تروي السلسلة الوثائقية Wild Wild Country، بحلقاتها الست المعروضة على شبكة "نتفليكس" (إنتاج 2018)، جانباً من قصة أستاذ الفلسفة الهندي تشاندرا موهان، المعروف بـ أوشو أو الباغوان (1931 - 1990) الذي استطاع تأسيس طائفة دينية جديدة تُدعى "السيناسيية"، لها ملايين الأتباع المنتشرين في أنحاء العالم.
تركز السلسلة على النزاعات القضائية التي حصلت بعد استيلاء أتباعه، عام 1981، على بلدة أميركية نائية (أنتيلوب)، كان يبلغ عدد سكانها آنذاك 50 شخصاً. خطّط أتباع الرجل لبناء مدينة كبيرة في ولاية أوريغون، لتكون مركزا لهم، ما تسبب في أول هجوم بيولوجي وأكبر حادثة تنصت على الهواتف، وقتها، في تاريخ الولايات المتحدة.
اشترت ما أناند شيلا، مساعدة أوشو، مزرعة في البلدة الصغيرة، وبدأ أتباع الديانة السيناسيية بالتوافد إليها والتخطيط لبناء مدينة كبيرة تتسع لـ 200 ألف نسمة، ما أدخلهم في صراع مع المجتمع المحلي، ولاحقاً مع الحكومة الأميركية، ولا سيما بعد أن غيروا اسم البلدة إلى "راجنيشبورام" (Rajneeshpuram)، وحاولوا السيطرة على الولاية كلها.
وكان أكثر ما انتُقد بسببه الباغوان موقفه المؤيد للحرية الجنسية بكل أشكالها، ودعوته إلى نبذ الزواج. كان يبرر ذلك بأن دعوته تعتمد المزج بين بعض التعاليم الهندوسية وأخرى من البوذية، وتجمع بين إنكار الذات والتمتع بالملذات، وتدمج بين التأمل والرقص وإطلاق الانفعالات، لدرجة وصفها بـ "بلاي بوي روحي".
كما انتقد أوشو (تعني الحكيم باليابانية) الأديان الكبيرة، وكذلك كان له موقف رافض للاشتراكية ولتعاليم غاندي السلمية. وأسس عام 1974 صومعة في مدينة بونة الهندية، ولكن صراعه مع حكومة أنديرا غاندي اضطره إلى الهجرة إلى الولايات المتحدة عام 1981، وانتهى به المطاف مطروداً منها، وعائداً إلى بونة حيث مات تاركاً مئات الكتب والمحاضرات والآلاف من المريدين بلباسهم الأحمر والبرتقالي، ينشرون دعوته ويقيمون مراكز تأمل في معظم أنحاء العالم.
لم يعش الباغوان (تعني الرب) حياة تقشف وزهد، بل كان يتحرك كملك، بعشرات سيارات "رولز رويس" والطائرات التي يملكها، ويرتدي ساعات معصم ثمينة جداً.
من سوء حظ أوشو ومساعدته شيلا أن الأرض المجاورة لمزرعته، كانت لضابط متقاعد، يُدعى بيل باور. كان الأخير بطلاً ومدرباً أولمبياً، واخترع أحذية "نايكي"، بوضع المطاط المكرّر في آلة صنع الوافل. وحتى اليوم، تتخذ الشركة التي تبلغ إيراداتها قرابة 30 مليار دولار سنوياً من هذه الولاية مقرّاً لها.
أسس باور جمعية "ألف صديق لأوريغون" التي شكلت نواة مناهضي الباغوان وأتباع ديانته الجديدة، واستطاعوا في النهاية تأليب المجتمع والحكومة عليه، ولا سيما بعد ارتكاب جماعته جرائم، مثل محاولة تسميم سكان المدينة بالسالمونيلا، وأيضاَ محاولة اغتيال بعض الشخصيات، كمدعي عام الولاية.
فيلم وثائقي آخر يحمل عنوان "البحث عن شيلا" (إنتاج 2021)، يكمل جانباً من قصة العلاقة المعقدة بين شيلا والباغوان؛ إذ تدرجت من سكرتيرته والناطقة الحصرية باسمه، حين التزم الصمت لمدة ثلاث سنوات ونصف، وكانت الشخص الوحيد الذي يصل إليه، فضلاً عن أنها كانت مديرة مؤسسة "راجنيش"، والمتحكمة بمدينته. لاحقاً، أصبحت شخصاً خائناً ومنبوذاً وقاتلاً، إذ وصفها أوشو بقوله: "حاولت خلق دين، وأصبحت الكاهنة العليا. كانت تقول إنها حبيبتي. أنا لا أحب العاهرات".
حكم على شيلا بالسجن لمدة عشرين عاماً، بتهم الاحتيال على قوانين الهجرة ومحاولات القتل والتسميم والتنصت، إلا أنه أطلق سراحها بعد قضاء 39 شهراً في السجن، وغادرت الولايات المتحدة إلى سويسرا عام 1990، لتؤسس جمعية خيرية، وسجلت تجربتها مع أوشو في كتاب يحمل عنوان "لا تقتله".
أعلن أوشو قبل رحيله موت ديانته، مشيراً إلى أن الإنسان هو إله نفسه. وتنبأ بطوفان كطوفان نوح وبقرب فناء الإنسانية.