أصبحت الأجهزة الرقمية جزءاً مهماً من حياتنا وعاداتنا اليومية، لذلك ربما ينظر الكثيرون إلى القلم والورق على أنهما من الماضي.
لكن وجدت دراسة جديدة أن هناك أسباب قد تدفعنا إلى مواصلة الاعتماد على الأوراق، إذ إن الأشخاص الذين يكتبون باليد على الورق يتعرضون لنشاط دماغي أكثر من أقرانهم الذين يدخلون البيانات في جهاز إلكتروني. كما أنّ البيانات التي يتم كتابتها على الورق تُحفَظ بشكل أكثر فعاليّة، ويتم استحضارها بشكل أسرع من البيانات التي يتمُّ إدخالها عن طريق لوحة المفاتيح.
تشير الدراسة المنشورة يوم 19 مارس/ آذار في مجلة Frontiers in Behavioral Neuroscience وأعدها باحثون يابانيون إلى أن الكتابة على الورق تسهم في مزيد من نشاط الدماغ، عند عملية تذكر المعلومات بعد ساعة، بشكل أفضل بكثير من الكتابة على الكمبيوتر أو الهواتف الذكية.
أجريت الدراسة على طلاب الجامعات اليابانية والخريجين الجدد، ووفق النتائج، فإن المعلومات الفريدة والمعقدة والمكانية واللمسية المرتبطة بالكتابة اليدوية على الورق المادي هي على الأرجح ما يؤدي إلى تحسين الذاكرة.
المعلومات الفريدة والمعقدة والمكانية واللمسية المرتبطة بالكتابة اليدوية على الورق المادي هي على الأرجح ما يؤدي إلى تحسين الذاكرة
يقول المؤلف الرئيسي في الدراسة وعالم الأعصاب في جامعة طوكيو البروفيسور كونيوشي إل ساكاي، في تصريح لـ"العربي الجديد": "خلافاً للاعتقاد الشائع بأن الأدوات الرقمية تزيد من الكفاءة، أكمل المتطوعون الذين استخدموا الورق مهمة تدوين الملاحظات بنسبة 25٪ أسرع من أولئك الذين استخدموا الأجهزة اللوحية الرقمية أو الهواتف الذكية، إلى جانب الاختلافات في عمليات تنشيط الدماغ". وأضاف: "في الواقع، يعد الورق أكثر تقدماً وفائدة مقارنة بالوثائق الإلكترونية، لأن الورق يحتوي على معلومات فريدة من نوعها لاسترجاع ذاكرة أقوى".
في الدراسة الجديدة، جمع الباحثون 48 متطوعاً لقراءة محادثة متخيلة بين شخصين يتحدثان عن خططهما المستقبلية. تضمنت المناقشة 14 فصلاً دراسياً مختلفاً وتواريخ استحقاق مهمة ومواعيد مجدولة. قام الباحثون أيضاً بتقسيم المشاركين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً إلى ثلاث مجموعات وفقاً لمهارات الذاكرة والتفضيلات الشخصية للطرق الرقمية أو الورقية والجنس والعمر.
قامت المجموعات بتسجيل الجداول والمعلومات التي تناولتها المحادثة باستخدام دفتر ملاحظات ورقي وقلم أو تطبيق كتابة باستخدام جهاز لوحي وقلم أو تطبيق على هاتف ذكي باستخدام لوحة مفاتيح تعمل باللمس. لم يأخذ المشاركون وقتاً إضافياً لحفظ المعلومات بعد الانتهاء من المهمة. بعد استراحة لمدة ساعة واحدة وإلهاء المشاركين بمهام أخرى للتركيز فيها ودفعهم لعدم التفكير في ملاحظاتهم المدونة ورقياً أو رقمياً، اختبر الباحثون المشاركين في المحادثة. تراوحت أسئلة الاختيار من متعدد في الصعوبة من البسيط إلى الأكثر تعقيداً.
خلال هذا الاختبار، فحص مؤلفو الدراسة نشاط الدماغ باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي.
لاحظ العلماء زيادة تدفق الدم في مناطق معينة من الدماغ في أثناء استخدام الورق، وهي علامة على ارتفاع نشاط الخلايا العصبية. وكشفت النتائج أن الشباب الذين يستخدمون الورق أكملوا تدوين الملاحظات في 11 دقيقة فقط، في حين انتهى مستخدمو الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية من نفس المهمة في خلال 14 و16 دقيقة على التوالي. كما سجل المتطوعون الذين استخدموا القلم والورق درجات أعلى في اختبار الاختيار من متعدد. يلفت المؤلف الرئيسي في الدراسة إلى أنه رغم أن التجربة شملت الشباب فقط، فإنه وفريقه يعتقدون أن العلاقة بين الكتابة على الورق ونشاط الدماغ ستكون أقوى عند الأطفال.