استمع إلى الملخص
- رالف س. معتوق ومازن سعد الدين يقدمان تجربة مسرحية غنية بالعواطف والموسيقى، مستخدمين الحوار والأداء القوي لنقل الجمهور إلى عالم الأمراض النفسية وتحدياتها.
- العرض يتناول قصص شخصية مؤثرة، منها فقدان الأحبة والنضال من أجل الحب والبحث عن الأمان، معبرًا عن الأمل واليأس في رحلة البحث عن الذات والتغلب على الصعاب.
يصوّر ملصق الإعلان عن مسرحية "إلى حدا ما" شبابيك مظلمة، عدا ثلاث منها أُضيئت لتنقل يوميات ثلاثة نزلاء في مصح نفسي، يروون تفاصيل عن حياتهم، ومتى وكيف وصلوا إلى هذا المكان.
تحفل بيروت هذه الفترة بعدد كبير من الأعمال المسرحية. وتحولت حسابات بعض الممثلين المسرحيين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى بطاقات دعوة لحضور هذه الأعمال. هكذا، نجد أنفسنا أمام عروض فيها من الحكايات التي لا يمكن أن تنفصل عن يوميات وواقع لبنان في زمن الحرب وما بعد الحرب.
على مسرح Beryte التابع لجامعة القديس يوسف في قلب بيروت، يخرج الكاتب والممثل رالف س. معتوق بحكاية أخرى، ويحملنا إلى عالم الأمراض النفسية في 60 دقيقة، بمعاونة المخرج مازن سعد الدين الذي يقرّب الصور الحيّة أمام الحاضرين، فنرى الجنازة تجوب بين الناس، ويحمل معتوق حقيبته إلى المشاهدين في الصفوف الأمامية جاعلاً الحضور شركاء "إلى حدا ما".
لا يهمل مازن سعد الدين توظيف المغنية ميرا مرسل والعازفة فكتوريا مرقص (تشيلو) في مشهدية خلفية للثنائي، تخفف من جدية الحوار. يروي العرض المسرحي حكاية ثلاثة نزلاء عاشوا أياماً عصيبة أوصلتهم إلى هذا السجن، كانوا عقلاء "إلى حدا ما"، لكن مشاكل البلاد قلبت حياتهم رأساً على عقب، وجعلتهم أسرى في أيدي الأطباء.
رسالة موجهة يجدها نزيل المصح، أليكس، تتحول إلى حوارية بين معتوق والممثلة سولانج تراك. يحل الممثل عمر ميقاتي ضيف شرف على العمل؛ إذ يثري حضوره العرض بمشهد واحد، من خلال بحثه، كما المتلقي، عن مساحة أمان تنقذه من سجن خاص، دخله وأمضى فيه أكثر من خمسين عاماً.
يعاني أحد النزلاء نتيجة اختفاء والده أثناء الحرب، ليعود الأب إلى أهله ميتاً. بينما عانت النزيلة الثانية غياب زوجها عنها، هي التي حاربت من أجل هذا الزواج على الرغم من كل الاعتراضات. فيما يروي ميقاتي قصة حريق منزل والدته عن طريق الخطأ، والزج به في هذا السجن/المصح، ليلجأ إلى رسم السيدة العذراء يومياً، في محاولة للتغلب على سنوات طويلة قضاها وحيداً، باحثاً عن ملاذ أو شريك أو حتى شقيقته الوحيدة، لكن دون جدوى.
نرى تقدمّاً واضحاً في أداء معتوق لشخصية "أليكس" وتفاعله مع سيناريو كتبه أو صنعه بنفسه، وأتقن سر تفاصيله، وتنبض شريكته سولانج تراك بحرفية تؤهلها لرواية قصتها هي أيضاً، خصوصاً في حديثها عن شعورها بالوحدة الذي عاشته بعد زواجها.
حكاية أخرى يرويها معتوق هذه المرة في "إلى حدا ما" بعد مسرحيات لقيت قبولاً لدى المتابعين، مثل "أوضة سعاد" و"بضاعة ناعمة"، لكنه هذه المرة يفتح السجال حول لحظات التخلي الإنساني وتوجيه رسائل غير مباشرة لمن ظن بعضهم أنهم أقرباء له.