العراقي مصطفى جبار سند إن الهجوم على مكتب قناة "إم بي سي العراق" في بغداد "لا ينتهي بالتكسير أو الحرق". وأضاف عبر حسابه في منصة إكس: "لا مكان لكم في العراق، وسيتم العمل على إلغاء رخصتكم، واسم العراق لا يتشرف بالعملاء".

وتداول مستخدمون على شبكات التواصل الاجتماعي مقتطفات من التقرير الذي بثّه برنامج "MBC في أسبوع" الذي أعده محمد مشاري، ظهر أمس الجمعة، وعنوانه "ألفية الخلاص من الإرهابيين... الشخصيات التي روعت العالم وسفكت الدماء"، ما أثار غضب بعض المستخدمين في العراق. وعدّد التقرير شخصيات قيادية، بينهم مؤسس القاعدة أسامة بن لادن وغيره من قادة التنظيم. وذكر كذلك رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار الذي قتلته إسرائيل الأسبوع الماضي في قطاع غزة ووصفه بأنه "وجه جديد للإرهاب"، وسلفه إسماعيل هنية الذي اغتالته إسرائيل في العاصمة الإيرانية طهران في 31 يوليو/ تموز الماضي. ورد أيضاً ذكر قائد فيلق القدس قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس اللذان قُتلا بضربة أميركية في العاصمة العراقية في يناير/ كانون الثاني 2020، بالإضافة إلى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الذي اغتيل بغارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 سبتمبر/ أيلول الماضي.

ويبدو أن محمد مشاري، معدّ التقرير، عطل حسابه على منصة إكس، إذ بات يظهر للمستخدمين رسالة مفادها بأن هذا الحساب لم يعد موجوداً. كما حذف برنامج "MBC في أسبوع" التغريدة التي تطرق فيها إلى التقرير المذكور الذي لم يعد متاحاً على أي من حسابات القناة. ولم تصدر MBC أي تصريح أو بيان حول الواقعة. كما لم يصدر أي تعليق عن وزارة الإعلام والاتصالات العراقية.

وكانت حركة حماس قد أصدرت بياناً أمس الجمعة، تعليقاً على تقرير "إم بي سي"، جاء فيه: "في الوقت الذي يتعرض فيه شعبنا الفلسطيني لحرب إبادة وعدوان إرهابي غير مسبوق من قبل الكيان الصهيوني وجيشه الإرهابي منذ أكثر من عام، تطل علينا قناة ناطقة بالعربية تدعى MBC ببثها تقريراً ظلامياً وتحريضياً ضد الحركة وقادتها، ولتصف أعمال المقاومة الفلسطينية ضد المحتل بالإرهاب، وذلك في سقوط مهني وإعلامي وأخلاقي يتساوق مع الدعاية والرواية الصهيونية التي تسعى لشيطنة المقاومة ورموزها". وأضافت: "نستهجن بشدة هذا التقرير الذي لا يخرج إلا عن صحافةٍ صفراء وطابورٍ خامس، ونطالب إدارة القناة بالتراجع الفوري عن هذا السقوط والانحدار المهني وحذف التقرير من منصاتها، وتقديم الاعتذار عن هذا التقرير الذي يسيء لأصحاب القناة والقائمين على إدارتها، لا المقاومة وقادتها الذين جادوا بدمائهم على طريق تحرير فلسطين والأقصى، وكذلك نطالب بتعديل هذا النهج التحريري الخبيث الذي يتساوق مع أجندة الاحتلال، والالتفات إلى ما يتعرض له شعبنا من جرائم وفظائع على يد الكيان الصهيوني المجرم".

ووسط تصعيد إقليمي يتفاقم مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وامتداده إلى لبنان، تسعى حكومة بغداد لتجنيب العراق الصراع، في حين تدعو فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران إلى الاستعداد لتوسع الحرب. وأعلنت فصائل التشكيل المعروف باسم "المقاومة الإسلامية في العراق" مراراً في الأشهر الأخيرة شنّ هجمات بطائرات مسيّرة على أهداف إسرائيلية تضامناً مع قطاع غزة. ودعت أخيراً إلى تكثيف هذه الهجمات.

في سبتمبر/ أيلول 2023، كانت المملكة العربية السعودية وإسرائيل على عتبة تطبيع علاقتهما برعاية أميركية. لكن اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة دفع السعودية إلى تعليق المفاوضات. وانتقدت الرياض إسرائيل مراراً، وطالبت بوقف الحرب. في مارس/آذار 2023 استأنفت السعودية وإيران علاقاتهما الدبلوماسية بموجب اتفاق مفاجئ رعته الصين، بعد قطيعة دامت سبع سنوات إثر مهاجمة البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران على خلفية إعدام رجل الدين السعودي نمر النمر في 2016.

إلى ذلك، أفادت السلطات الصحية في غزة، اليوم السبت، بأن الجيش الإسرائيلي يحاصر المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا شمال القطاع ويقصفه، ما أدى إلى إصابة أكثر من 40 شخصاً. وقال مدير المستشفى مروان سلطان إنّ "الدبابات الإسرائيلية تقصف المستشفى، وتحاصر المبنى بالكامل، وقطعت التيار الكهربائي عنه، واستهدفت الطابقين الثاني والثالث من المستشفى بقذائف مدفعية". وأضاف أنّ "هناك مخاطر شديدة تحيط بالطواقم الطبية والمرضى".

وبعد مرور أكثر من عام على بدء حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، يشنّ الجيش الإسرائيلي منذ السادس من الشهر الحالي هجوماً في شمال القطاع، لا سيما في منطقة جباليا. وأعلن الدفاع المدني في غزة، ليل الجمعة السبت، استشهاد 33 شخصاً بضربة إسرائيلية على مخيم جباليا للاجئين.

كما أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية "بالتل"، اليوم السبت، انقطاع الإنترنت بشكل كامل عن محافظة شمال غزة. وأضافت "بالتل"، وهي المزوّد الوحيد لخدمة الإنترنت في القطاع، في بيان: "نظراً لاستمرار العدوان الإسرائيلي على مناطق شمال غزة، نأسف للإعلان عن انقطاع كامل خدمات الإنترنت في المنطقة".

منذ بداية العدوان على غزة، قطعت قوات الاحتلال خدمات الاتصالات والإنترنت عدة مرات عن القطاع، أو مناطق واسعة منه، جراء القصف المكثف الذي طاول البنية التحتية لشبكة الاتصالات، أو نتيجة نفاد الوقود. وسبق أن أعلنت شركة "بالتل" عن استشهاد عدد من موظفيها أثناء عملهم على إعادة الاتصالات للمواطنين في القطاع.

المساهمون