أدانت محكمة جزائرية، اليوم الخميس، الباحث في علم التصوف المثير للجدل، سعيد جاب الخير، في قضية "الاستهزاء بالدين"، التي رفعها ضده عدد من الأساتذة والمحامين. وأقرت عقوبة سجن في حقه من دون إيداع.
وأصدرت محكمة سيدي أمحمد وسط العاصمة الجزائرية حكماً بالسجن ثلاث سنوات في حق جاب الخير، بعدما وجهت إليه تهم "الاستهزاء بالمعلوم من الدين" و"الاستهزاء بأحاديث صحيحة من السنة النبوية الشريفة"، بالإضافة إلى "الاستهزاء بركن الحج وشعيرة الأضحية"، على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي.
ورفع القضية ضد جاب الخير، أستاذ جامعي آخر يدعى بشير بويجرة، وعدد من المحامين، وزعم بويجرة أنّ جاب الخير سبّب له أذية نفسية بمساسه بقيم الدين وشعائره.
وعلى الرغم من هذا الحكم، فقد قرّرت المحكمة عدم إيداع جاب الخير السجن وإبقاءه في حالة سراح، ولا سيما بعدما قرّر محاموه الطعن في هذا الحكم الابتدائي، الذي يثير منذ صدوره صباح اليوم جدلاً متصاعداً على مواقع التواصل الاجتماعي.
وحوكم جاب الخير بسبب سلسلة منشورات قصيرة على "فيسبوك" حول الدين والمقدس الديني لدى الجزائريين، كان أبرزها دعوته إلى تنظيم لقاءات موسيقية من المساجد، واعتبار الحج وذبح الأضحية طقساً من طقوس الوثنية الدينية.
وصدر الحكم بعد جلسة محاكمة مشحونة كانت قد جرت في الأول إبريل/ نيسان الحالي؛ بسبب مرافعات متوترة بين هيئة المحامين من الطرفين واستخدام بعض التوصيفات التي رفضتها هيئة المحكمة.
وقال جاب الخير، خلال استجوابه في تلك الجلسة، إنّ الهدف من منشوراته التي اعتُمِد عليها لملاحقته قضائياً، هو "الاجتهاد"، مشيراً إلى أنه باحث وأكاديمي متخصص في القضايا الدينية، ويبحث ويكتب في مجال تخصصه الذي يكفله له البحث العلمي.
من ناحيته، قال صاحب الدعوى، بشير بويجرة، تعليقاً على الحكم: "كنّا نتطلع إلى ما هو أشدّ وأقسى، لكن الحمد لله على توفيقه لهذا الحكم الرادع والكابح له ولغيره، والشكر لكل من ساهم ودعم".
وتنص المادة الـ 144 من قانون العقوبات في الجزائر على أنه "يعاقب بالسجن لمدة من ثلاث إلى خمس سنوات وبغرامة مالية،كل من أساء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أو بقية الأنبياء أو استهزأ بمعلوم من الدين بالضرورة أو بأية شعيرة من شعائر الإسلام، سواء من طريق الكتابة أو الرسم أو التصريح أو أية وسيلة أخرى".
وأثار الحكم الصادر ضد جاب الخير جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، بين رافض للحكم ومؤيد له.
واعتبر الصحافي محمد سيدمو، أنّ "الحكم سيجعل من جاب الخير فرج فودة، ما يعني استفادته دعائياً من الحكم الصادر ضده".
وكتب الأستاذ الجامعي، نوري إدريس، على "فيسبوك": "تعتقد السلطة أنها ستكسب شيئاً من الشعبية والتعاطف عند الجزائريين بالحكم ثلاث سنوات على جاب الخير، و الظهور بمظهر حامي الدين. القضاء هنا يتحول إلى مجرد وسيلة يتم تسخيرها وتكييفها حسب الظروف والمصالح".
وأضاف أن هذا "الحكم أيضاً هو رسالة لجميع المثقفين، لا يمكن فصل النضال الفكري الثقافي عن النضال السياسي، والنضال من أجل الحريات ودولة القانون".