يتعامى الإعلام، ووزارة السياحة والثقافة التركية أحياناً، عن مدينة إزمير ووزنها السياحي والجغرافي. فالأضواء المسلطة على إسطنبول وأنطاليا وولايات البحر الأسود أبعدت "لؤلؤة إيجة" عن التداول، حتى أنصفها قبل أيام زهاء 1700 سائح أوروبي، جاؤوا إلى إزمير تحديداً على متن سفينة سياحية هائلة، رفعت علم إيطاليا، في حين أن ركابها من معظم دول القارة العجوز.
أحست الولاية بشيء من النشوة واسترداد الحقوق، فبدأت تقول ما لديها وما فيها، بإشارة إلى أن حديقة الحياة الطبيعية في إزمير فقط تستقطب سنوياً من السياح أكثر ما تجتذبه ولايات تركية أخرى طيلة الموسم السياحي. فحتى اليوم، أي نصف عام 2022، زار الحديقة نصف مليون سائح، ليروا أكبر تجمع للحيوانات البرية في تركيا، على مساحة 425 ألف متر مربع، وهي تحتوي على أكثر من 3500 حيوان بري من 130 نوعاً. ويترك القائمون على الحديقة حرية الحركة للسياح، كإطعام الحيوانات والبحث بأصولها وسلالاتها وأمكنة استقدامها.
يرى مدير شركة ياشام المتخصصة بالترويج السياحي، محمود هوسين أوغلو، أن إزمير "يصلها حقها"، ويزداد الطلب عليها أوروبياً وعربياً، إذ إن طبيعتها الساحرة وخصوصية سكانها المنفتحين تزيد إقبال فئات محددة، حتى من شرق آسيا وأفريقيا. ولكن ربما ما يقال عن عبور طالبي الهجرة غير الشرعية من إزمير إلى اليونان عبر بحر إيجة أثر قليلاً على الولاية، وزاد من الرقابة التركية لمنع تسلل المهاجرين. ويلفت هوسين أوغلو إلى أنه في إزمير "يكتمل المشهد ومتطلبات السائح"، ففيها البحر والشطآن الرائعة، وفيها الأنهار والغابات، إضافة لمعالم أثرية وأوابد ممتدة لآلاف السنين.
ويتحدث عن خصوصية الطعام الإزميري لـ"العربي الجديد" قائلاً: "بالنسبة للحوم التي تشتهر بها تركيا، وخاصة الكفتة، توجد كفتة إزميرية خاصة بالولاية، وحينما تحضّرها الولايات الأخرى تسمى إزميرية، إضافة إلى لحم الخروف الذي يطبخ بآنية نحاسية حصراً مشهورة عالمياً، إلى جانب فطيرة لحم الخروف الإزميرية".
ولولاية إزمير التركية، بحسب الشهادات وخبراء السياحة، سحرٌ خاص، سواء بشواطئها على بحر إيجة، أو آثارها التاريخية والدينية، أو بأسواقها المتميزة. إلا أن المتعة التي تقدمها الولاية تتفرد بها عن كثير من والولايات التركية، ففيها يعيش السائح بجو معتدل جذاب، كما كان يحلم قبل الزيارة، ويشارك في الأنشطة الشاطئية التي لا تقتصر على السباحة وركوب القوارب والغوص، بل يمكن التزلج على المياه في إزمير.
ولا تقل المعالم والأماكن الأثرية في إزمير عن غيرها من الولايات التي تسرق صدارة الجذب في تركيا. ففي إزمير معلم "أسانسير إزمير" النادر في ساحة كاراتاس. وهذا المصعد الذي شيد عام 1907 بهدف مساعدة سكان المناطق الجبلية والتلال العالية ليصلوا إلى مساكنهم بسهولة وسرعة، وكان يتم تحريكه رغم ضخامته باستخدام المياه قبل أن تدخل إليه خدمة التحريك الكهربائي، ويستفاد منه في زيادة زوار المعالم السياحية الموجودة على التلال. كما يعتبر برج الساعة في ساحة كوناك الذي بنيَ عام 1901، بارتفاع 25 متراً، وثبتت عليه ساعة أثرية مهداة من الإمبراطور وليم الثاني، إمبراطور ألمانيا وقتذاك، بمناسبة احتفالية مرور 25 عاماً على وصول السلطان عبد الحميد الثاني للحكم في الدولة العثمانية، من معالم إزمير الموازية لساحة تقسيم في إسطنبول، لجهة جذب السياح والتقاط الصور والاستمتاع بوسائل الترفيه المحيطة.
ولا تفتقر الولاية للمعالم والأوابد الأثرية والتاريخية، ففيها مدينة أفسس التي أسسها الإغريق القدماء في القرن 10 قبل الميلاد عند نهر كيستر، ولا تزال بقاياها حاضرة، إضافة للمدينة القديمة هناك كنيسة القديس يوحنا ومكتبة سيلسس ومعبد أرطاميس وبيت العذراء. ولعل بقية أسرار التاريخ ترويها قلعة كاديفيكالي أو القلعة المخملية، نسبة إلى اسم التل الذي بنيت عليه على خليج إزمير. وتتربع القلعة التي بناها الرومان خلال القرن الرابع قبل الميلاد بين مجموعة قلاعٍ وحصونٍ شيدوها للدفاع ضد أي هجوم خارجي، وتوجد في القلعة نقوش تعود لعهد الإسكندر الأكبر والنفق المقدس.