تجسدت آمال وآلام الأشخاص ذوي الإعاقة على خشبة مسرح "مركز رشاد الشوا الثقافي"، غربيّ مدينة غزة، عبر الأوبريت الفني "أنا عندي حلم" الذي يعكس واقع هذه الشريحة، فيما يحاول إيصال رسالتها إلى المجتمع والعالم الخارجي.
وحضر عرض الأوبريت الفني الأول من نوعه في فلسطين، المنظم من قبل "جمعية التأهيل والتدريب الاجتماعي" في النصيرات، اليوم الأربعاء، عدد من ذوي الإعاقات المُختلفة، ولفيف من ممثلي المؤسسات المحلية، وناشطون حقوقيون.
وحاول عدد من الأشخاص ذوي الإعاقة التعبير عن أنفسهم هذه المرة باستخدام الفن بمختلف أشكاله، إذ غنوا وأدوا الأدوار التمثيلية والتعبيرية التي تعكس بمجملها رغبتهم في واقع أفضل، يُمكّنهم من الانخراط في المجتمع، وإزالة أي عقبات قد تواجههم، إلى جانب تكثيف حملات الضغط والمُناصرة والتحشيد.
وتقول يُسر أبو عريبان التي تُعاني من إعاقة حركية، لـ"العربي الجديد"، إنها شاركت في العرض لتأكيد دورها ومكانتها في المجتمع، وإنها قادرة على التعبير مثل غيرها من الاشخاص من غير ذوي الإعاقة، فيما تحلُم بالسفر للعلاج وإجراء عملية جراحية، وتضيف: "شاركت لإثبات نفسي وللتعبير عن ذاتي".
ويتطلع المُشارِكون في الأوبريت والفقرات الغنائية والفنية المتنوعة التي نالت إعجاب الجمهور، الذي واصل التصفيق خلال فقرات ومراحل العرض، إلى كسر الصورة النمطية الخاطئة لدى المُجتمع عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإثبات أن بمقدورهم التغلب على مختلف العقبات، وتحويلها إلى نجاحات على أرض الواقع.
ويُحاكي الأوبريت الفني قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية والسمعية والحركية، من خلال العرض الغنائي، ووصلات التراث الشعبي الفلسطيني (الدبكة الشعبية) والعرض المسرحي. وحمل في مضمونه العديد من الرسائل للمسؤولين وصُناع القرار، بضرورة تحسين واقع الأشخاص ذوي الإعاقة، وتخفيف المعاناة اليومية، والمُضايقات التي يتعرضون لها.
ويرى القائمون على الأوبريت أنه الوسيلة الأكثر بلاغة وتأثيراً في إيصال الرسائل من الكلام العادي والمُباشر، إذ يقول مُخرج الأوبريت الفلسطيني زهير البلبيسي إن الفن من أبرز الوسائِل الراقية في التعبير عن القضية، بهدف إيصال الأفكار والرسائل التي تُساهم في التغيير الحقيقي على أرض الواقع.
ويُعتبر الأوبريت الفني وسيلة للتنبيه بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك عبر الأغاني الشعبية والتراثية، ويُنبِّه إلى أهمية الفن في التأثير، وكشف مختلف التحديات التي تُعاني منها هذه الشريحة، عبر أشكال فنية عديدة، بهدف معالجتها والتغلب عليه، وفقاً للبلبيسي.
وتُظهِر الفقرات الفنية التي جاءت ضمن أوبريت "أنا عندي حلم" قدرة الأشخاص العالية على الاندماج، وإثبات أنهم ليسوا أقل كفاءة من غيرهم، وأنهم يمتلكون قِصَص النجاح والحماسة والدافعية، التي تُمكِّنهم من إيجاد مساحة لهم ضمن أفراد المجتمع، في حال تحقُق مبدأ العدالة الاجتماعية.
من جهته، يوضح رئيس مجلس إدارة جمعية التأهيل والتدريب الاجتماعي، كمال أبو شاويش، أن العرض جاء تتويجاً لمشروع مجتمع شامل ومُتاح للجميع الذي نفذته الجمعية، ويُركز على قضيتين أساسيتين، تتمثل الأولى بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل، وفق ما كفله القانون الفلسطيني عام 1999، المتمثل بضرورة توظيف القائمين على العمل بما نسبته 5% من نسبة الموظفين في المؤسسة، فيما تتلخص القضية الثانية بأهمية المساواة وعدم التفرقة وعدم التنمر وعدم التمييز بحق الأشخاص ذوي الإعاقة.
ويشير أبو شاويش في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن الأشخاص أصحاب الإعاقات يملكون الإمكانات والمواهب الكافية لتمكينهم من القيام بمختلف الأدوار، ويشدد على أهمية دمجهم في مختلف الأنشطة والفعاليات المجتمعية، بغرض تشجيع أصحاب القرار على تنفيذ حق المواءمة ومختلف الإجراءات التي من شأنها إذابة الفوارق بينهم وبين الأشخاص الذين لا يعانون من إعاقات.