تزيد التمارين الرياضية من مستويات العوامل المضادة للالتهابات التي قد يكون لها تأثير وقائي على الدماغ، بالإضافة إلى إنتاج المزيد من الخلايا العصبية وتقليل الالتهاب، وفقا لدراسة أجريت على الفئران ونشرت في دورية Nature يوم الأربعاء 8 ديسمبر/ كانون الأوّل. كما يمكن نقل دم من الفئران النشطة إلى غير النشطة وهو ما يساعد الأخيرة على تحسين قواها الإدراكية.
بروتين مسؤول
تعمل هذه العوامل على تحسين التعلم والذاكرة عند نقلها إلى فئران لا تمارس الرياضة، وقد ثبت أنها تزداد في مجموعة صغيرة من المرضى الذين يعانون من ضعف إدراكي، والذين اتبعوا برنامجاً للتمارين الرياضية مدته 6 أشهر. تقدم النتائج رؤى جديدة حول آلية فائدة التمارين البدنية للدماغ، ودور التمارين الرياضيّة في زيادة إنتاج الخلايا العصبية.
في الدراسة، أظهر باحثون في كلية الطب بجامعة ستانفورد أن الدم المأخوذ من الفئران الشابة التي تتعرض للكثير من التمارين الرياضية يفيد أدمغة الفئران التي تعيش في نفس العمر وغير مستقرة. يبدو أن بروتيناً واحداً في دم الفئران التي تمارس الرياضة مسؤول إلى حد كبير عن هذه الفائدة، والتمارين الرياضية الكثيفة تساعد، بشكل أو بشكل آخر، على رفع نسبة هذا البروتين في الدم.
أي شخص يعاني من الإنفلونزا مثلاً يمكن أن يتعرض لنوع من فقدان الوظيفة الإدراكية الناتج عن عدوى فيروسية مسببة للحمى
الصحة الإدراكيّة
قارن الباحثون عينات الدم من فئران تمارس الرياضة وفئران كسولة من نفس العمر. وكشفوا أن عمليات نقل الدم من الفئران الجريئة قللت من التهاب الأعصاب في الفئران المستقرة وحسنت من أدائها الإدراكي. بالإضافة إلى ذلك، عزل الباحثون بروتيناً ينتقل عن طريق الدم ويبدو أنه يلعب دوراً مهمًا في تأثير التمارين المضادة للالتهابات العصبية. وقال توني ويس-كوراي أستاذ علم الأعصاب في جامعة ستانفورد، والمؤلف الرئيسي في الدراسة، إن الالتهاب العصبي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمراض التنكسية العصبية لدى البشر. وأضاف أن الدراسات التي أجريت على الحيوانات أشارت إلى أن الالتهاب العصبي يؤدي إلى حدوث اضطرابات تنكسية عصبية وأن عكس أو تقليل الالتهاب العصبي يمكن أن يطيل الصحة الإدراكية.
الالتهاب العصبي يؤدي إلى حدوث اضطرابات تنكسية عصبية وعكس أو تقليل الالتهاب العصبي يمكن أن يطيل الصحة الإدراكية
أمراض التنكّس العصبي
وأشار المؤلف الرئيسي للدراسة في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن أي شخص يعاني من الإنفلونزا مثلاً يمكن أن يتعرض لنوع من فقدان الوظيفة الإدراكية الناتج عن عدوى فيروسية مسببة للحمى. يشعر المرء بالخمول، والاضطراب، ولا يعمل العقل بشكل جيد. ووفقاً للباحث فإن ذلك يحدث كنتيجة للالتهاب الذي يصيب الجسم والذي يتبع العدوى. بينما يكثف الجهاز المناعي مكافحته، ينتقل الالتهاب إلى عقل الإنسان. كما يؤدي الالتهاب العصبي أيضاً إلى تفاقم تطور مرض ألزهايمر وأمراض التنكس العصبي الأخرى.
تجارب الفئران
يرجع المؤلفون التأثير الإيجابي للتمارين على الدماغ إلى عوامل في الدم، ويمكن نقل هذا التأثير إلى فرد في نفس العمر وغير ممارس الرياضة. في الدراسة الحالية، أجرى الباحثون تجارب على الفئران منحوا فيها بعض هذه الفئران الفرصة للجري في مقابل عجلات مغلقة، وبعد شهر لاحظوا أن الجري بمعدل ثابت كان كافياً لزيادة كمية الخلايا العصبية والخلايا الأخرى في أدمغة الفئران بشكل كبير بالمقارنة مع تلك الموجودة في الفئران التي لا تبذل أي مجهود أو تمارس أي نشاط حركي.
يمكن نقل دم من الفئران النشطة إلى غير النشطة وهو ما يساعد الأخيرة على تحسين قواها الإدراكية
تقوية الذاكرة
بعد ذلك، سحب الباحثون عينات دم من الفئران النشطة وغير النشطة، ثم حقنوا الفئران غير النشطة بالبلازما المشتقة من دماء الفئران النشطة. كشفت النتائج أن الفئران التي حصلت على دماء جديدة أصبحت أذكى، بحيث تفوقت في اختبارين مختبريين مختلفين للذاكرة، على الفئران التي لا تمارس أي نشاط حركي. بالإضافة إلى ذلك، كان لدى الفئران الخاملة التي تتلقى البلازما من الفئران النشطة عدداً أكبر من الخلايا التي تؤدي إلى ظهور خلايا عصبية جديدة في البنية الدماغية المرتبطة بالذاكرة.