كشفت الهدنة المؤقتة في غزة عن تدمير الجيش الإسرائيلي لمركز رشاد الشوا الثقافي الذي كان صورة حضارية وثقافية، قبل أن يحوّله الاحتلال إلى غبار وأنقاض.
ولطالما احتضن مركز رشاد الشوا الثقافي، الذي أنشئ عام 1985 في حي الرمال في مدينة غزة شمالي القطاع، مختلف الأنشطة والفعاليات المحلية الفنية والثقافية والفصائلية، وصار الساحة الثقافية الأبرز في المدينة.
وخلال الحرب، استُخدم المركز لإيواء آلاف النازحين الذين هدمت منازلهم بفعل القصف الإسرائيلي على المدينة، لكنهم نزحوا بعدها باتجاه جنوب القطاع، ولم يكونوا داخله وقت تدميره، وفقاً لوكالة الأناضول.
وحتى قبل تدميره، واجه المركز عُزلة عن العالم، بفعل تواصل الحِصار الإسرائيلي، والوضع الاقتصادي الذي انعكس على مناحي الحياة الاجتماعية والثقافية في غزة، وأدى إلى عزوف الناس عن متابعة الأنشطة الثقافية، واتجاههم لتوفير متطلباتهم الأساسية.
وكان المركز يعاني من تصدّع بعض مرافقه بفعل قصف مُجاوِر طاول المجلس التشريعي الفلسطيني، وها هو ذا الآن أطلال.
ليس هذا المركز الضحية المعمارية والثقافية الوحيدة للعدوان الإسرائيلي على غزة. ففي العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، كتب الأستاذ المشارك في دائرة العلوم الاجتماعية والسلوكية في جامعة بيرزيت أباهر السقا: "بيت السقا، أو كما يسمّيه الناس قصر السقا، ويقع في حي الشجاعية في مدينة غزة، بُني في نهاية الفترة العثمانية في عهد السلطان محمد الرابع، بناه ابن عم جدي المرحوم أحمد السقا، من كبار تجار المدينة. أسواره مرصّعة بالأحجار الرملية والأسقف الرخامية الرومانية، عمره 350 عاماً، وخصصته العائلة ليتحول إلى مركز ثقافي بعدما رمّمته الجامعة الإسلامية، وتم قصفه ضمن القصف الاستعماري الوحشي. تقوم سلطات الاستعمار بإبادة التاريخ الحضري والمعماري للمدينة، بالتوازي مع الإبادة الجماعية".
منشور السقا جاء بعد قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي لبيت السقا التاريخي، وهو ما أكدته وزارة الثقافة الفلسطينية عبر صفحتها الرسمية في "فيسبوك".
ولفت مركز المعمار الشعبي الفلسطيني "رواق" ومقره مدينة البيرة في الضفة الغربية (وكان قد شارك في ترميم بيت السقا مع مركز إيوان التابع للجامعة الإسلامية في غزة) في منشور حديث إلى أن البيت قُصف بشكل كامل في التاسع من نوفمبر، حسب آسر السقا أحد أفراد العائلة المالكة للمبنى التاريخي الذي يقع في حي الشجاعية في مدينة غزة.