حقّق الأمن التونسي، مساء السبت، مع الإعلاميين برهان بسيس ومراد الزغيدي، وفق ما أعلنت مصادر صحافية مختلفة، بينها الإعلامي رياض جراد المقرب من نظام الرئيس التونسي قيس سعيّد، من دون تحديد التهم الموجهة إليهما، لتقرر بعدها النيابة العامة فجر الأحد احتجازهما على ذمة التحقيق وإيداعهما مركز توقيف بوشوشة في العاصمة التونسية.
ويأتي هذا التوقيف في ظل حملة شنّتها السلطات التونسية على عدد من الإعلاميين. إذ اقتحم الأمن، مساء السبت أيضاً، دار المحامي في العاصمة التونسية، وألقى القبض على المحامية والإعلامية سنية الدهماني بعد صدور أمر قضائي بالقبض عليها.
برهان بسيس ومراد الزغيدي وسنية الدهماني
ورغم أن تفاصيل وخلفيات الحملة غير واضحة المعالم بعد، لكن من المتوقع أن تكون للقبض على سنية الدهماني والتحقيق معها علاقة بالتحقيق مع برهان بسيس ومراد الزغيدي، خصوصاً أن الإعلاميين الثلاثة يعملون في البرنامج الإذاعي نفسه، أي Émission impossible الذي تبثّه إذاعة "إي إف إم" الخاصة، كذلك يعمل الثلاثة في البرنامج التلفزيوني "الدنيا زينة" الذي تبثه قناة "قرطاج +" الخاصة.
وجاء توقيف سنية الدهماني على خلفية ما صرحت به في "الدنيا زينة" عندما ردت على زميلها نجيب الدزيري، الذي اتهم المهاجرين غير النظاميين من جنوب الصحراء الأفريقية بالرغبة في الاستقرار في تونس، بالقول: "تونس بلد لا يطيب فيه العيش، وأبناؤه يغادرونه". وتعليقاً على عمليات الاعتقال والتحقيق، وصف مدير موقع الكتيبة المحلي وليد الماجري ما يحصل بـ"ليلة السكاكين الطويلة"، بينما رأى الصحافي وائل الونيفي أن" المعركة اليوم قديمة جديدة متجددة، معركة حقوق وحريات". يذكر أن برهان بسيس هو واحد من أبرز الإعلاميين في تونس، وسبق أن قدّم عدداً من البرامج الإذاعية والتلفزيونية. أما مراد الزغيدي فقد سبق له العمل في قناة كنال+ الفرنسية سنوات، ثمّ اختار العودة إلى تونس والاستقرار فيها بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي عام 2011.
ندوة لنقابة الصحافيين
وفي ظل تراجع حرية التعبير، نظّمت نقابة الصحافيين التونسيين، بالشراكة مع عدد من المنظمات الدولية والمحلية، ندوة تناولت أزمة التضييق على الصحافيين في البلاد، وتوظيف الجهاز القضائي لضرب واحد من أهم مكاسب الثورة التونسية (2011) وهو حرية الصحافة والتعبير. وأكد نقيب الصحافيين التونسيين زياد دبار لـ "العربي الجديد" أن "الندوة تأتي في إطار الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، ونُظّمت بالشراكة مع منظمات حقوقية دولية وتونسية، مثل الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، بهدف التنبيه والتحذير من المخاطر التي تتعرض لها الحريات في تونس، بعد تتالي سلسلة من المحاكمات والإيقافات التعسفية لزملائنا، منهم من يقبع الآن في السجن مثل شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب". وأضاف: "اليوم نحن مدعوون للدفاع عن حرية الصحافة والتعبير باعتبارهما عماد أي ديمقراطية، في ظل حالة من التوتر غير مسبوقة تعرفها تونس انعكست على الواقع الإعلامي بشكل سيئ، إضافة إلى تردي الأوضاع الاجتماعية للصحافيين".
وخلال الندوة، أجمع المشاركون على خطرين أساسيين، الأول هو توظيف نصوص قانونية مثل مجلة الاتصالات، والمرسوم 54 المتعلق بمكافحة جرائم الاتصال، وقانون مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال، لضرب كل رأي معارض للمنظومة الحاكمة الآن. أما الثاني فهو الإهمال المتعمد للمرسوم 115 المنظم عملَ الصحافيين التونسيين الذي لا ينص على عقوبات سالبة للحرية. كما أجمع المشاركون على أن تونس لم تشهد في تاريخ الصحافة مثل هذا العدد الهائل من التحقيقات والإيقافات التي تطاول الصحافيين. كما أكد المشاركون أن اعتماد عقوبة سالبة للحرية، أي السجن، من قبل القضاء التونسي أمر غير مقبول، "فقد باتت أبواب السجون مشرعة أمام الصحافيين التونسيين بسبب عملهم الإعلامي"، داعين السلطات القضائية التونسية إلى تحمل مسؤوليتها التاريخية والنأي بنفسها عن كل تصفيات للخصوم المفترضين للسلطة والحفاظ على استقلاليتها.