استمع إلى الملخص
- قدمت نتفليكس برنامج "الحب أعمى: حبيبي"، حيث يتواصل المشاركون دون رؤية بعضهم البعض، مما يضفي طابعاً درامياً على قصص الحب والعلاقات.
- برنامج "قسمة ونصيب" يشبه "الحب أعمى" ولكنه يعتمد على إثارة الجدل والملابس الجريئة، محققاً مشاهدات عالية رغم الانتقادات لمحتواه السطحي.
قبل سنوات، حين عُرض برنامج ستار أكاديمي، كانت هناك قناة تلفزيونية خاصة تبثّ نمط الحياة التي يعيشها المشتركون الصبايا والشباب في منزل واحد على مدار 24 ساعة، وقد أثار هذا حفيظة كثيرين، على اعتبار أن ذلك لا يمثل شباب العالم العربي وعاداتهم وتقاليدهم. لكن بعد ذلك، بدأ الناس يتقبّلون هذا الأمر، على اعتبار أن البرنامج غنائي وفيه تدريس أكاديمي للطلاب المشتركين، وسيفوز في النهاية شخص منهم.
أخيراً، ضمن برامج تلفزيون الواقع، بثت منصة نتفليكس برنامجاً بعنوان "الحب أعمى: حبيبي" (نسخة عربية من فورمات موجود في أكثر من بلد). يجمع هذا البرنامج شباناً وصبايا في مكان واحد، في غرف مغلقة، ولا يرى بعضهم بعضاً. يتحدث الشاب والصبية من خلف الجدار، ويتناقشان حول أفكارهما وحياتهما وأسلوبهما في التعامل، وقد يُغرَمان من خلال الحوار بينهما فقط، ويقرران الارتباط ومن ثم يلتقيان، وقد تستمر الحكاية أو تتوقف عند هذا الحد، ومن ثم يأخذ كل ثنائي طريقه نحو الارتباط أو التعارف أو الانفصال، وتصل القصة للزواج رسمياً. كل هذا يحدث أمام الجمهور بحبكة يتضح من نقلها أنها مدروسة تماماً، سواء من ناحية الثنائيات التي ترتبط، والحوارات، والأحاديث، ليبدو كل شيء مبهرجاً وفاخراً ويشد الأنظار.
على المقلب الآخر أيضاً، نشاهد برنامجاً مشابهاً لكن إمكاناته أقل تقنياً، وإنما بانتشار أكبر، بعنوان "قسمة ونصيب". اشتهرت من خلاله ثنائيات من الشباب والصبايا العرب الذين يتعرفون بعضهم إلى بعض في مكان واحد، مقدمة البرنامج هي الفنانة ريتا حرب.
يتضح أن "قسمة ونصيب" يشد أنظار متابعيه من خلال الملابس المكشوفة للنساء، أو مواقف مليئة بالاقتتال والتضارب وبعض الشتائم والصراخ واللحظات الحميمية. ورغم أن هناك موجة انتقادات موجّهة للبرنامج، إلا أن هناك متابعين كثيرين له.
ما ساهم في انتشار البرنامجين هو تطبيق تيك توك الذي يقدم عبر حسابات مختلفة مقاطع لهذه البرامج لتصبح "ترند" ومتابَعة بشدة. والغريب أن المحتوى في "الحب أعمى" و"قسمة ونصيب" هو مجرد حوارات سطحية وقصة حب تُبنى بالغصب أمام الكاميرات، وعلاقات مفتوحة على بعضها لا تثمر ولا تغني المشاهد بشيء سوى تضييع الوقت والتسلية. ورغم أن التسلية مشروعة طبعاً، لكنها تُقَدَّم على طبق من فراغ بقصص لا تخلو من السذاجة والتمثيل ومحاولة اصطناع الترند، ما يجعل المراهقين والمراهقات تحديداً يسعون إلى البحث عن الحبيب المنشود نتيجة مشاهدتهم هذه البرامج، ما قد يؤدي إلى تشويه الصورة التي برؤوسهم عن الحب والزواج.
رغم هذا كله، وعلى صعيد الانتشار، يحقق هذا النوع من البرامج مشاهدات كثيرة وتفاعلاً هائلاً عبر وسائل التواصل، لا سيما من فئات الشباب.
يُعزى ذلك إلى عوامل عدة، أبرزها الرغبة في التسلية أو الطموح في الوصول إلى حياة مشابهة، أو للإعجاب بشكل المشاركات والمشاركين. وبالتالي، تقدّم هذه البرامج أرباحاً كبيرة للقائمين عليها ومنتجيها، لكنها لا تقدم ما هو مفيد.
يُذكَر أن هذا النوع من البرامج ليس جديداً كلياً على العالم العربي، فقد سبقَ أن أُنجِز برنامج يجمع مجموعة صبايا في منزل واحد ليختار منهن أحد "العرسان" من خلال متابعة نمط حياتهن على الشاشة، على أن تربح المشتركة (إلى جانب الزوج) عرساً ومبلغاً من المال. البرنامج اسمه "ع الهوا سوا"، نُفِّذ في لبنان وربحت فيه اللبنانية ميرفت فوعاني، ولم تُنجز مواسم أخرى منه كونه لم يلقَ القبول الجماهيري الكافي.