العلاقة بين الربو وضعف الذاكرة عند الأطفال

20 نوفمبر 2024
يزيد خطر تعرضهم لمشاكل إدراكية في المستقبل (Getty)
+ الخط -

كشف بحث جديد عن تأثيرات أعمق للربو تتجاوز الأعراض الجسدية المعروفة، إذ تشير النتائج إلى أنه قد يؤثر على القدرات الإدراكية للأطفال، خاصة الذاكرة. تشير الدراسة إلى أن الربو يرتبط بصعوبات في الذاكرة لدى الأطفال، مع تأخر أكبر في تطور الذاكرة لدى الأطفال الذين أصيبوا بالمرض في سن مبكرة.

نشرت هذه الدراسة في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني في دورية JAMA Network Open، وهي الدراسة الأولى من نوعها التي تربط بين الربو وضعف الذاكرة لدى الأطفال.

تقول المؤلفة الرئيسية للدراسة سيمونا جيتي، أستاذة علم النفس في مركز العقل والدماغ في جامعة كاليفورنيا - ديفس: "تسلط هذه الدراسة الضوء على أهمية النظر إلى الربو باعتباره مصدراً محتملاً للصعوبات الإدراكية لدى الأطفال. نحن بحاجة إلى فهم العوامل التي قد تزيد من هذه المخاطر أو تحمي منها".

توضح جيتي في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن الربو هو حالة مزمنة تؤثر على حوالي 4.6 ملايين طفل في الولايات المتحدة الأميركية وحدها، و260 مليون شخص حول العالم، وتؤدي إلى صعوبات في التنفس نتيجة التهاب وتضيق في الشعب الهوائية.

وبينما تعد الأعراض الجسدية للربو معروفة جيداً، لم تُستكشف آثاره الإدراكية، خاصة في مرحلة الطفولة، وهي فترة حاسمة لنمو الدماغ والذاكرة.

استخدمت الدراسة بيانات من مشروع تطور الدماغ والإدراك لدى المراهقين (ABCD Study)، الذي يتابع صحة وتطور 11.800 طفل منذ عام 2015. وركز الباحثون على دراسة 2062 طفلاً تراوح أعمارهم بين تسع وعشر سنوات ممن يعانون من الربو، لاستكشاف تأثير الحالة على الذاكرة العرضية، وهي نوع من الذاكرة التي تتيح استرجاع الأحداث والتجارب الشخصية. وجدت الدراسة أن الأطفال المصابين بالربو حصلوا على درجات أقل في اختبارات الذاكرة العرضية مقارنة بأولئك الذين لا يعانون من المرض.

وفي عينة أصغر مكونة من 473 طفلاً تُوبعوا على مدى عامين، أظهر الأطفال الذين أصيبوا بالربو في سن مبكرة تطوراً أبطأ في قدرات الذاكرة مقارنة بأولئك الذين لم يصابوا بالمرض، أو أصيبوا به في وقت لاحق من الطفولة. "تشكل الذاكرة العرضية العمود الفقري لرواياتنا الشخصية، فهي تساعدنا على تذكر الأحداث والأشخاص والأماكن والعواطف المرتبطة بها، والطفولة هي فترة تطور سريع للإدراك، ولكن هذا التقدم قد يتباطأ لدى الأطفال المصابين بالربو"، تقول جيتي.

تشير النتائج إلى أن الربو قد يضع الأطفال على مسار تطوري يزيد خطر تعرضهم لمشاكل إدراكية في المستقبل.

وسبق أن ربطت دراسات سابقة الربو بزيادة خطر الإصابة بالخرف ومرض ألزهايمر لدى البالغين، وفقاً للباحثة، التي تشير إلى أن الربو قد يضع الأطفال على مسار يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بحالات خطيرة متعلقة بالذاكرة في مرحلة البلوغ. كما سلطت الدراسة الضوء على آليات محتملة لهذه الصعوبات في الذاكرة، بما في ذلك الالتهاب المزمن ونقص الأكسجين المتكرر الناتج عن نوبات الربو.

وفي النماذج الحيوانية، أظهرت الأدوية الشائعة لعلاج الربو تأثيرات قابلة للقياس على الحُصين، وهي منطقة في الدماغ تلعب دوراً أساسياً في الذاكرة العرضية لكل من البشر والحيوانات.

وعلى الرغم من أن الدراسة لم تحقق مباشرةً في التدخلات العلاجية، فإن النتائج تؤكد أهمية التعرف المبكر إلى التأثيرات الأوسع للربو وإدارتها. تقول الباحثة إنه من خلال مراقبة التطور الإدراكي للأطفال المصابين بالربو عن كثب، يمكن للآباء والمعلمين ومقدمي الرعاية الصحية المساهمة في التخفيف من الآثار طويلة المدى المحتملة.

يدعو مؤلفو الدراسة إلى إجراء مزيد من الأبحاث لفهم أفضل للآليات التي تقف وراء هذه التأثيرات الإدراكية، واستكشاف العوامل الوقائية التي يمكن أن تساعد الأطفال المصابين بالربو على الحفاظ على تطور طبيعي للذاكرة. "تسلط هذه الدراسة الضوء على أن الأمراض المزمنة مثل الربو والسكري وأمراض القلب لا تشكل فقط تحديات جسدية، ولكن قد تشكل أيضاً مخاطر إدراكية كبيرة"، تضيف جيتي.

ومع ارتفاع معدلات الإصابة بالربو عالمياً، تؤكد الدراسة على الحاجة إلى اتباع نهج شامل في تقديم الرعاية. ومن خلال معالجة الأبعاد الجسدية والإدراكية للحالات المزمنة مثل الربو، يمكن لأنظمة الرعاية الصحية أن تدعم تطور الأطفال ورفاههم على المدى الطويل.

المساهمون