الخلايا الدهنية: آلية تحمي الجسم من الطاقة الزائدة

04 ديسمبر 2024
تلعب الأنسجة الدهنية دوراً حاسماً في الحفاظ على التوازن الأيضي (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- حدد الباحثون آلية في الخلايا الدهنية تعتمد على "الكهوف الخلوية" لتخزين الطاقة بأمان، مما يحمي الأعضاء الحيوية من التأثيرات السامة لتراكم الدهون.
- الدراسة تعمق الفهم للأمراض الأيضية وتفتح المجال لتطوير علاجات جديدة للسمنة ومتلازمة التمثيل الغذائي، حيث يلعب بروتين الكافولين-1 دوراً محورياً في تكيف الخلايا مع التوتر الميكانيكي.
- تحسين فهم وظيفة الكهوف الخلوية وبروتين Cav-1 يمكن أن يسهم في تطوير علاجات تعزز مرونة الخلايا الدهنية وتقلل من المخاطر الصحية المرتبطة بفرط تحميل الدهون.

استطاع باحثون تحديد آلية أساسية في الخلايا الدهنية (الشحمية) تمكنها من التوسع بأمان لتخزين الطاقة. تتجنب هذه العملية تلف الأنسجة وتحمي الجسم من التأثيرات السامة لتراكم جزيئات الدهون في أماكن غير مناسبة، وفقاً للنتائج التي نشرت يوم 28 نوفمبر/ تشرين الثاني في مجلة Nature Communications.

تشير الدراسة إلى تقدّم كبير في فهم الأمراض الأيضية، وتفتح الباب أمام تطوير استراتيجيات علاجية جديدة لمكافحة الأمراض المرتبطة بالزيادة المزمنة في الطاقة، مثل زيادة الوزن والسمنة والضمور الشحمي ومتلازمة التمثيل الغذائي ومضاعفاتها القلبية الوعائية والأيضية الخطيرة.

يقول المؤلف الرئيسي للدراسة ميغيل دولبوزو، أستاذ علم البيولوجي في المركز الإسباني الوطني لأبحاث أمراض القلب والأوعية الدموية، إنه في المجتمعات الحديثة، حيث تهيمن أنماط الحياة المستقرة والوجبات ذات السعرات الحرارية العالية، تلعب الأنسجة الدهنية دوراً حاسماً في الحفاظ على التوازن الأيضي.

تخزّن الخلايا الدهنية الطاقة على شكل دهون، ما يحمي الأعضاء الحيوية، مثل الكبد والدماغ، من التأثيرات السامة لتراكم الدهون. "ومع ذلك، فإن عملية تخزين الدهون ليست خالية من المخاطر. فعندما تحمل الخلايا الدهنية فوق طاقتها، قد تنفجر، ما يؤدي إلى إطلاق مواد ضارة تسبب التهابات واضطرابات في العمليات الأيضية"، يضيف دولبوزو في تصريحات لـ"العربي الجديد".

يشير المؤلف إلى أن الفريق البحثي ركز على فهم كيفية تكيف الخلايا الدهنية لتحمل الإجهاد الميكانيكي الناتج عن توسعها لتخزين الدهون الزائدة. وأظهرت النتائج أن التجاويف الدقيقة في أغشية الخلايا، المعروفة باسم "الكهوف الخلوية"، تلعب دوراً حاسماً في تخفيف هذا الإجهاد وتمكين الخلايا من التوسع بأمان.

تعمل الكهوف الخلوية مستشعرات ومخففات للإجهاد الميكانيكي. وأوضح المؤلف الرئيسي للدراسة أنه عندما تتراكم الدهون في الخلايا الدهنية، فإن التوتر السطحي المتزايد يؤدي إلى انبساط الكهوف الخلوية، فتُطلق مادة إضافية من الغشاء تسمح للخلايا بالتوسع. وعندما تنخفض احتياطيات الدهون، تعيد هذه الكهوف تنظيم نفسها لاستعادة استقرار الخلية ومنع الإجهاد الهيكلي غير الضروري.

إلى جانب دورها الهيكلي، تنظم الكهوف الخلوية عمليات الأيض في الخلية. وترسل المكونات الجزيئية لهذه البنى إشارات إلى أجزاء أخرى من الخلية لتعديل النشاط الأيضي بما يتناسب مع احتياطيات الطاقة. هذا التواصل الداخلي يجعل الكهوف الخلوية عنصراً أساسياً في تخزين الطاقة بكفاءة، وفقاً لتصريحات الباحث.

ومع ذلك، في حالة غياب الكهوف الخلوية أو تعطلها، تفقد الخلايا الدهنية مرونتها وتصبح عرضة للتمزق، ومن ثم يؤدي ذلك إلى تقليل قدرة الجسم على تخزين الدهون بأمان، ما يطلق استجابات التهابية تؤدي إلى مشكلات أيضية وقلبية وعائية خطيرة، مثل نقص الدهون.

يشكل بروتين الكافولين-1 (Cav-1) حجر الزاوية في وظيفة الكهوف الخلوية. ولتتمكن الكهوف من التكيف مع التوتر الميكانيكي، يجب أن يخضع هذا البروتين إلى عملية كيميائية تعرف بـ"الفسفتة"، إذ تضاف مجموعة فوسفات إلى حمض أميني محدد. "للتعمق في هذه العملية، طورنا نموذج فأر معدل وراثياً يعبر عن نسخة معدلة من بروتين Cav-1 لا يمكن فسفتته. كشفت النتائج أن الخلايا الدهنية غير القادرة على فسفتة البروتين تفشل في التوسع بفعالية، ما يحد كثيراً من قدرتها على تخزين الطاقة والحفاظ على سلامتها الهيكلية. أدى هذا الفشل إلى تطور نقص الدهون ومضاعفاته الأيضية الخطيرة"، يقول دولبوزو.

يرى الباحث أن هذه النتائج التي عرضتها الدراسة تقدم فهماً أعمق لكيفية استجابة الأنسجة الدهنية للقوى الميكانيكية المرتبطة بفائض الطاقة. وفي سياق السمنة ومتلازمة التمثيل الغذائي، تعتبر هذه الآلية الوقائية أساسية لتقليل الضرر.

يضيف: "قد يكون لهذا الاكتشاف تأثير كبير على مكافحة الحالات المزمنة المرتبطة بفائض الطاقة، مثل السمنة ومتلازمة التمثيل الغذائي. من خلال استهداف الآليات التي تتحكم في وظيفة الكهوف الخلوية وبروتين Cav-1، نأمل في تطوير علاجات تعزّز مرونة الخلايا الدهنية وتحسن الصحة الأيضية".

علاوة على ذلك، يمكن أن تساعد هذه المعرفة في تصميم استراتيجيات لمنع الالتهابات والمضاعفات الأخرى المرتبطة بفرط تحميل الدهون، ما يقلل من المخاطر القلبية والتمثيلية المرتبطة بهذه الحالات.

المساهمون