تتنافس ثلاث مدن في العالم على لقب عاصمة الألماس، وهي سورت في الهند وأنتويرب البلجيكية وتل أبيب الإسرائيلية. وتجاهد المدن هذه للحفاظ على صناعة وتجارة الألماس، نظراً إلى قيمته المادية الكبيرة ومساهمته في اقتصاد هذه البلدان.
يشكّل الألماس ربع صادرات إسرائيل التي تبلغ 12 في المائة من الإنتاج العالمي. ويمثل ذلك مصدر دخل كبيراً للاحتلال الإسرائيلي، إذ تقدر عائدات هذه الصناعة بعدة مليارات من الدولارات سنوياً، يستفيد منها الاحتلال في تمويل عملياته العسكرية ضد الفلسطينيين وتطوير صناعاته الحربية وبناء المستوطنات. ولهذا، دعت حركة المقاطعة "بي دي إس" إلى اعتبار الألماس المجهز في إسرائيل ماساً للصراع، وإدراجه ضمن الألماس الدموي المحرم. كما تستثمر إسرائيل بتكنولوجيا متطورة بصقل الألماس، ومنها آلات ليزرية لقص هذه المادة الثمينة. وتمول الحكومة الإسرائيلية بالكامل معهد الألماس الإسرائيلي.
تعتمد تجارة الألماس في الكيان الإسرائيلي على إرث العائلات اليهودية التي عملت بالحرف التقليدية منذ قرون، ومنها صقل وتجارة الألماس، إذ اخترع قاطع الألماس اليهودي لودفيك فان آلة التلميع المعروفة باسم سكيف، في أواخر القرن الخامس عشر.
يروي المسلسل البلجيكي "عائلة الألماس" (نتفليكس، 2023)، قصة عائلة يهودية من الطائفة الحريدية الأرثوذكسية، توارثت تجارة الألماس في مدينة أنتويرب البلجيكية التي تفخر بأنها مدينة الألماس في العالم، وحيث يسيطر اليهود على هذه التجارة منذ نشأتها عام 1447.
يتناول المسلسل، المؤلف من ثماني حلقات، قصة تراجع وانهيار هذه التجارة، وانتقال مركزها من المدينة البلجيكية إلى الهند، وأيضاً وصول الشركات الهندية إلى المدينة، واستيلائهم على اتحاد منتجي الألماس فيها، وسيطرتهم على تجارة الألماس محل العائلات اليهودية. ويترافق ذلك مع ظهور الألماس الصناعي، ونشاط عمليات تهريب الألماس الدموي، وغسيل الأموال عبر تجارة الألماس.
انتقل نحو 90 في المائة من صناعة الألماس إلى الهند، وبقي في أنتويرب 1700 فقط من صاقلي الألماس، مقارنة بـ25 ألفاً قبل ثلاثة عقود، لكن ما زالت ثمان من كل عشر ماسات غير مصقولة، وواحدة من كل ماستين مصقولتين تمر عبر أنتويرب.
الآن، يتم تقطيع معظم الألماس الخام في العالم في الهند، ويرتبط بهذه الصناعة مليون شخص تقريباً في مدينة سورت، بينما تزدحم الصين بمصانع إنتاج الألماس الصناعي بكميات لانهائية.
لم تكن العائلة اليهودية المتدينة، وولفسون، ترضى الدخول في نشاط المافيا الألبانية والتي تلاحقها السلطات البلجيكية، لولا انتحار الشقيق الصغير الذي تورط في ديون ثقيلة، جعلت المخرج منها قبول التعاون مع المافيا الألبانية عبر وسيط عربيـ والتعاون أيضاً مع الشرطة والمدعي العام البلجيكي بالكشف عن مصرف سري خاص للتجار اليهود يقوم بتحويل الأموال ومنها الأموال المشبوهة عبر تل أبيب، وهذا يعتبر خيانة للمجتمع اليهودي الحريدي، ما قد يتسبب بقطيعة العائلة مع مجتمعها. وهنا نذكر أن الشريك الأول لإسرائيل في تجارة الألماس هي دولة الإمارات العربية المتحدة،
يرصد المسلسل، عبر سيرة العائلة اليهودية وسيرة أبنائها المنتحر يانكي والمنشق نوح والمتدين الغشاش إيلي والمستقيمة المضطرة غيلا، اهتزاز عرش أنتويرب وتراجع مكانتها لصالح مراكز أخرى، خصوصاً في الصين والهند التي أنشأت بورصة خاصة بالألماس في مدينة بومباي، وتوصف اليوم بأنها أكبر مركز عالمي للتداول في الألماس. وباتت الهند تحتل المرتبة الأولى على قائمة مصدري الألماس المصقول.
ينتهي المسلسل المنتج بشراكة بلجيكية إسرائيلية نهاية سعيدة؛ إذ يتمكن الابنان نوح وغيلا من إنقاذ تجارة العائلة عبر تسوية مع السلطات البلجيكية، ويقود نوح الابن المتمرد والمنشق عن العائلة والطائفة بنجاح شركة عائلته وولسفون للألماس.