بعدما كان الموسم الأول من أنمي To Your Eternity القطعة الذهبية لموسم ربيع 2021، ها هو يعود بموسم ثانٍ مخيب للآمال، إذ خذل معجبيه الذين وجدوا فيه نوعاً مختلفاً وجديداً من الأنمي، ليخالف الموسم الثاني هذه النظرة، ويحاول التشبه بأعمال الشونين المنتشرة الأخرى بشكل مقحم.
في نهاية الموسم الأول، يعتزل الكائن الخالد فوشي في جزيرة لأربعين سنة، وذلك ليتجنب لقاء أناس جدد يشاهدهم يموتون أثناء خلوده، ولكي يبعد القارعين - وهي مخلوقات تهاجم وجود فوشي والأشكال التي يتحول إليها - عن البشر. ثم يبدأ القارعون بمهاجمة البشر ويخرجون فوشي من عزلته رغماً عنه.
كانت عبادة فوشي قد بدأت منذ زمن طويل بالفعل، لتستغل اسمه بعض الجهات، مثل جيش الحماة الذي يبشر باسم فوشي الكائن الخالد المقدس. في الوقت نفسه، تعتبر الكنيسة فوشي كائناً شيطانياً يجب التخلص منه، وهناك أيضاً أشخاص يريدون استغلال قوته لسلطتهم، مثل شخصية الأمير بون التي ستكون محورية في هذا الموسم.
يدور الصراع بين هذه الجهات الثلاث وسط أجواء من المعجزات، مثل إحياء الموتى، التي تجعل البشر يؤمنون بفوشي الذي لا يتجاوز وعيه وعي شاب مراهق صغير كإله، أو كشيطان مخيف. فوشي الذي تشكل وعيه عبر لقائه بأشخاص بسطاء غالبا، يتعرض للاستغلال، من دون أن يعي ذلك من الحماة وقادتهم المهووسين به، والأمير بون الذي يحبه بطريقته، ولكنه يستغله أيضاً.
يحاول العمل إقحام كل الأفكار عن تاريخ الأديان، وصراع السلطة مع الدين، وعلاقات الحب البشرية المختلفة، والصداقة والاستغلال والجندر، في عدة حلقات يكون فيها البطل سلبياً، لكنه يتغلب على الصعاب، لا لشيء إلا لكونه كائناً خالداً يمكن لأي معرفة جديدة أن تجعل منه كائناً أقوى. حاول العمل بالفعل الإضاءة على جوانب كثيرة، مثل نار الجحيم التي تحرق كائناً لا يموت، حيث وضعت الكنيسة فوشي الذي يعجز عن التجدد حتى تلتهمه النيران مجدداً، إلا أن هذه الإضاءات الدينية لم تكن تفضي إلى معنىً ما وكأنّ الكاتبة مجبرة على تغطيتها لإكمال قصة بطل بقدرات إلهية.
الجزء الأسوأ في الموسم الثاني من الأنمي، كان معركة رينزيل التي استمرت عدّة حلقات، لتكون المعركة النهائية بين فوشي والقارعين. القارعون يريدون إنهاء القيد البشري (اللحم)، بينما يريد فوشي حمايته، هي معركة إيمان بشكلٍ ما. ليستطيع فوشي القتال ضد كل القارعين في العالم، كان عليه أن يسير على درب أي بطل شونين آخر: التدريب في العزلة، ثم التطور أثناء المعركة. هذه المرة لم تكن كليشيه بطل الشونين ممتعة كعادتها، فتدريبات فوشي مختلفة، كان عليه أن يمد وجوده ليشمل الأشياء، ليصير إلهاً ما ويأخذ عدّة أيام في ذلك. المعركة نفسها لم تكن ممتعة، فالحل موجود، إحياء الموتى والقتال مجدداً حتى النهاية. ومع هذا التكرار، كانت حلقات المعركة مملة، في الوقت ذاته تسبب ضيقاً نفسياً لكثرة المشاعر الحادة المترتبة على عودة بعض الشخصيات إلى الحياة في مشاهد مؤلمة، من دون أن يفضي هذا إلى شيء في القصة سوى تطور فوشي الذي حدث ليبتعد عن بشريته في جميع الأحوال، من دون الحاجة إلى هذه القسوة.
لم يكن الموسم الأول سعيداً أيضاً، لكن القصة في الموسم الأول كانت منطقية وكل نهاية لشخصية تعني الخلود في الذكرى وليس الخلود بحرفيته، الذي يجعل من الأمور إما سعيدة من دون داعٍ، أو حزينة من دون داعٍ أيضاً. في النهاية بعد المعركة ينتهي وجود فوشي البشري، لينقل وعيه إلى جميع الأشياء ليستطيع حمايتها. النهاية فقط كانت منطقية وجيدة، لكن كان يمكن الوصول إليها في 12 حلقة، من دون إطالة بعشرين حلقة.
واحدة من أكبر ميزات الموسم الأول، كانت الجانب الفني، ففي كلّ مرحلة من حياة فوشي ننتقل إلى عالم جديد من الألوان والأصوات، إذ تختلف كل مدينة عن الأخرى وكلّ زمن عن الآخر، وتتسق شخصيات كل زمان ومكان مع عالمها، خصوصاً في الحلقتين الأولى والثانية التي بدت كأفلام أنمي سينمائية أكثر من كونها حلقات مسلسل.
في الموسم الثاني، يسقط هذا كله ليكون العالم متشابهاً وعشوائياً مع ألوان باهتة وشخصيات تبدو عشوائية وغير منطقية، مثل شخصية الأمير بون الفوضوية والصارخة التي لا تتناسب مع الأجواء الهادئة للعمل. تتطور هذه الشخصيات بشكل غير منطقي ومفاجئ، مثل شخصية المرأة المتنكرة كفارس سمين، لتعود بعدها امرأة خجولة جميلة ونمطية، وكأنها لم تعش تلك التجربة إطلاقاً.
الأمير بون نفسه بعد تزييف موته، تتغير هيئته الخارجية بما فيها ضجيجه من دون أن يبدو عليها الزيف، أو حتى على شخصيته السابقة. أما قائد الحماة الأخير، الذي يصاب بهوس مرضي بفوشي، كان أكثر الشخصيات ابتذالاً بنمطية الشخص المهووس المكررة كثيراً في الأنمي، نهايته فقط كانت مناسبة وإن كانت متعارضة مع إمكانية فرضه لإرادته على القارع الذي يسكنه.