إدمان الأطفال لألعاب الفيديو: كيف يتعاملون معه في الصين واليابان وكوريا الجنوبية؟
من "سوبر ماريو" إلى "فاينل فانتازي"، ارتبط اسم اليابان بألعاب الفيديو، لكن بعض الخبراء والآباء يخشون أن مشكلة الإدمان المتزايدة لن تتم معالجتها، بحسب وكالة فرانس برس.
وبينما فرضت دول مجاورة مثل الصين وكوريا الجنوبية قيوداً صارمة على ألعاب الشباب في السنوات الأخيرة، تشعر بعض العائلات اليابانية أنّها تركت للتعامل مع المشكلة بمفردها.
كلّ شهر، تلتقي مجموعة في طوكيو لتبادل القصص والاستراتيجيات للتعامل مع عادات لعب أولادهم. يقول أحد الآباء: "تكمن راحتي الوحيدة في أنّه حافظ على وعده بعدم الاتصال بالإنترنت طوال الليل"، بينما يقر آخر fأنّ طفله كان يحضر معسكراً نهارياً لإعادة تأهيله.
يقول مؤسس المجموعة ساكيكو كورودا إنّ الأطفال في اليابان يبدأون بلعب ألعاب الفيديو في وقت مبكر من المدرسة الابتدائية، لافتاً إلى أنّ القيود المرافقة لجائحة كورونا أسهمت في جعل الكثيرين منهم يلعبون لفترات طويلة.
قال كورودا، الذي بدأ المجموعة في عام 2019 باجتماع غير رسمي، إنّ العديد من الآباء لا يعرفون كيفية التعامل مع هذه المشكلة، وهناك "نقص في الإجراءات من قبل الحكومة وشركات صناعة الألعاب".
وتابع: "يأتي الناس من جميع أنحاء البلاد للمشاركة، لأنّ هذا النوع من تجمعات المساعدة الذاتية نادر في اليابان".
وبحسب "فرانس برس"، تصف منظمة الصحة العالمية "اضطراب الألعاب" بأنّه سلوك يؤدي إلى "ضعف كبير" في مجالات مثل العلاقات أو التعليم أو العمل، ويستمر لمدّة عامٍ على الأقل.
نظرًا لأن الألعاب يمكن أن تتداخل مع الأنشطة الأخرى عبر الإنترنت مثل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، يصير من الصعب تحديد المشكلة، وذلك على الرغم من أن الأدلة القصصية من الأطباء تشير إلى قلق المزيد من العائلات في اليابان، خاصةً منذ اندلاع جائحة كوفيد-19.
"اللعب طوال الليل"
أظهر استطلاع أجرته وزارة التعليم في أبريل/ نيسان الماضي أنّ 17% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و12 سنة يقضون أكثر من أربع ساعات في اليوم في اللعب، فيما لم تكن تتجاوز النسبة 9% في عام 2017، مع قفزة مماثلة بين أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عاماً.
وقالت ميا إيتوشيرو، التي تعمل مع مجموعة تقدم ندوات حول مكافحة إدمان الألعاب: "تتمتع الألعاب بأنظمة ذكية لجذب الناس إلى مواصلة اللعب، بما في ذلك التطبيقات التي يتمّ تحديثها باستمرار والأموال الافتراضية".
تضيف: "يتشاور أولياء الأمور معنا بشكل متزايد قائلين إنّ أطفالهم لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة لأنهم متعبون من اللعب طوال الليل".
وكانت الصين قد أعلنت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أنّها "حلت" إدمان ألعاب الشباب عن طريق الحدّ من الوقت الذي يمكن للأطفال فيه اللعب عبر الإنترنت إلى ثلاث ساعات فقط يتمّ تحديدها أسبوعياً، وذلك من خلال برامج التعرف على الوجه وتسجيل الهوية.
وفي الوقت نفسه، ألغت كوريا الجنوبية العام الماضي حظراً دام عقداً من الزمن على الألعاب عبر الإنترنت على أجهزة الكمبيوتر للأطفال دون سن 16 عاماً بين منتصف الليل والساعة السادسة صباحاً، والتي وصفتها وسائل الإعلام المحلية بأنّها قديمة وغير فعالة.
لم يكن لدى اليابان قواعد مماثلة، وحتّى القانون المحلي لعام 2020 الذي نوقش كثيراً، والذي يحظر اللعب لأكثر من ساعة خلال أيام الأسبوع لمن هم دون سن 18 عاماً، لم يتم وضع آليه لإنفاذه.
يقول الآباء والخبراء إنّ الألعاب يمكن أن تؤدّي إلى سلوك هوسي عند الأطفال بسبب مشكلات أخرى، بما في ذلك الإجهاد المرتبط بكوفيد-19 والتنمر.
وقالت والدة فتاة تبلغ من العمر 13 عاماً لوكالة فرانس برس إنّ ألعاب الفيديو صارت "شريان حياة" لابنتها عندما كانت تكافح في المدرسة. ولفتت إلى أنّها عندما كانت تحاول منعها من اللعب، ردّت ابنتها التي كانت تبلغ 10 أعوام: "إذا حرمتني من هذا، فأنا أريد أن أموت".
وأشارت الأمّ إلى أنّها "صدمت لسماع ابنتها تقول ذلك".
وسيلة للنجاة؟
انغمس تاكاهيسا ماسودا (46 عاماً) في اللعب عندما كان طالباً في المدرسة الإعدادية يتعرض للتنمر، ويعتقد الرجل الذي يشتغل كعامل إجتماعي أنّ آلية الهروب هذه أنقذت حياته.
وقال ماسودا لـ"فرانس برس": "كنت قد فكرت في قتل نفسي، لكنّني أردت إنهاء دراغون كويست".
وبحلول الوقت الذي أنهى فيه اللعبة، بات يشعر بالقوة الكافية لمواجهة المتنمرين، والتزم بدراسته، وفي النهاية حقّق هدفه في العمل في صناعة الألعاب.
لذلك، بينما يميل الآباء غالباً إلى حظر الألعاب أو إزالة الأجهزة، فإنّ الطبيب ومدير مركز كوريهاما للطب والإدمان، سوسومو هيغوتشي، يقدم بدلاً من ذلك المشورة للأطفال لمعالجة المشاكل الأساسية.
كذلك، توفّر عيادته أيضاً أنشطة غير متصلة بالإنترنت من الفن والطهي إلى الرياضة، وتهدف إلى جعل المرضى منفتحين على الهوايات والمواقف الاجتماعية الأخرى.
يرى هيغوتشي أنّ هناك مسؤولية على الحكومة وشركات الألعاب لمنع المزيد من الأطفال من الوقوع في الإدمان.
قال: "يجب مناقشة اللعب عبر الإنترنت وأدوات التحكم به بشكل متوازن، لكن في الوقت الحالي تبدو إجراءات كبح الجوانب السلبية ضعيفة أمام أساليب الترويج للألعاب".